محيط : يستقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان ببهجة لا تعادلها أي مناسبة في العام كله، وتتجسد ملامح الفرحة في إقبال الناس على شراء بعض الاحتياجات التي تميز هذا الشهر الكريم، وتنسحب هذه الروح بشكل ملحوظ على سكان الشمال الأفريقي وخصوصا مابين الجزائر وموريتانيا عبر التبادل التجاري بين البلدين
بحسب التقرير الذي أجراه محمد يحي ولد عبد الودود من نواكشوط لجريدة "البداية" الموريتانية.
أزويرات.. مدينة منجمية موريتانية مزدهرة، وتشكل بوابة غنية يمكنها المساهمة في الاندماج الاقتصادي في المنطقة، ولعل الإمكانيات التي توفرها أزويرات تتضح جليا مع اقتراب شهر رمضان الكريم، عندما تلتقي نقاط التشابه التاريخية والجغرافية والثقافية الجزائرية الموريتانية في هذه المدينة التي تقع شمال غرب موريتانيا.
وتنتعش التجارة في هذه المدينة التي يقطنها 35 ألف نسمة بجلب كميات هامة من التمور والخضروات والحليب المجفف والزيوت والدقيق. وخلال هذا الموسم يرتفع عدد الأشخاص الذين يعبرون الحدود الجزائرية الموريتانية كل يوم من مصطافين وتجار إلى جانب سكان جبهة البوليساريو الذين يجدون في أزويرات مصدرا للحياة في مخيمات اللاجئين الصحراويين بتيندوف.
وتتم معظم هذه الحركة في المنطقة الحدودية التي افتتحت سنة 1980 بالشاحنات.
محمد ولد أحمد، سائق شاحنة صحراوية "سياراتنا تدخل كل يوم إلى الأراضى الموريتانية بلوحاتها الأجنبية محملة بمختلف أنواع التجارة".
وأضاف "لم نجد قط أي مضايقة، فعلاقاتنا حسنة مع السلطات الموريتانية وليست لدينا أية مشكلة علي الإطلاق فى ظل العلاقات الأخوية بين الجزائر وموريتانيا".
تصريح أحمد يسلط الضوء على عامل أساسي في نجاح أزويرات وهي عاصمة ولاية تيريس زمور، ذلك أن "تجارة الوساطة" كما تسمى، والمربحة في المدينة تتسم بإعفاء تام من الجمارك.
ويضيف أحمد "لكن لا يسمح لنا بنقلها إلي مدن موريتانية أخرى بدون جمركة، ونحن نتفهم ذلك جيدا".
إغمار السوق الموسمي بالسلع يؤدي إلى إشباع السوق، فتهبط الأسعار بصفة عفوية لتصبح في متناول ساكنة أزويرات.
وفي الواقع ورغم أن أغلب سكان المدينة يعملون في القطاع المنجمي فإن الكثير من الأسر تعيش على التجارة الحدودية والتجارة المحلية المتصلة. ويقومون بشراء الخضراوات حال وصولها من الجزائر ويبيعونها في القرى المجاورة بأسعار عالية. فيما يشتري تجار آخرون السلع من السوق وينقلونها عبر القطار إلى مدينة نواديبو. القطار يحمل مختلف البضائع بين المدينتين وبصفة مجانية لمسافة تبلغ 650 كيلو متر.
الأرباح التي يجنيها هؤلاء التجارة تضمن لهم عيشا كريما بما في ذلك تعليم أفضل والرعاية الصحية الخاصة.
يقول محمد فاضل، 32 عاما "أتذكر عندما كنت صغيرا مع والدي كنا نشتري البضائع من الجزائريين والصحراويين بأسعار منخفضة جدا ثم نقوم بنقلها إلى العاصمة نواكشوط ونواديبو وبعض المدن الشرقية من البلاد".
وأضاف التاجر "الآن بلغ والدى من الكبر عتيا، ولازلت أنا أمارس نفس النشاط. لقد أحببت هذه المهنة كثيرا ودرت علي مالا معتبرا".
حكايات هذه الأسر تؤكد ملاحظات العديد من المحللين والاقتصاديين الذين يعتبرون أزويرات نموذجا للوحدة الاقتصادية في المنطقة.
محمد ولد القاسم، محلل اقتصادي، يقول "دول اتحاد المغرب العربي تتوفر على ثروات طائلة ومقدرات اقتصادية ضخمة، لذلك فإن هذه الدول تستطيع أن تشكل قوة اقتصادية لا يستهان بها فى حالة الوصول إلى الوحدة، خاصة الاقتصادية".
يقول عبد الرحمان، أستاذ اقتصاد "إن التبادل التجاري بين موريتانيا والجزائر عبر مدينة أزويرات الحدودية يعكس مدى أهمية الوحدة المغاربية للمنطقة ولشعوبها. من الجميل أن نرى هذا النموذج يتسع ليشمل بلدان المغرب الأخرى".
أما بالنسبة لأشخاص أمثال أحمد سائق الشاحنة فالأمر لا يعدو كونه تجارة مربحة.
ويقول "أرباحنا معتبرة ولله الحمد وتزداد أكثر في شهر رمضان الكريم".