القاهرة: شن المعارض المصري أيمن نور- زعيم حزب الغد- هجوما لاذعا ضد جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب الوطنى الحاكم، وأمين لجنة السياسات، وطالبه بتبرير وجوده في الحياة السياسية المصرية إذا لم يكن يسعي إلي خلافة والده، كما طالبه بالنزول إلى الشارع للتحاور مع المجتمع ومع الشباب مباشرة وليس من خلال شبكة الانترنت كما حدث مؤخرا في حواره عبر موقع "الفيس بوك" .
وحسبما ذكرت صحيفة "الدستور" المصرية المستقلة، انتقد نور استخدام جمال مبارك لموقع "الفيس بوك" الاجتماعي على شبكة الانترنت، وقال: "لماذا يلجأ جمال مبارك للفيس بوك وهو وسيلة إعلامية للغلابة ويترك الإعلام الحكومي الذي أصبح ملكاً له والإعلام شبه المستقل الذي يتعامل معه بنظرية الشقة المفروشة، والذي بدأ في الترويج له".
وأكد نور في مؤتمر عقده في الاسكندرية استمرارا لما يسميه بـ "حملة طرق الأبواب": "علي جمال مبارك إذا أراد أن يتحاور مع المجتمع ومع الشباب أن ينزل إلي الشارع ويلتقي الجماهير، ولكن الحوار الذي تم كان حواراً من طرف واحد لم يشارك فيه سوي بضعة آلاف، وبعد جهود مكثفة من الحزب ومجهود شاق من وزارة الاتصالات، في حين أن شباب 6 أبريل استطاعوا جمع مئات الآلاف من الأعضاء في الجروب الخاص بهم بمجهود أقل من ذلك".
وأضاف نور: "جمال مبارك تجاهل أسئلة التوريث ولكنه يجب أن يبرر وجوده في الحياة السياسية إذا لم يكن يسعي إلي التوريث، ويجب أن يعلم أنه لا يعمل بالسياسة وما يقوم به لا يعتبر اشتغالاً بالسياسة، ولكن السياسة هي التي تعمل عنده، فهو لم يتم انتخابه في الرئاسة أو مجلسي الشعب أو الشوري أو المحليات أو حتي الانتخابات الطلابية ولكنه يمارس دوره في كل ذلك ويمارس دوره كرئيس خفي لمصر".
وتابع: "كان يجب علي جمال مبارك أن يعتذر لشباب 6 أبريل الذين تم اعتقالهم بسبب استخدامهم للفيس بوك للتعبير عن آرائهم قبل أن يجري حوراً مع الشباب باستخدام نفس الوسيلة لأنه لا يجب أن يستحل شيئاً ما لنفسه ويحرمه علي شباب مصر".
من ناحية أخرى، طالب نور برقابة دولية علي الانتخابات في ظل غياب الإشراف القضائي، مشيراً إلي أن المؤسسات في مصر تحتاج إلي رقابة حقيقية لكشف كوارث النظام، وقال "البعض تحدث عن أن صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى لا ينفرد بقرار داخل لجنة شئون الأحزاب وأنا أؤيد هذا الرأي، لأن أمن الدولة هو صاحب القرار الوحيد داخل اللجنة وليس الشريف أو الوزير مفيد شهاب".
واستطرد نور: "النظام الآن فقد رصيده عند الشعب وأصبح لا يستطيع أن يجمل في صورته القبيحة لذلك فهو يلجأ إلي تشويه صورة المعارضة".
وحمل نور الحكومة المصرية مسئولية أزمة المياه الحالية، مشيراً إلي أن الرئيس مبارك زار العديد من الدول عشرات المرات لتحقيق أهداف سياسية بعيدة ولكن لم يقم بزيارة أي من الدول أطراف مشكلة مياه النيل.
وفي موضوع آخر، قال نور أنه يتمني أن يعود الرئيس مبارك بنتائج جيدة، وأن يحقق مكاسب للشعب المصري من خلال زيارته لأمريكا وتحقيق شراكات اقتصادية فعلية ليست عن طريق المعونات، ولكن علي مبارك أن يجلس مع الجالية المصرية في أمريكا مثلما سيجلس مع أعضاء الإيباك وعدد من المنظمات اليهودية،
وبدلاً من أن تقوم السفارة المصرية بحجز الشوارع المحيطة بالبيت الأبيض لمنع المصريين من التظاهر أثناء الزيارة كان يجب عليه حجز قاعة لمقابلة الجالية المصرية، وبدلاً من الهجوم علي أقباط المهجر بعد إعلانهم تنظيم مظاهرة أثناء زيارة مبارك كان يجب علي الرئيس أن يجلس معهم لأنه حقهم كما أن من حقهم أن يتظاهروا.
جمال مبارك وحديث عن كل شى إلا التوريث
جمال مبارك
كان مبارك الابن قد اعترف فى حواره الذى استمر لأكثر من 3 ساعات عبر الإنترنت، بوجود مشكلة فساد حقيقية فى مصر، واعترف بوجود إحساس واضح لدى المواطنين بالخوف من قانون الطوارئ، مطالبا فى الوقت ذاته الشباب بالبعد عن الآراء المتجمدة والتحزب، وكسر القوالب القديمة.
غير أن أمين السياسات بالحزب الوطنى أعرب مرارا عن تفاؤله الموضوعى الذى يحتاج لجهد وعمل، مستشهدا فى أكثر من موضع باستطلاع الرأى العام الأخير الذى أجراه الحزب الوطنى فى يونيو الماضى.
وحسبما ذكرت صحيفة "الشروق" المصرية ، فقد تجاهل جمال مبارك الرد على جميع الأسئلة الخاصة بالتوريث، ومستقبل الحكم فى مصر، رغم أنه تلقى العشرات من الأسئلة حول هذا الملف عبر صفحة تم تدشينها على موقع "الفيس بوك".
جمال الذى استقبل الكم الكبير من الانتقادات على سياسات الحكومة بابتسامة وتعليقات جانبية مع الباحثين الذين حضروا اللقاء بالأمانة العامة للحزب، قال: توجد مشكلة فساد حقيقى فى مصر، مشيرا إلى أن حالة انفتاح المجتمع المصرى، والحرية الواسعة هى التى كشفت الفساد بشكل كبير، وشدد فى الوقت ذاته على أنه «لا محاباة لأى شخص داخل الحزب يحاول أن يفسد أو يستغل مكانه.
كما أقر جمال فى حواره الذى أداره عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار بالتليفزيون المصرى أن المبعوث حين يعود لأرض الوطن يصطدم بواقع محبط وغير مشجع لا يمكنه من أن يبدع أو حتى ينقل تجربته الثرية لأرض الواقع، فيصاب نسبة من الشباب بالإحباط.
ووعد جمال بتطوير البحث العلمى فى مصر، وتوفير حياة كريمة للباحث من زياده دخله.
وجاءت أكثر المحاور سخونة، محور الإصلاح السياسى، وقال: نحن نتطلع لآفاق أكبر فى التغيير.. لكن هذه الإجابة قابلها اعتراض من أحد الباحثين حين قال، يتحدث الوطنى عن التغيير دون أن يحدث ذلك رغم أنه يملك أدوات تنفيذ التغيير.. فأين المشكلة؟
هنا علق جمال قائلا: دعونا نتفق على أنه مهما كان للحزب الوطنى أغلبية فى قضايا بعينها، ينبغى أن يكون عليها توافق مجتمعى، وعلى سبيل المثال الجدل المثار حول نسبة الـ50% فلاحين و50% عمال.
وقال: إن حصول الحزب الوطنى على أغلبية لا يعنى بالضرورة أنه ينفرد بكل القضايا، وينبغى أن تكون التعددية الحزبية هى الغالبة على المجتمع.
واعترف جمال بأن هناك إحساسا واضحا لدى المواطنين بالخوف من قانون الطوارئ، مطالبا بسرعة إصدار قانون الإرهاب، واعترف أيضا بوجود مشكلات لدى الأقباط فى مصر، مؤكدا أن حلها الوحيد هو الحوار الهادئ والمصارحة.
وبشأن ملف المياه واتفاقية حوض النيل، شدد جمال على أنه "لا يوجد تنازل أو تهديد أو خطورة على حصة مصر، لكن فى الوقت نفسه نحتاج لمد خطوط التواصل، والتنسيق مع دول حوض النيل فهذه تمثل عمق أمن قومى فى مصر".
قضية التوريث
في نفس السياق، لا يخفي الدبلوماسيون الغربيون فى القاهرة اهتمامهم بما يصفونه "بالدور المتنامى لجمال مبارك" في الحياة السياسية المصرية. كما أنهم لا يعبرون عن نفور من فكرة خلافة مبارك الابن لمبارك الأب.
ويرى مراقبون إن حرص الولايات المتحدة بالأساس هو على استقرار مصر السياسى، ويضيف البعض أولوية أخرى، وهى الحيلولة دون وقوع السلطة المصرية فى أيدى تنظيم الإخوان المسلمين، وهو ما قد يدفع فى رأيهم إلى انتشار سريع للفكر الراديكالى فى المشرق والمغرب العربيين على حد سواء.
وفيما يتعلق باحتمالات تولى جمال مبارك الرئاسة فى مصر خلفا لأبيه، فإجابات الدبلوماسيين الأمريكيين عادة ما تتخذ شكل تنويعات على الصيغة التالية: لو أن جمال استطاع أن يحصل على الدعم الكافى من الدوائر المختلفة للحكم فى مصر، وأمكنه أن يمرر انتخابه بصورة دستورية ــ بعيدا عن النسب المئوية المبالغ فيها ــ وبدأ حكمه بإعلان تحديد مدة حكم أى رئيس بمدتين، فلماذا يجب استثناؤه من هؤلاء الذين لديهم فرصة لحكم مصر بما يفيد العلاقات المصرية الأمريكية، ودور مصر الإقليمى؟.
ولا ينكر المعنيون بمتابعة العلاقات المصرية ـ الأمريكية، سواء فى القاهرة أو واشنطن، أن تشعب قضايا المصالح الحاكمة للعلاقات المصرية ــ الأمريكية تدفع بالعاصمة الأمريكية، فى التحليل النهائى، للتعامل البرجماتى مع القاهرة، بما يعنى تفادى شخصنة علاقات هى بالتأكيد إستراتيجية، أو اختزال هذه العلاقات فى الرهان على فريق أو شخص ضد أخر.
بل إن بعضهم يضيف أن واشنطن لا تستطيع ذلك حتى إن أرادت. ولكنهم سرعان ما يضيفون أن واشنطن لن تتردد فى بذل كل ما بوسعها لتأمين المصالح الأمريكية المباشرة فى مصر، وعلى رأسها مبنى السفارة الأمريكية، وأمن الجالية الأمريكية كبيرة العدد المتواجدة فى العاصمة المصرية وغيرها من المدن المصرية.
ويقول دبلوماسى أمريكى، رفض ذكر اسمه، "لو أن جمال سيحقق الاستقرار لمصر، وسيستطيع خلال الدفع بها نحو مزيد من الاستقرار ومزيد من الديمقراطية، وسيحافظ على دورها فى تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، دون أن يواجه بخصومة شديدة تتمثل فى اضطرابات واسعة يتم قمعها بوليسيا، فإن مصلحة الولايات المتحدة هى فى دعمه". ويضيف "الاختيار هو للشعب المصرى، واختيار أمريكا لتقديم الدعم سيبقى مرهونا بتفاعلات الشعب المصرى".
الأحد , 16 - 8 - 2009 الساعة : 1:6 مساءً