20110122
العالم
تجري السلطات المصرية حاليًا ترتيبات أمنية استعدادًا لاستقبال محتمل للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي المتواجد حاليا بالسعودية منذ تخليه عن السلطة في 14 كانون الثاني/يناير الجاري ومغادرته تونس تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية.
وكان بن علي حاول في بداية الأمر اللجوء إلى أكثر من دولة ومن بينها مصر التي رفضت الاستجابة للطلب في البداية وسمحت له بالبقاء لبضع ساعات فقط بمنتجع شرم الشيخ لحين إجراء الاتصالات اللازمة بشأن مكان لجوئه.
ونقلا عن صحيفة "المصريون" الجمعة، أكدت مصادر سياسية أن استعدادات أمنية مفاجئة نشطت خلال اليومين الماضيين، فيما يبدو أنها متصلة بتلك التطورات، وذلك من خلال طلب وزارة الداخلية من أقسام ومراكز الشرطه حصر شامل بأعداد التوانسة المقيمين في جميع أنحاء مصر، سواء إقامة كاملة أو مؤقتة، ومعرفة كافة البيانات الشخصية عنهم وظروف إقامتهم في مصر، لوضعهم تحت نطاق السيطرة الأمنية ومراقبة تحركاتهم، وشملت التعليمات الأمنية ضرورة التنبيه عليهم بعدم الاختلاط بالمصريين، خاصة من أصحاب التوجهات المعارضة النشطة مثل أعضاء حركه "شباب 6 أبريل" أو "كفاية".
وكشفت مصادر أمنية أن حصر أعداد التوانسة المقيمين في مصر يأتي بناءً على تعليمات صادرة من جهات سيادية، في ضوء النظر والتقييم الشامل للبت في طلب الرئيس التونسي المخلوع باللجوء إلى مصر، والتأكد من عدم وجود تهديد جدي أو تشكيل خطر على حياته في حال السماح له بالقدوم إلى مصر للإقامة ، وضمان عدم إثارة أي اضطرابات أو إحراجات أمنية في مصر احتجاجًا على خطوة كهذه.
ولا يزال الطلب قيد الدراسة من جهة سيادية مصرية رفيعة تعكف على دراسة كافة من جوانبه ، ومن المنتظر أن تقدم تقريرًا وافيًا خلال الفترة المقبلة والتوصية بقبول طلبه من عدمه ، بعد الانتهاء من إجراء الدراسة اللازمة حوله ، وسيتم مراعاة كذلك الظروف الداخلية في مصر والتداعيات المحتملة للقبول بلجوء زين العابدين ، وما إذا كان سيتم استغلال أمر كهذا من جانب قوى المعارضة في تشويه صورة نظام الحكم أمام الرأي العام ، عبر إظهاره في صورة المتواطئ مع نظام بن علي.
وكانت مصادر ديبلوماسية عربية قد أكدت خلال الأيام الماضية أن إقامة بن علي وأسرته بالسعودية لن تكون بصفة نهائية ، وأنه من المنتظر أن يتوجه إلى دولة ثانية في غضون الأسابيع القادمة ، وذكرت بعض التقارير أنها قد تكون "كندا" ، بينما رجحت مصادر سياسية وديبلوماسية رفيعة أن وجهة بن علي المقبلة على الأرجح ستكون مصر ، بعدما كشفت أنه كان قد طالب في بادئ الأمر اللجوء إليها ، لكنها رفضت ووعدته بدراسة الأمر قبل إعطاء الرد النهائي على طلبه ، بعد بحث المسألة من كافة جوانبها والرد على طلبه في غضون أسابيع سواء بالقبول أو الرفض.
وفي حال قبول طلب زين العابدين فإنه سيكون ثاني رئيس دولة يلجأ إلى مصر بعد استضافة الرئيس الراحل أنور السادات ل"شاه إيران السابق رضا بهلوي" في ظروف مماثلة بعد أن رفضت أكثر من دولة استقباله بعد الإطاحة بنظام حكمه في عام 1979.
وكانت أجهزة الأمن المصرية فرضت حصارًا مشددًا على مقر السفارة التونسية بالزمالك ، حيث تم تكثيف التواجد الأمني حولها من جانب قوات الأمن المركزي، وتم وضع حواجز لمنع التظاهر، وشددت وزارة الداخلية على عدم السماح لأي مواطن مصري أو تونسي بالتجمهر أو التظاهر أمام مقر السفارة.
وكان بن علي تخلى عن السلطة تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية ، وغادر البلاد مساء الجمعة قبل الماضية مستقلاً طائرته ، وسط تضارب الأنباء حول وجهتها ، حيث رجحت مصادر وقتها توجهها إلى فرنسا ، وتحدث أخرى عن توجهها إلى مالطا ، بينما قالت مصادر ثالثة إنها توجهت إلى إيطاليا.
وحطت الطائرة بمطار جدة بالسعودية فجر السبت ، بعد ساعات من الغموض حول مصيره ، وبحسب مصادر مطلعة ، فإن بن علي يقيم حاليا بأحد القصور الملكية في مدينة جدة ، ومعه أصغر بناته وابنه الصغير وشقيقة قرينته.
وكانت مصادر قد تحدثت عن أن الرئيس المخلوع وقرينته سيبقى بالسعودية حتى الصيف القادم، حيث يعتزم بن علي وقرينته ليلى السفر إلى ابنتهما الكبرى نسرين التي سافرت إلى كندا قبل وصول الثورة الشعبية في تونس إلى ذروتها.
وصرح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ، أن المملكة تستضيف الرئيس التونسي المخلوع احتراما للأعراف العربية ، لكن شرط عدم ممارسته أي نشاط في تونس انطلاقا من المملكة.
وقال في مقابلة مع التلفزيون السعودي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية الأربعاء ، إن استضافة بن علي هي طبقا لـ "عرف عربي"، مضيفا: "كلنا عرب والمستجير يجار وليس أول مرة المملكة تجير مستجيرا" حسب تعبيره.
لكنه شدد على أنه لا يمكن لاستضافة بن علي "أن تؤدي إلى أي نوع من العمل من أرض المملكة في تونس ، فبالتالي هناك شروط لبقاء المستجير ، وهناك ضوابط لهذا الشيء"، وقال إنه "لن يسمح بأي عمل كان في هذا الخصوص"، مؤكدا وقوف المملكة "مع الشعب التونسي في بلوغ أهدافه وما يرمي اليه قلبا وقالبا" حسب قوله.