20110321
الجزیره
على مدار الفترة بين عامي 2000 و2008 استطاع لوبي الفساد أن يهرب نحو 58 مليار دولار من الأموال غير المشروعة خارج مصر، وفق بيانات تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية.
وجاءت مصر -وفق هذا المؤشر- في المرتبة الثالثة على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
صرح بذلك الخبير المالي والمصرفي نبيل حشاد خلال ندوة بعنوان "هروب الأموال المشروعة وغير المشروعة وأثرها على مستقيل الاقتصاد المصري" التي نظمتها الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية مساء الأحد.
وأشار حشاد إلى أن ثورة 25 يناير كشفت فسادا هائلا في معظم مؤسسات الدولة وخصوصا في ما يتعلق بمجال الأعمال، كما كشفت عن تحقيق الفاسدين ثروات هائلة وغير مسبوقة قدرت في مجملها بمئات المليارات إن لم تكن تعدت التريليون جنيه مصري.
مؤشر الفساد
تخوف حشاد من أنه إذا أعيد النظر في ترتيب مصر على المؤشر العالمي للفساد، فإنها ستحتل المرتبة 170 وليس المرتبة 70، وذلك في ضوء ما تم الكشف عنه من فساد بعد ثورة 25 يناير.
وتوقع أن تخرج الأموال المشروعة -المقصود بها تلك الأموال التي تستثمر في قنوات رسمية سواء مشروعات عينية أو سوق الأوراق المالية- خلال الفترة القادمة ما لم تستقر الأوضاع الاقتصادية وتتجه الأمور إلى كسب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.
أما الأموال غير المشروعة فقد أكد حشاد أنها كانت تخرج من مصر قبل الثروة عبر طرق مختلفة منها تزوير مستندات الاستيراد والتصدير، أو من خلال تجارة الشنطة. وكانت تودع في مجالات بعيدة عن المؤسسات المصرفية والمالية، ويعاد غسلها ثم دخولها للأسواق العالمية مرة أخرى ولا تعود إلى مصر.
وعن عودة الأموال المهربة غير المشروعة إلى مصر، اشترط حشاد وجود ثلاثة عوامل مكتملة هي: إرادة سياسية لدى الحكومة المصرية بعد الثورة للعمل على عودة هذه الأموال، وتحديد الآليات الفنية التي سيتم اتباعها للاسترداد، والتركيز على التعاون الدولي مع الدول التي هُربت إليها هذه الأموال خاصة أن مصر وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة عام 2003 لمكافحة الفساد التي دخلت حيز التنفيذ عام 2005.
وعن تأثير الأموال المهربة على مستقبل الاقتصاد المصري، طرح حشاد عدة آليات منها التخفيف من حدة الفساد في الممارسات الاقتصادية وغيرها من الجوانب الحياتية في مصر، والاستفادة من كفاءات المصريين في الداخل والخارج، وعدم التعويل كثيرا على عودة الأموال غير المشروعة التي هربت خارج مصر.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر محمود منصور إلى هذه الآليات ضرورة محاكمة عادلة لرموز الفساد وإعلان إدانتهم عالميا، حتى يعلم الجميع بحجم الجرم الذي ارتكبه هؤلاء الفاسدون في حق مصر، وكذلك الامتناع عن السلبيات التي ساعدت على ممارسات الفساد.
تأخر القرار
وأشار الخبير المصرفي إسماعيل صيام إلى أن الأموال المهربة من مصر مع بداية الثورة وحتى رحيل الرئيس حسني مبارك بلغت 8 مليارات دولار، وذلك بسبب تأخر قرارات البنك المركزي الخاصة بالقيم المسموح بتحويلها للخارج.
وأكد أن العديد من المؤسسات لا تزال تعمل بنفس اللوائح والنظم السابقة التي لا تصلح لمرحلة ما بعد الثورة, كما أن إدارات الجهاز المصرفي كما هي دون تغيير بعد الثورة، وكذلك لا تزال نفس السياسات الحاكمة للعمل المصرفي مستمرة.
أما أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي الدكتور سمير مصطفى فأكد أن الأموال غير المشروعة تم تهريبها إلى الخارج بشكل يستعصي على الفهم، فالمضاربات في البورصة المصرية كانت مقصودة، وكذلك هروب رجال الأعمال للخارج.