مصر

20110207
الجزیره

يرى الكاتب والروائي الفرنسي جيلبير سينوييه أن المثقفين الصهاينة يجاهدون في الظروف الحالية لإنقاذ إسرائيل من خلال الدفاع عن دكتاتورية نظام الرئيس المصري حسني مبارك، وهو يؤكد أن الأوضاع في الشرق الأوسط إلى تغير لا محالة بعد ثورتي تونس ومصر.

ويلفت إلى أن إصرار النظام المصري على البقاء بأي ثمن بعد ثورة الشباب يتم بمشاركة مثقفين غربيين وعرب يسعون جاهدين لتكريس الهيمنة الإسرائيلية في العالم العربي.

وأكد في الوقت نفسه استحالة إطفاء نور الحرية الذي سيمتد بكل الأشكال إلى دول عربية معاندة ومكابرة ومختفية تحت رداء محاربة ما يسمى الإرهاب الإسلامي متجاوزة إرهاب إسرائيل المرتعدة هذه الأيام كما لم يحدث من قبل حسب قوله.

يقدم الروائي نفسه إلى العالم بقوله إنه يعتبر روائيا مصريا يكتب بلغة فولتير، فاسمه الحقيقي سمير قصاب، وكل كتبه تدور حول تاريخ مصر السياسي والحضاري، ويقول عن نفسه "ماء النيل يسري في عروقي ولولا ولادتي في مصر لما استطعت أن أكتب روايات نطقت بروح وذاكرة مصر".




الجزيرة نت التقته وكان الحوار التالي حول الثقافة ودور المثقفين خصوصا في ظل التطورات الحاصلة في مصر مؤخرا:

هل لنا في البداية أن نتعرف باختصار على هويتكم الأدبية والشخصية قبل الخوض في قراءتكم للثورة المصرية الأولى من نوعها حسب محمد حسنين هيكل؟

اسمي الحقيقي سمير قصاب وأعتبر نفسي روائيا مصريا يكتب بلغة فولتير، وكما تعرفون فإن كل كتبي تدور حول تاريخ مصر السياسي والحضاري. ماء النيل يسري في عروقي ولولا ولادتي في مصر لما استطعت أن أكتب روايات نطقت بروح وذاكرة مصر.

ما هي أبرز الروايات التي تفضلون التحدث عنها في هذا السياق؟


أول رواية تقفز إلى ذهني هي "فرعون الأخير" التي تناولت فيها قبل 15 عاما سيرة محمد علي الكبير، ومن قبلها "المصري وفتاة النيل" التي نشرتها في جزأين وعالجت فيها غزو نابليون بونابرت لمصر عام 1798 من منظور مصري.

كما أصدرت "العقيد والطفل الملك" التي تناولت فيها المصير المتقاطع لجمال عبد الناصر والملك فاروق ونشرت أخيرا "نفس الياسمين" و"صرخة الحجارة" في جزأين أيضا تحت عنوان رئيسي هو "إن شاء الله"، وفيهما تطرقت إلى تاريخ أربع عائلات عربية من بينها عائلة مصرية. كما تلاحظون وكما سيلاحظ قراء الجزيرة نت، فإن قلبي ما زال يخفق في الشرق وعلى هضبة النيل تحديدا.

وإذا كانت هناك إمكانية للتحدث عن نزعة خاصة تميز كتاباتي، فإنني أستطيع القول إن التأكيد على حقيقة وجود هوية عربية قائمة بذاتها والتعريف بها في الغرب بعيدا عن الصورة الكاريكاتيرية الرائجة هما محاورَا وعنوانَا كل إبداعاتي إلى يومنا هذا. وأنا سعيد جدا بأن أطب العرب من خلال الجزيرة نت المشاركة منذ نشأتها في إعلاء صوت الحق العربي والإسلامي وهي الرسالة التي ازدادت شموخا في ظل ما يحدث في مصر الحبيبة اليوم.

باعتبارك مثقفا وروائيا مصريا فرنسيا، هل تعتقد أن زمن المثقفين قد ولى بعد ثورتي تونس ومصر في ظل تدجين الكثير منهم من ناحية وثورة الاتصال الحديثة كثقافة جديدة من ناحية أخرى؟

بغض النظر عن كل ما قيل ويقال عن دور المثقفين في المجتمع، يجب التأكيد على أن كل الحركات الثورية قد ولدت من رحم الشارع كما يحدث اليوم في مصر، وحينما يعتقد الحكام الجبابرة أنهم أقوى ويتحولون إلى طُرش، وحدهم الناس البسطاء الذين راحوا ضحية قمعهم بالدرجة الأولى يقدرون على زعزعتهم وكسر شوكتهم.

ومهما كانت نتائج وآفاق الأوضاع في تونس ومصر، يجب أن يعرف الجميع أن لا شيء سيبقى على حاله في الشرق الأوسط كما كان من قبل، وأن آلة التغيير متحركة ولا يستطيع أحد الوقوف في وجهها. الشعب المصري اليوم والشعب التونسي بالأمس القريب، أثبتا للعالم أنه من المستحيل إذلال الشعوب دوما وأبدا وأن صوت التاريخ يمهل ولا يهمل ويدق بقوة خرافية معلنا ساعة الخلاص والتحرر من كل أشكال الإهانات والقمع والاستبداد.

الإمبراطورية السوفيتية انهارت ونظام التمييز العنصري تحطم في جنوب أفريقيا، وجدار برلين سقط ورومانيا تخلصت من الطاغية تشاوسيسكو. وسود أميركا لم يبقوا عبيدا ومن بينهم خرج الرئيس باراك أوباما. غدا سيكون دور الفلسطينيين وسيتحقق موعدهم مع النصر والكرامة لأن التاريخ يسخر من الزمن.

ما تعليقكم على الهجمة الشرسة التي يشنها المثقفون الغربيون وحتى بعض العرب هذه الأيام وعلى رأسهم عراب المثقفين الصهاينة برنار هنري ليفي من منطلق نشر الذعر بدعوى اقتراب ساعة الإسلاميين بعد انهيار نظام بن علي وعن قريب نظام مبارك بشكل أو بآخر، علما بأنهم تهجموا من قبل على نعوم تشومسكي، وعلى المقاوم اليهودي ستيفان هيسال الذي ندد بالإرهاب الإسرائيلي وتفهم مقاومة حماس في كتابه "انتفضوا" الذي باع منه حوالي مليون نسخة دون تزكيته الإرهاب بالضرورة؟

أنتم تعرفون بحكم موقعكم أنه منذ ستين عاما، فإن الكثير من المثقفين الصهاينة وعلى رأسهم برنار هنري ليفي يشكلون العمود الفقري للوبي الأصم الذي يقود حملة ترهيب وترويع رافعا رايتي الإرهاب الإسلامي وشبح ازويتش وداشو في آن واحد، وكأن العرب كانوا دوما جلادين وهم المسؤولون عن المحرقة اليهودية.

إن هذا اللوبي كان ولا يزال منذ وعد بلفور يعمل على طمس خطر الصهيونية في المنطقة العربية. وليفي هو الذي صرح بأنه لم يتمكن من الحديث عن وحشية الجريمة الإسرائيلية في غزة لأنه ليس خبيرا عسكريا.

وأنا شخصيا لا أستغرب موقفه وموقف ممثلي زمرته من ثورتي تونس ومصر ومن تخوفهما المزعوم من إسلاميين تجاوزهم شعبا تونس ومصر ولا أفهم كيف يقدر هذا الرجل على العناد والإصرار وفي تقديره يجب التعامل مع مسلمين يجب قتلهم ومقاطعة آخرين ومحاربتهم لأنهم يعارضون إسرائيل.

إنهم هم الذين يحاولون إنقاذ مبارك بكل السبل؟


إنهم يجاهدون بمشاركة بلطجية مبارك لإنقاذ إسرائيل على حساب عذاب وجماجم الشعب المصري الحر والأصيل، وهدفهم واحد وهو الحفاظ على مصالح إسرائيل في المنطقة وكيف يمكن أن نفهم منطق دفاعهم عن إسرائيل الديمقراطية الوحيدة في المنطقة حسب زعمهم في الوقت الذي يعملون على محاربة سعي الشعب المصري لتحقيق الديمقراطية أيضا بدعوى محاربة الإسلاميين.

إنهم منعوا تفتيش المحطات الإسرائيلية النووية وقضوا على العراق باسم نشر الديمقراطية وغزوه بالقوة رغم عدم تبين صحة ادعاءاتهم بشهادة خبراء العالم والأمم المتحدة.

بنيامين نتنياهو ينسى أو يتناسى أن معاهدة السلام تمت بين السادات وإسرائيل وليس بين الشعب المصري وإسرائيل، وإذا كانت إسرائيل تريد سلاما حقيقا ما عليها إلا إبرامه مع الشعوب العربية وليس مع القادة.

الإسلاميون الذين يحاربون إسرائيليا وعربيا هم الذين قال عنهم فرنسوا بورقا إن الحال لن يستقيم دونهم من باب الاعتراف بوجودهم قوة سياسية وليس بالضرورة تزكية أطروحاتهم. ومبارك الرافض للرحيل يشهر خطر الإسلاميين كما قال بن علي في اتصال هاتفي لسفيره في باريس حداد محرزي "هل تريد أن يستولي الإخونجية (الإخوان المسلمون) على السلطةّ". ولا شك في أن الجملة نفسها يكون قد قالها مبارك لأكثر من مسؤول مصري وأميركي.. ما رأيكم؟

من يريد القفز على واقع وجود الإسلاميين كمن يريد تغطية الشمس بالغربال كما يقال وعوض سجنهم ومطاردتهم يجب إشراكهم في الحكم شريطة قبولهم اللعبة الديمقراطية وحقوق الأفراد الشخصية والعقائدية. وهذا ما يجب أن يحدث في تونس ومصر وفي كل الدول العربية. أندريه جيد كان قد لخص هذه الحالة بجملته المأثورة "قتل الحيوان المصاب بالكلب يعد دفاعا شرعيا، لكن إصابته بالكلب ثم قتله تسمى جريمة".

ماذا يمثل بالنسبة لك فاروق حسني وزير مبارك السابق؟


لقد كان وزير اللاثقافة وكان حريا به أن يهتم بلوحاته، لكن لا أعتقد أنه كان باستطاعته بيعها.

وماذا تقول عن جابر عصفور الذي خلفه والدماء تنزل بغزارة من أجساد مصريين راحوا ضحية بلطجية دهماء خرجوا من جديد لتقتيل الشعب رغم وعد أحمد شقيق اللطيف الظريف؟

لا أعرفه جيدا وقبوله لا يحتاج إلى تعليق وشخصيا لا أفهم كيف قبل أمثاله المسؤولية في ظل وضع يفرض ذهابهم عن قريب.

الصحفي محمد حسنين هيكل قال إن ما يحدث في مصر ثورة هي الأولى من نوعها وإنها أهم من كل التي عرفتها مصر من قبل. ما تعليقك بوصفك روائيا استنطق الذاكرة المصرية بكل تجلياتها؟

معه حق جزئيا في اعتقادي لأن المصريين سبق أن ثاروا ضد الاستعمار البريطاني عدة مرات ودافعوا عن الشرطة المصرية التي راحت ضحية الجنرال جورج أرسكين في شهر يناير/ كانون الثاني من عام 1952 في الإسماعيلية والقاهرة ة، واشتعلت الثورة ردا على نفي الزعيم سعد زغلول إلى جزر السيشل. الثورة المصرية الجديدة وغير المسبوقة لا تطارد محتلا خارجيا ولكن سلطة داخلية.

هل صحيح أنكم اتهمتم بالعمالة من الحزب الوطني المصري في القاهرة؟

هذا صحيح وكانت المناسبة حضوري ندوة إلى جانب صديقي العزيز علاء الأسواني. ومثل علاء اعتبر هذه التهمة وساما على صدري ولا أحد يستطيع أن يتصور مدى شعوري بالاعتزاز والافتخار بانتسابي إلى شعب مصر العظيم الذي يصنع التاريخ من جديد كعادته.


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو