20110402
الجزيرة
قال الكاتب سيمون جينكينز في مقال نشرته صحيفة "ذي غارديان" إن الغرب يطيل عمر الحرب الأهلية في ليبيا بتسليح الطرف الضعيف في الصراع، وأوضح أن المخططين يغرقوننا يوميا بحسابات الربح والخسارة، لأن غارات حلف الناتو عوضت ضعف معارضي القذافي.
وأكد الكاتب أن الموقف الغربي يتناقض بشكل صارخ، فهو يؤكد عدم شرعية استهداف القذافي، ويطبق حظرا على السلاح إلا إذا كان السلاح متجها إلى أصدقائه في شرق ليبيا لأنه يعد في هذه الحالة وسيلة لحماية المدنيين الأبرياء، أما المدنيون الموجودون في صف القذافي فيمكن قصفهم.
كما أن القرار 1973 يمنع إنزال قوات احتلال أجنبية، لكن وجود قوات خاصة ومساعدة توجيه عمليات القصف الجوي أمر ممكن، فقصف مقر القذافي ومقتل مدنيين في قصف سرت يوضح انتهاك القرار 1973. وتساءل جينكينز قائلا "ولكن من يهتم؟ فكما تلاعب (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش و(رئيس الوزراء البريطاني السابق) توني بلير، يمكن إيجاد جيش من المحامين للدفاع عن أي شيء".
وتعجب الكاتب من عدم استهداف القذافي قائلا إن تحقيق ذلك ممكن في يوم واحد، لأن ليبيا ليست العراق أو أفغانستان، إذ يمكن مهاجمته في مقره وإرسال قوات لتنفيذ المهمة بسهولة، ثم تثبيت نظام حليف كما في البوسنة ليتم ضمان النفط وتوجيه رسالة واضحة للعالم العربي كما كان الأمر دائما عندما تتعرض مصالح الغرب للتهديد.
وقال جينكينز إن الغرب بدلا من ذلك اتخذ وضعا غريبا تمثل في حماية بنغازي بتدمير قوات القذافي التي تتقدم نحوها وترك الثوار يموتون كلما تقدموا غربا، رغم أنه من البداهة معرفة أن حسم الحروب لا يتم من الجو، ولا بد من التدخل البري.
لذا يستنتج الكاتب أن إستراتيجية الغرب تتمثل في إطالة الحرب بهذه الطريقة، فلا يتمكن القذافي من الاستيلاء على بنغازي، ولا يستطيع الثوار التقدم غربا، موضحا أن الانتظار فيما الحرب الأهلية تشتعل يعد مبررا غريبا للتدخل، وسيكون تشويها لدور الأمم المتحدة في حفظ السلام وفي الواقع يمكن تسميته بالحفاظ على الحرب، كما أنه مخالف لهدف إنشاء حلف شمال الأطلسي، وهو الدفاع عن الغرب.
أما الحديث عن التدخل الإنساني فيبقى موضع جدل، فقد كانت نتيجة التدخل في دكتاتوريات مثل العراق سلام هش وبعض الهدوء وتخفيف حدة التوتر القبلي، وتدمير أكبر نوع ما وسفك للدماء. ومع ذلك، فهذه التدخلات كانت مبررة بأنها "إنسانية".
ووصف الكاتب تصريح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الذي قال فيه إنه سيتم ضرب أي حكومة تقمع شعبها وتحرمه حريته وتنتهك حقوقه، بأنه تصريح بمهاجمة أي طرف يتم انتقاؤه وفق معايير محددة لا توافق مصالح الغرب. وهكذا يبدو أن القذافي يمثل هدفا معقولا، وإذا تم إسقاطه فسيكون محله دمية تصبح هدفا للإرهابيين والإسلاميين المتشددين، ويمكن أن تتحول ليبيا إلى دولة مثل كوسوفو لكنها غنية بالنفط.
وأكد الكاتب أنه يجب مساعدة المحتاجين في شرق ليبيا، وإذا أراد الغرب إسقاط القذافي فيجب استهدافه، لأن بقاء الوضع هكذا سيعطيه نصرا آخر على "الفاشية والإمبريالية" كما حدث عشية غارات 1986.
لكن الكاتب أكد أن استهداف القذافي سيلقى معارضة من دول عربية غير ديمقراطية، كما أن سوريا واليمن تملكان أهمية إستراتيجية كبيرة مقارنة بليبيا، والغريب أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يزعم أن مصالح بريطانيا ستضرر بسبب الحرب الأهلية في ليبيا، وهو المبرر نفسه الذي ساقه أنتوني إيدن عشية أزمة السويس في العام 1956.
وخلص الكاتب إلى القول إن مشكلة التدخل الغربي هي أنه يفتقر إلى الشجاعة. وقال إن الغرب يدعي أنه يعلم ما هو أفضل بالنسبة للعالم. ولكن عندما يحين وقت الحسم لا نجد سوى بعض القنابل على الطريق إلى بنغازي، وصاروخ توماهوك على مقر قيادة القذافي، وقذائف قليلة لترويع سرت، إضافة إلى حفنة من قذائف "آر بي جي" لإبقاء الثوار بعيدين عن الوقوع في فخ اليأس. وإذا كانت هذه هي الليبرالية، فالحفاظ عليها أمر سهل ويسير.