20110107
الجزیره
منعت الشرطة التونسية الأربعاء الآلاف من مشيعي جنازة الشاب محمد البوعزيزي -الذي أحرق نفسه أمام المقرّ الرسمي لمحافظة سيدي بوزيد وفجّر موجة احتجاجات اجتماعية في البلاد- من المرور أمام مقر المحافظة مثلما كانت تعتزم عائلته وتم دفنه في مسقط رأسه بقريته القريبة من سيدي بوزيد.
في هذه الأثناء أغلقت السلطات التونسية إلى أجل غير مسمّى، المدارس الإعدادية والثانوية في مدينة تالة التابعة لمحافظة القصرين الحدودية مع الجزائر، غداة مواجهات عنيفة بين قوات الأمن وطلاب مدارس ثانوية وإعدادية.
فقد قال النقابي وشاهد العيان كمال العبيدي في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية إن أعدادا كبيرة من قوات الأمن "منعت باستعمال الضرب مشيعي الجنازة من المرور أمام مقر المحافظة" بعد أن كان سالم -شقيق محمد البوعزيزي- قد أعلن أن الجنازة ستمرّ أمام الولاية.
وأوضح كمال العبيدي أن "حوالي خمسة آلاف شخص ومئات السيارات ساروا في الجنازة مكوّنين موكبا طوله ثلاثة كيلومترات"، وقد دفن البوعزيزي في مقبرة "قرعة بن نور" المجاورة لمدينة سيدي بوزيد.
وأضاف أن مشيعي الجنازة رددوا شعارات "لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله" و"سنبكي من أبكاك.. يا محمد لن ننساك" و"بالروح بالدم نفديك يا بوزيد" و"يا حكومة عار عار.. الأسعار اشتعلت نار".
وكان محمد البوعزيزي قد أحرق نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي احتجاجا على منعه من بيع الخضراوات والغلال وصفعه من قبل أحد موظفي البلدية, كما رفض المسؤولون المحليون مقابلته حينما أراد التشكي.
وكان هذا الحادث السبب الذي دفع -خلال نفس اليوم- إلى تنظيم مظاهرات واحتجاجات سلمية في مدينة سيدي بوزيد تعاطفا مع محمد البوعزيزي تحولت في اليوم التالي إلى مواجهات عنيفة مع الشرطة سرعان ما امتدت إلى بقية مدن المحافظة (سيدي بوزيد) ثم إلى محافظات أخرى في البلاد.
وبلغت الاحتجاجات ذروتها يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما فتحت الشرطة النار على متظاهرين في مدينة منزل بوزيان التابعة لمحافظة سيدي بوزيد مما أدى إلى سقوط قتيلين.
إغلاق المدارس
في موضوع ذي صلة، قال الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي في تالة، جمال بولعابي في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية، إن السلطات "قررت إغلاق كافة المدارس الثانوية والإعدادية في المدينة، إلى أجل غير مسمى".
ويأتي هذا القرار غداة مواجهات عنيفة بين طلاب مدارس ثانوية وإعدادية، أسفرت عن إصابة متظاهرين بجروح.
وأضاف أن تالة "ترزح تحت حصار أمني خانق بعد أن دفعت السلطات نحوها بتعزيزات أمنية كبيرة جدا".
وندد المتحدث بما أسماه بـ"بلطجة رجال الأمن" الذين قال إنهم "خربوا ونهبوا ليلة الثلاثاء العديد من المحلات التجارية في تالة بهدف نسبة ذلك لاحقا إلى المتظاهرين وأجبروا أصحاب المخابز والمحلات التجارية على غلق محلاتهم".
وأوضح أن عشرات من النقابيين في تالة "دخلوا الأربعاء في اعتصام بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمال في تونس) احتجاجا على هذه الانتهاكات مشيرا إلى أن الشرطة باشرت منذ الصباح حملة مداهمات واعتقالات في المدينة.
فتح حوار
سياسيا، دعا الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي المعارض إلى حل وزارة الاتصال والمجلس الأعلى للاتصال، وإلى سحب قوات مكافحة الشغب من داخل المدن وفتح حوار مع ممثلي الشباب العاطل عن العمل في الجهات وإطلاق سراح جميع المعتقلين.
وقالت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي مية الجريبي خلال مؤتمر صحفي عقدته الأربعاء إن وزارة الاتصال ترمز إلى الخلط بين النشاط الحكومي والقطاع العام للإعلام، كما أن المجلس الأعلى للاتصال الحالي، فاقد لكل دور.
ودعت إلى التشاور مع كافة هيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية بقصد بعث هيئة مستقلة للإعلام تشارك فيها كافة الأطراف السياسية والاجتماعية والثقافية وترأسها شخصية وطنية لا يرقى الشك إلى نزاهتها واستقلالها وكفاءتها.
تجاهل الاحتجاجات
من جهة أخرى، قالت الجريبي إن تغيير وزير الاتصال بموجب التعديل الحكومي الذي أقره الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل نحو أسبوع لم يأت بأي جديد في المشهد الإعلامي التونسي الذي استمر في تجاهل الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد.
واعتبرت الجريبي أن الاحتجاجات الاجتماعية ما زالت متواصلة في أنحاء متفرقة من البلاد، وطالبت بسحب قوات مكافحة الشغب من داخل المدن وفتح حوار مع ممثلي الشباب العاطل عن العمل في الجهات وإطلاق سراح جميع المعتقلين وإيقاف كل التتبعات العدلية الجارية ضدهم.
يشار إلى أن الرئيس التونسي قرر الثلاثاء الماضي تعيين وزير الاتصال سمير العبيدي، وزيرا للاتصال وناطقا رسميا باسم الحكومة، وذلك بعد نحو أسبوع من التعديل الوزاري المحدود الذي أجراه بداية الأسبوع الماضي والذي شمل وزارات الاتصال والتجارة والشباب والرياضة والشؤون الدينية.