20110118
المحیط
اعتقلت السلطات الامنية السودانية صباح الثلاثاء الزعيم المعارض حسن الترابي، وذلك بعد يوم واحد من دعوة حزبه "لانتفاضة شعبية" ما لم تلغ الحكومة قراراتها الاخيرة برفع اسعار الوقود وبعض المواد الاساسية.
ونقلت وكالة "رويترز" عن عواد بابكر سكرتير الترابي الخاص قوله: "ان رجال الامن اعتقلوا الترابي بعد ان داهموا منزله واصطدموا باحد مساعديه الذي اعتقل هو الآخر".
وكان الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي قد قال امس الاثنين: "ان قيام انتفاضة شعبية في السودان على غرار ما حصل في تونس أمر مرجح"، مضيفا ان "هذه الانتفاضة الشعبية ما لم تقع لن يعني ذلك عدم وقوع سفك للدماء في السودان".
واضاف الترابي في الخرطوم: "لقد عرفت هذه البلاد انتفاضات شعبية في السابق، ومن المرجح أن يحصل الشيء نفسه في السودان" ، مضيفا "وفي حال لم تحصل انتفاضة قد يقع سفك دماء لان الجميع مسلحون في السودان".
وكانت المعارضة السودانية قد هددت يوم الاحد بتنظيم تظاهرات شعبية ما لم تقيل الحكومة وزير ماليتها وتحل البرلمان وذلك على خلفية قراراتها برفع الاسعار.
وأصدر ائتلاف المعارضة الذي يضم نحو عشرين حزبا بيانا هدد فيه بالنزول إلى الشارع إذا لم يتم حل البرلمان وعزل وزير المالية.
واتهم بيان المعارضة وزير المالية بأنه لم يكن امينا في تقديمه للميزانية، وقال مسئول المعارضة كمال عمير "ان زعماء الاحزاب سيجتمعون يوم الاربعاء للتخطيط لاحتجاجات الشوارع"، مضيفا "انهم مستعدون للقتال من اجل التغيير ويعدون من اجل ثورة شعبية".
وكانت حكومة الخرطوم قد اعلنت عن هذه القرارات الاستثنائية لمواجهة العجز في ميزانيتها، وتشمل القرارات رفع اسعار المنتجات النفطية والسكر وغيرها.
ويعاني الاقتصاد السوداني من ازمة شديدة، ويقول محللون "ان الخرطوم تنفق مبالغ كبيرة على الدفاع في الوقت الذي تزيد الديون نتيجة ارتفاع الواردات لتغطية الانخفاض في الانتاج المحلي مما ادى الى نقص في العملة الاجنبية وزيادة التضخم".
ويذكر ان الترابي خضع للاعتقال عدة مرات منذ انفصاله في عام 1999 عن حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس السوداني عمر البشير، كانت آخرها في العام الماضي عندما اوقف لمدة شهر ونصف بعد اتهامه الرئيس البشير بتزوير الانتخابات الرئاسية التي جرت في ابريل/نيسان من ذلك العام.
العدل والمساواة
ومن جانبها ، أعلنت حركة العدل والمساواة المتمردة في اقليم دارفور، أن لا علاقة لها على الاطلاق بالزعيم الاسلامي السوداني المعارض حسن الترابي.
وقال أحمد حسين آدم المتحدث باسم حركة العدل والمساواة في تصريح لوكالة فرانس برس "إن الحركة لا علاقة لها على الاطلاق بالترابي ولا بحزبه. كل هذا الكلام محض اختلاق وحملة دعائية من النظام" في الخرطوم.
واتهم المتحدث السلطات السودانية انها وباعتقالها الترابي انما تريد "حرف الانظار عن انسحاب وفدها من محادثات الدوحة ونسف عملية السلام عبر السعي إلى تطبيق الحل الأمني" في اقليم دارفور.
واتهم المتحدث السلطات السودانية بانها "تعذب اسرانا وعليهم وقف هذه الأعمال".
وكان موقع المركز السوداني للخدمات الصحفية المقرب من أجهزة الاستخبارات السودانية افاد صباح الثلاثاء أن "الأجهزة الأمنية المختصة حصلت على وثائق ومعلومات تؤكد علاقة حزب المؤتمر الشعبي بحركة العدل والمساواة وذلك بعد الافادات التي أدلى بها قادة الحركة الذين تم أسرهم بغرب دارفور مؤخرا".
واضاف المصدر نفسه بحسب ما نقل عنه هذا الموقع إن الافادات والوثائق اكدت دور المؤتمر الشعبي في توجيه وتمويل أنشطة حركة العدل والمساواة بالاشراف المباشر على عملياتها العسكرية بدارفور لاثارة التوتر دون أدنى مراعاة لمعاناة أهل دارفور. ولم يشر الموقع إلى اعتقال الترابي.
وكان متمردو حركة العدل والمساواة شنوا في ايار/ مايو 2008 هجوما عسكريا واسعا على أم درمان في ضواحي الخرطوم من الأراضي التشادية الا أن قوات الأمن السودانية تمكنت من صدها.
وكانت هذه الحركة في تلك الفترة تعتمد خصوصا على دعم تشاد المجاورة، وهو دعم توقف منذ التقارب الاخير بين الخرطوم ونجامينا اللتين تدعم كل منهما حركات متمردة في البلد الاخر.
وسحبت الخرطوم وفدها المشارك في محادثات الدوحة لحل النزاع في دارفور في كانون الاول/ ديسمبر الماضي، من دون أن تعلن مقاطعتها النهائية لهذه المحادثات.
سلام دائم
وفي تطور آخر ، دعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الاثنين الأحزاب السياسية في السودان إلى انتهاز الفرصة لاقامة سلام دائم بين الشمال والجنوب بعد الاستفتاء على استقلال جنوب السودان والذي اعتبرت انه نجاح مهم.
وقالت كلينتون في بيان إن الولايات المتحدة تحيي ملايين السودانيين الجنوبيين الذين شاركوا في هذه العملية التاريخية، وتحيي قادة الشمال والجنوب لتوفيرهم الظروف التي اتاحت للناخبين الادلاء بأصواتهم بحرية، من دون خوف وترهيب أو تدابير قمعية.
واضافت إن إجراء استفتاء سلمي وضمن النظام في جنوب السودان يشكل نجاحا مهما للشعب السوداني وخطوة تاريخية نحو تطبيق كامل لاتفاق السلام الشامل الذي وقع العام 2005.
واعتبرت كلينتون أن أمام الاحزاب السودانية فرصة لاقامة سلام دائم بين الشمال والجنوب، وبناء علاقات ايجابية مع المجتمع الدولي.
وتابعت إن واشنطن تأمل بأن تنتهز الأحزاب هذه الفرصة، والولايات المتحدة تدعم جهودها لضمان مستقبل سلمي أكثر ازدهارا لجميع السودانيين.
وأشاد مراقبون دوليون وعرب الاثنين بنزاهة استفتاء تقرير مصير جنوب السودان الذي جرى بين التاسع والخامس عشر من كانون الثاني/ يناير، فيما أكد مركز كارتر لمراقبة الانتخابات أن انفصال جنوب السودان بات "شبه اكيد".