20110207
الجزیره
في مبنى عادي وقديم وسط العاصمة تونس تخفي واجهته 23 عاما من الآلام والتعذيب والظلم، ينهمك أعضاء لجان شكلت من قبل الحكومة المؤقتة في دراسة ملفات تهم التحقيق في تجاوزات حدثت خلال عهد زين العابدين بن علي الذي أطيح بنظامه في 14 يناير/كانون الثاني الماضي.
وأمام سياج المبنى، يصطف تونسيون ينتظرون بفارغ الصبر "كشف ما حدث لهم" و"الحصول على تعويضات" أو مجرد رواية "جحيم" يومي عاشوه في عهد النظام السابق.
مهدي بن حسن يقف منتظرا دوره منذ الساعة الرابعة صباحا. ويعتقد هذا المزارع (54 عاما) الذي جاء من منطقة المهدية (300 كلم جنوب غرب العاصمة) أن هناك فرصة لاستعادة أراضيه.
وقال "أسعى منذ عشرين عاما لاسترداد حقي.. سرقت الأراضي التي أملكها من قبل نائب المدير العام للتجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم سابقا) محمود سعيد".
وروى وهو يتمسك بظرف يحوي وثائق أنه "أقام ثلاث دعاوى قضائية بين 1990 و1994 لكن المحكمة لم تنظر إلى سندات التمليك ثم ادعوا أنهم أضاعوا ملفي".
أما نبيل بن إبراهيم (24 عاما) وهو طالب، فيريد استعادة المنزل الذي بناه والده المريض في إحدى ضواحي العاصمة في 2006 "بما ادخره طوال حياته". وقال إن "البناء كان جاريا لكن في أحد الأيام مر أحد المقربين من بن علي ووجد أن المنزل جميل فأخذه عنوة".
ملفا مهدي ونبيل سيضافان إلى حوالي 800 شكوى سجلت حتى الآن منذ بدء عمل اللجنة المكلفة النظر في الفساد والاختلاسات، قبل خمسة أيام.
التحقيق في أعمال العنف
وفي الطابق الثاني من المبنى يستمع مسؤول في لجنة التحقيق في أعمال العنف التي ارتكبت خلال الثورة، بين حالات لوسام ساسي عامل البناء الذي ضرب خلال مظاهرة، وأصيب بكسرين في الساق. وقال إنه لم يعد قادرا على العمل و"لا يستطيع إعالة" زوجته وأولاده الثلاثة.
وفي مكتب ضيق تتكدس الملفات، كومة للأحياء وأخرى للأموات. ويفتح المسؤول ملفا اختاره بشكل عشوائي وينظر إلى صورة شاب، ويقرأ "قتل برصاص قناص في شمال العاصمة". ويبدو المكان الذي أصابته الرصاصة فوق القلب تماما واضحا.
وفي ممر، يقف وليد قدارة (31 عاما) في انتظار دوره للحصول على "تعويض عن التعذيب" الذي تعرض له في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، أي قبل يومين من هروب بن علي. ويقول "أوقفني شرطي أراد الضغط على عائلتي للحصول على المال.. عذبت بالصدمات الكهربائية وضربوني بالمصحف".
ويلخص توفيق بودربالة (68 عاما) رئيس اللجنة حول أعمال العنف أن "الناس ينتظرون العدالة بفارغ الصبر". وأضاف بودربالة الذي كان رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان "سنحقق وسنستمع للشهود وكذلك إلى الذين يشتبه بتورطهم" في القضايا.
وسينشر تقرير هذه اللجان بعد شطب الأسماء "لحماية الشهود واحترام حقوق الدفاع"، قبل أن يسلم للقضاء وطلب التعويضات.