20110310
الجزيرة
عبّر التونسيون عن ارتياحهم العميق بعد صدور قرار قضائي بحلّ الحزب الحاكم سابقا التجمع الدستوري الديمقراطي، في حين حذر بعض المحامين من إمكانية نقض هذا الحكم في مرحلة الاستئناف.
ونطقت المحكمة الابتدائية بتونس أمس بالحكم بعدما نظرت -مطلع هذا الشهر- في القضية التي رفعها وزير الداخلية مؤخرا للمطالبة بحلّ حزب التجمع استنادا لأحكام من مجلة تنظيم الأحزاب.
ووجهت لحزب التجمع تهم بخرق قانون الأحزاب في عدد من بنوده ومنها ما هو متصل بالمساس بمكاسب الأمة وسيادة الشعب وتحويل النظام الجمهوري للبلاد إلى نظام فردي استبدادي.
وسبق أن قرّر وزير الداخلية تجميد أنشطة التجمع الدستوري الديمقراطي ومقراته بعدما ثبت تورطه في التوتر الأمني بالبلاد وتحريضه على أعمال العنف للإخلال بالنظام العام. علما أن المظاهرات اجتاحت البلاد بعد سقوط الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لحل التجمع ومحاسبة رموزه.
وبعيد صدور قرار حلّ التجمع ظهرت أولى علامات الفرح في الشوارع حيث استخدم السائقون منبهات سياراتهم، في وقت غصت ساحة الحكومة بالقصبة ومحكمة تونس بالمحامين والمواطنين الذين عبروا عن ابتهاجهم.
سيئ السمعة
وقال سالم بن يحيى (موظف متقاعد) للجزيرة نت "أنا سعيد جدا بقرار المحكمة التي استجابت لمطلب يعتبر أحد أبرز مطالب الشعب التونسي، وهو حل حزب التجمع اللاديمقراطي واللادستوري".
واعتبر بن يحيى أن قرار المحكمة كان عادلا قائلا إن "التجمع تورط في العديد من الممارسات المشينة كالتعذيب والقتل والمراقبة والتخريب والقمع".
وأصاف "لقد كان التجمع جهازا استخباراتيا يراقب تحركات الشعب وكان مدججا بالمليشيات التي تعمل بالتنسيق مع البوليس السياسي لقمع المظاهرات".
إلى ذلك رحب المعارض عضو الحزب الديمقراطي التقدمي أحمد بوعزي بقرار المحكمة بحل التجمع، معتبرا أن القرار "يرمز لإنهاء الدكتاتورية والحكم الفردي في تونس بلا رجعة".
وقال "نحن نعبر عن ارتياحنا بأن القضاء اتخذ هذا الموقف خاصة من الناحية المعنوية والرمزية، لأنه واقعيا وزارة الداخلية جمدت له نشاطه وممتلكاته ولم يعد له وجود منذ مدّة".
واعتبر أن هذا الحل "دليل على أننا دخلنا في مرحلة تاريخية جديدة حيث لم يعد القضاء منحازا للحزب الحاكم أو السلطة بل أصبح مستقلا وسيد موقفه، وهذا ما نتمناه". وقال إن حزب التجمع كان جهاز تعبئة ووشاية، و"تعبئة للتصفيق والتطبيل لمساندة الدكتاتور بن علي، وجهاز وشاية ومراقبة للمعارضين والنشطاء".
تغلغل
من جهته اعتبر المحامي عبد الحميد عبد الله أن قرار حلّ التجمع يمثل "منعطفا هاما" في تاريخ البلاد، قائلا "لقد اغتصب هذا الحزب إرادة الشعب منذ أكثر من 50 عاما وحله يعتبر تحررا من الدكتاتورية".
وأضاف أن حزب التجمع "تغلغل في جميع الإدارات والقطاعات، حتى مهنة المحاماة لم تنج منه بحيث أصبح المحامون المنتمون إليه يستأثرون بالقضايا العمومية ويتعيشون من الدولة من خلال انتمائهم للحزب".
أما الأستاذ الجامعي عبد المجيد العبدلي المختص في القانون الدولي فحذر من أنّ لسان الدفاع عن التجمع الدستوري الديمقراطي قد يلعب ورقة الاستئناف والتعقيب لنقض هذا القرار.
وقال للجزيرة نت "محامو التجمع في يدهم عشرة أيام فقط للاعتراض على هذا الحكم في الاستئناف"، موضحا أنه إذا ما وقع نقض القرار في الاستئناف أو التعقيب "فهذا يعني وقف تنفيذ الحكم".
ويضيف أن "الثورة حققت جزءا كبيرا من أهدافها وهو حل هذا الحزب لكن الطور الابتدائي هو مرحلة معنوية فقط والأهم من ذلك هو مرحلة الاستئناف لأنّ كل الاحتمالات واردة".
ورغم هذا الحذر لم يدخر عبد المجيد العبدلي جهدا للتعبير عن سعادته بهذا "القرار التاريخي" لحل التجمع الذي شبهه بالغستابو الألماني "بسبب ما اقترفه من قتل وتعذيب ضدّ الشعب".