20110324
الجزيرة
تسعى أطراف تونسية غير حكومية إلى تضييق الخناق على الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأقاربه لإعادة الأموال المهرّبة إلى البلاد، منتقدة "تقاعس" الحكومة الانتقالية في استرجاع هذه الأموال.
وفي خطوة فريدة من نوعها، تظاهر عشرات التونسيين أمس أمام سفارة سويسرا بتونس حاملين شعارات تطالب البنوك السويسرية بإعادة الأموال المهربة، التي تمّ تحويلها من قبل الرئيس السابق وعائلته إلى حسابات بهذا البلد.
كما تمّ تقديم عريضة بتوقيع آلاف التونسيين إلى سفير سويسرا للتعبير عن تسمك الشعب باسترجاع أمواله.
وجاء هذا التحرّك بمبادرة من الجمعية التونسية للشفافية المالية، التي تأسست بعد ثورة 14 يناير، والتي تهدف أساسا لاستعادة الأموال المهربة في عهد الرئيس السابق، وفضح أيّ فساد مالي بالبلاد.
ضغط جماهيري
ويقول حافظ البريقي نائب رئيس الجمعية للجزيرة نت إنّ الاعتصام أمام سفارة سويسرا "يندرج في إطار الضغط على حكومة سويسرا من أجل الكشف عن قيمة الأموال المهربة والمودعة ببنوكها".
ويرى أنّ خزائن البنوك السويسرية "مليئة" بأموال الشعب التونسي، لكنها "مودعة بحسابات مرقمة لا يمكن معرفة أصحابها"، وهو ما قد يشكل عائقا كبيرا أمام استرجاعها، حسب رأيه.
ويقول البريقي "هناك حسابات مفتوحة بسويسرا من الرئيس السابق وعائلته وهي حسابات مرقمة لا يمكن تعقب أصحابها. نحن نحاول الضغط على البنوك كي تتعاون وتعلن عن قيمة هذه الحسابات".
ولا توجد أرقام دقيقة عن قيمة الأموال المهربة إلى الخارج، لكن خبراء يقدرون ثروة بن علي بحوالي خمسة مليارات دولار، في حين يقدرون ثروة أصهاره بحوالي 12 مليار دولار. علما بأنّه تمّ العثور مؤخرا على مبالغ مالية كبيرة مخبأة في أحد قصور بن علي بتونس تتجاوز قيمتها 41 مليون دينار (29.5 مليون دولار).
تقاعس ومصاعب
وبالنظر إلى تكتم البنوك السويسرية على أسرار عملائها، يعترف البريقي بصعوبة مهمة استعادة الأموال المنهوبة، مشيرا إلى أنّ بنوك سويسرا "قد تقوم بالتضليل وتتخفى وراء عدم إفشاء السرّ البنكي".
وعن موقفه من قرارات الحكومة الانتقالية بشأن تجميد أرصدة الرئيس المخلوع وأفراد عائلته بالخارج، اعتبر البريقي أنّ هذه الإجراءات "غير كافية" بدعوى أنها تنقصها التحركات الدبلوماسية لتعقب تلك الأموال.
وبعد سقوط نظام بن علي، طلبت تونس من عدة دول حجز أملاك وأموال الرئيس المخلوع وأقاربه، وقالت دول أوروبية ومنها سويسرا إنها بادرت إلى تجميد الأرصدة حتى لا يقع تهريبها.
لكن البريقي يقول "منذ أن أعلنت عن تجميد أرصدة الرئيس المخلوع وأقاربه بالخارج لم تكثف تونس اتصالاتها الدبلوماسية مع الدول المعنية ولم تحرّك أي دعاوى قضائية لاسترجاع الأموال".
ويضيف "بصراحة هناك تقاعس من جانب الحكومة ولا يمكن تبريره بمشاغلها تجاه أولويات أخرى"، مشيرا إلى أنّ "كل تأخير من شأنه أن يؤدي إعادة تهريب الأموال إلى أماكن أخرى خاصة أنّ بن علي وأقاربه يتمتعون بحرية التنقل في الخارج".
اهتمام أكبر
من جهته، يقول جلال كريفة العضو بالجمعية للجزيرة نت "لا شك أنّ الإجراءات التي قامت بها الحكومة الانتقالية تصب في مصلحة استرجاع الأموال، لكن للأسف لا يوجد ضغط دبلوماسي قوي من جانبها لتعقب الأموال المهربة".
ودعا هذا المصدر الحكومة الانتقالية إلى أن تولي اهتماما أكبر لهذا الملف، قائلا "نحن كجمعية ليس لدينا صبغة قانونية لاسترجاع هذه الأموال، على الحكومة أن تتحرك بأقصى سرعتها لحسم الموضوع قبل فوات الأوان".
ويضيف "هناك مخاوف كبيرة من إعادة تهريب الأموال الموجودة بالبنوك الأجنبية من قبل بن علي وأقاربه إلى أماكن أخرى موجودة في العالم تعرف بالجنات الجبائية".
يشار إلى أنّ بعض المصادر الإعلامية البلجيكية تحدثت في الآونة الأخيرة عن إمكانية انتقال زين العابدين بن علي إلى بلجيكا للإقامة هناك مع بعض أقاربه.