20110325
الجزيرة
جميع مظاهر المدينة الخارجية تدل على أنها مفتونة أشد الافتتان بالزعيم الليبي معمر القذافي. صوره معلقة على أعمدة الإنارة، وتزين مراكز التسوق ومباني المكاتب الجديدة اللامعة الشامخة على الواجهة البحرية. مقتطفات من كتابه الأخضر تدرس لجميع تلاميذ المدارس ومعلقة بالمباني الحكومية وحتى الحمامات العامة.
مؤيدوه يغطون أجسامهم برايات خضراء ويرفعون صورا لزعيمهم المحبوب بصخب وحماس في مظاهرات على مدار الساعة، هي إشارة واضحة على إخلاصهم له. يندفعون في الشوارع في شاحنات صغيرة أو تجمعات في الساحة الخضراء وسط طرابلس، ويرددون بشكل إيقاعي "الله، معمر، ليبيا، وبس".
ما هو عمق ذلك التأييد وسط جماهير لطالما حكمت بالخوف على مدى عقود؟ من المستحيل معرفة الجواب. لكن، بعد ستة أيام من قصف الحلفاء للأهداف العسكرية الليبية، من الواضح أن القذافي يمكنه الاعتماد على بعض الولاءات القوية من جزء لا يستهان به من السكان في مساحات شاسعة خارج الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون في شرق البلاد.
"نحن لا نريد أي شخص غيره" قالت فاطمة ذات العشرين ربيعا، التي انضمت إلى الحشود المجتمعة أمام مقر القذافي في مجمع باب العزيزية لتقديم خدماتهم الطوعية كدروع بشرية لحمايته.
أكملت فاطمة تقول "لقد قدم لنا الحرية وكل ما نحتاجه."
خدمات اجتماعية سخية
في الواقع، حافظت الحكومة الليبية على متوسط دخل مرتفع نسبيا، وحزمة خدمات اجتماعية سخية تتضمن الرعاية الصحية والتعليم. حتى أن معارضي القذافي، الذين لا يجرؤون على انتقاده إلا عندما يكونون بمنأى عن أفراد الأمن، يقرون بأنه يتمتع بنسبة تأييد حقيقية.
"75% من الناس ضده" قال أحد المنشقين الذي كان في طليعة حركة الاحتجاج التي سحقت في طرابلس الشهر الماضي والذي وافق على لقاء مع الصحفيين في مقهى في وسط المدينة.
وأضاف المنشق يقول "لكن هناك بعض الناس الذين يحبونه حقا. لم يعرفوا أي شخص آخر طوال حياتهم. إنهم يعتقدون أنه في دمائهم".
إنه الرجل الذي يفتخر بأنه يعيش في خيمة والذي وصفه رونالد ريغان ذات مرة بأنه "كلب الشرق الأوسط المجنون" لا يزال يتمتع بنفوذ يستمده من أربعة عقود في الحكم.
"أليس في بلاد العجائب"
إن دخول عالم الإيمان الخاص بالقذافي يشبه الولوج إلى القول "أليس في بلاد العجائب" حيث إن مؤيدي النظام هم "الثوار الحقيقيون، وليس المتمردين الذين يسعون للإطاحة بالحكومة، وذلك لأن ليبيا هي في حالة ثورة دائمة".
إن الشعب الليبي لا يستطيع إسقاط حكومته لأنه هو الحكومة وفقا لتعريف البلاد لنفسها على أنها: الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، أي بشكل أو بآخر هي "دولة الجماهير".
لا يمكن الإطاحة بالقذافي لأنه لا يشغل منصبا رسميا، فهو الأخ القائد، وهو مرشد ومنظر والعم الذي يقدم المشورة لشعبه ولكنه لا يحكمهم.
"الأخ القائد معمر القذافي ورفاقه هم خارج السلطة التنفيذية تماما" يوضح العقيد ميلاد حسين، المسؤول عن التعليم الأيديولوجي للجيش الليبي، في مؤتمر صحفي "إن الشعب الليبي هم الذين يقوم بعملية أخذ القرار وتنفيذه... لأن الثورة هي نقطة البداية في كل شيء".
ولكن في الواقع، وكما يقول ديرك فانديفال الخبير بالشؤون الليبية وأستاذ مشارك بكلية دارتموث، إن القذافي هو الدولة، وهو منبع جميع القرارات والسياسات. القذافي المدعوم من قبل شبكة من الشرطة وما يسمى اللجان الثورية.
يقول فانديفال "رجل الشارع لا يوجد لديه قناعة حقيقية، ولكن هناك عواقب وخيمة إذا لم يدعم شخص ما القذافي" لكن ذلك لا يمنع وجود مشاعر حقيقية.
تأييد القذافي
مجدي دابا طبيب أسنان ليبي في الـ42 من عمره، وولد بنفس السنة التي تولى فيها القذافي زمام السلطة، يقول "جعلني أشعر بأنني رجل حر. إذا لم أؤذ أحدا، فأنا حر في بلدي".
الطبيب الأربعيني يذهب إلى موقع المظاهرات المؤيدة للقذافي كل يوم.
يقول دابا "القذافي يعطينا المشورة، وهذا كل شيء، وعندما يموت، فإن سبعة ملايين شخص سوف يحكمون أنفسهم".
دابا يتهم معارضي القذافي بأنهم لا يسعون إلى شيء سوى جمع المزيد من المال، في وقت يشعر الليبيون بالرضا لأن الحكومة تحرص على تلبية متطلباتهم.
ويكمل قائلا "الأمر ليس صعبا. هذا المكان مختلف عن مصر. هناك الكثير من الناس فقراء، والكثير من الناس جوعى، ولكن هنا لا يوجد فقراء ولا جياع".
يُذكر أن ليبيا دولة غنية بالنفط إلى حد ما، وتتمتع بكثافة سكانية منخفضة. وسكانها أقل من عشر سكان مصر، ولكن مدخول ليبيا يبلغ حوالي ضعف دخل مصر. معدل دخل الفرد في ليبيا يبلغ أكثر من ضعف مثيله بمصر التي استطاع شعبها القيام بثورة ناجحة ألهمت الليبيين.