نواكشوط : تستقبل موريتانيا بعد أيام قليلة شهر رمضان المبارك، وهو شهر له خصوصيته في العالم الإسلامي ككل وعند الشعب الموريتاني بالخصوص، فأغلب الأسر الموريتانية تبدأ استعداداتها لهذا الشهر بفترة قبله.
وتزداد وتيرة الاستعدادات كلما اقترب الشهر الكريم، ويعتبر سوق المواد الغذائية الساحة الأبرز لهذه الاستعدادات، إذ تحرص الأسر على اقتناء حاجياتها من السوق، خوفا من صعود الأسعار الذي عادة ما يشهده الشهر الكريم، وخصوصا في المواد الأكثر استهلاكا كالحليب بجميع أنواعه والتمور والسكر.
وإذا كانت للأسر طريقتهم في الاستعداد لهذا الشهر الكريم، فإن التجار والشرائك العاملة في مجال الأغذية والخدمات المنزلية تكثف في فترته جهودها، وتسعى للاستفادة من الزيادة التي يشهدها الإنفاق طيلة رمضان.
وفى استطلاع لوكالة أنباء "الأخبار" المستقلة لآراء الشارع حول وضعية السوق، والاستعدادات للشهر الكريم، قال محمد ماء العينين ولد المختار (بائع مواد غذائية) في سوق العاصمة :" أنا كتاجر أدعو إلى التسامح مع المواطنين في كل فترة وخاصة فترة "الصوم" في شهر رمضان التي تكلف البعض كثيرا من المال قد لا يكون بوسعه إنفاقه".
وأضاف ولد ماء العينين قائلا :" إن بعض المواد الغذائية تشهد إقبالا كبيرا في هذا الشهر منها علي سبيل المثال "الألبان بمختلف أنواعها ـ التمور ـ السكر ـ الدقيق" بينما يقل الإقبال على مادة "الأرز" طيلة شهر رمضان المبارك".
واعتبر ولد ماء العينين أن أسعار المواد الغذائية في عمومها ليست مرتبطة بشهر معين بل تبقى تابعة لأسعار السوق الوطنية والدولية، مبديا تأثره كتاجر من الخطة الرمضانية التي قامت بها الدولة في شهر رمضان من السنة الماضية ، قائلا :" إن تلك المواد الغذائية التي شملها التخفيض خلال شهر رمضان الماضي شهدت نوعا من الكساد في متاجرهم وأن المستفيد الأول منها هو التجار الذين تعاقدوا مع الدولة، أو المستهلك الذي استفاد منها –هو الآخر- ويرغب الآن في تكرارها".
هاجس ارتفاع الأسعار
قال محمد موسي ولد عبد الحي :" الرفق بالمواطن يجب ألا يرتبط بالزمان ولا المكان" ، واضافت فاطمة منت أحمد "بائعة خضروات"أن هذه الخضروات تشهد ارتفاعا ملحوظا قبل حلول شهر رمضان حيث يكثر الإقبال عليها نتيجة لاستعمالها بشكل دائم في إفطار الصائم، فحتى الآن شهدت مادة الطماطم علي سبيل المثال ارتفاعا في سعرها حيث انتقلت من 200 أوقية خلال الأيام القليلة الماضية إلى 300 أوقية في الوقت الحالي، وهو ما ينذر بارتفاع مذهل ستعرفه مادة الخضروات -تقول منت أحمدو- في شهر رمضان الذي لا تفصلنا عنه سوي بضعة أيام".
وتعيد فاطمة ارتفاع أسعار الخضروات إلى تحكم التجار الكبار فيها حيث لا يبقى للتجار الصغار فرصة لتخفيض أسعار هذه المادة، لكن في مقابل ذلك تعمل الشركة الموريتانية للإيراد والتصدير "سونمكس" على الحد من أسعار الخضروات.
اللحوم الوجبة الرئيسية
وبعيدا عن مادة الخضروات تعتبر مادة اللحوم ركيزة أساسية في إعداد الفطور في شهر رمضان وهي من بين أهم المواد التي يكثر عليها إقبال المواطن الموريتاني.
وتمنى صدف ولد التاه "بائع لحوم" أن تنخفض أسعار اللحوم في شهر رمضان" ، مؤكدا أن الأمر يعود في النهاية لأسعار الماشية، والتي تتحكم فيها أطراف أخرى عدة، منها أصحاب الماشية أنفسهم، وكذا أسعار النقل وغير ذلك من العوامل المؤثرة في هذا السوق.
وأضاف ولد التاه قائلا :"اللحوم في شهر رمضان تشهد رواجا لا بأس به حيث ترتفع نسبة الرؤوس التي أذبحها وأبيعها من ثلاث شياه في اليوم إلى مابين خمس وست شياه".
وعن أثمان هذه المادة توقع ولد التاه أن تشهد انخفاضا في الغالب خلال الأيام المقبلة، مرجحا أن يكون السبب في ارتفاعها عائدـ في بعض الأحيان ـ إلى التكلفة التي يتكلفها الجزار من أجل توفير هذه المادة".
وقال محمد موسي ولد عبد الحي (صاحب محل لبيع الغاز) :" لقد بدأنا في الاستعداد لشهر رمضان المبارك، حيث ضاعفنا العدد الذي كنا نأخذ، كما أن معلوماتنا المتوفرة عن شركة "سوماغاز" تفيد أنها بدأت ـ هي الأخرىـ في الاستعداد له حيث ضاعفت من مستوى إنتاجها وضاعفت كذلك من الكميات التي تبيعها للتجار.
وعن الأسعار قال ولد عبد الحي نحن نتسامح مع المواطنين في كل الفترات ولدينا أسعار للغاز على النحو التالي : " القنينة الكبيرة: 2000 أوقية القنينة المتوسطة "النصف" ، 960 أوقية ، القنينة الصغيرة "الربع": 440 أوقية "، وأضاف محمد موسى قائلا :" نحن لدينا اعتماد من الشركة ولا نبيع إلا نوعية الغاز الجيدة" داعيا الحكومة إلى مراعاة مصلحة المواطنين وأن تخفض لهم أسعار المواد الغذائية.
هل للمواطن من ملاذ..؟
مع كل موسم رمضاني جديد يزداد العبئ على المواطن البسيط بسب ما يتطلبه الشهر الكريم من استعدادات فرضها المجتمع ورسختها العادة، "بعيدا عن منطق الشرع الذي أراده موسما للتزكية وإلجام النفس عن الشهوات"، فيكون المواطن مجبرا على التماشي مع متطلبات هذا الشهر في وقت تشهد فيه المواد الغذائية ارتفاعا في الأسعار.
وقد رأت فاطمة منت محمد العبد (متسوقة) أن حلول الشهر الكريم فرض عليها توفير العديد من اللوازم التي كانت في الماضي في قائمة الكماليات، حيث قامت بشراء خنشة من السكر بينما كانت في الماضي تكتفي بشراء بعض الكيلوجرامات، لكنها فعلت ذلك كخطوة استباقية خوفا من أي غلاء قد تشهده أثمان المواد الغذائية خلال شهر رمضان، كما لاحظت فاطمة أن الأسعار بدأت تشهد ارتفاعا في الأيام الأخيرة حتى قبل بداية الشهر الكريم.