20110407
الجزيرة
يتواصل في ساحة الشهداء بالعاصمة الجزائر اعتصام المئات من الحرس البلدي -وهو قوة أمنية شاركت في محاربة الجماعات المسلحة إبان فترة العنف التي شهدتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي- بينهم مفصولون عن العمل جاؤوا من مختلف ولايات البلاد لنقل مطالبهم إلى رئيس الجمهورية.
وقال سوسي رؤوف ممثل الحرس البلدي المفصولين من العمل منذ 2001 للجزيرة نت إن "عدد المفصولين من العمل يبلغ 23 ألف شخص من أصل 95 ألفا كانوا يحاربون الإرهاب خلال العشرية السوداء".
وتتمثل مطالب المعتصمين في إعادة المفصولين عن العمل، والتعويض عن سنوات التوقيف عن العمل، وإعادة النظر في أجور الحرس البلدي. ويتقاضى هؤلاء حاليا 13 ألف دينار جزائري (نحو 150 دولارا) وهو أقل من الحد الأدنى للأجر المحدد بـ15 ألف دينار، بحسب رؤوف.
دون الطموح
ووفق أحد أعضاء اللجنة الوطنية الممثلة للمعتصمين الذين استقبلتهم رئاسة الجمهورية، فقد رفض هؤلاء ما قدمته الحكومة "لأنه لا يلبي مطالبنا في ما يتصل بالتقاعد ورفع الأجور بعشرة آلاف دينار جزائري على الأقل، والتعويض عن ساعات العمل الإضافية، وإعادة المفصولين عن العمل".
وأكد على سلمية الاعتصام "الذي يبقى مفتوحا لغاية تحقيق المطالب، وهو منطق المعتصمين في مستشفى مصطفى باشا من طلبة الطب المتمرنين والأطباء المقيمين بأنهم في إضراب مفتوح لتحقيق مطالبهم".
وقال المتحدث باسم طلبة الطب السنة النهائية (المتمرنين) عمر بلعباس للجزيرة نت "لدينا ثلاثة مطالب تربوية واجتماعية وإدارية".
ويشتكى بلعباس من أنهم "مهمشون ولا يتلقون تأهيلا علميا جيدا، ويقومون بكل الأعمال الطبية وغير الطبية ويتقاضون شهريا 1900 دينار جزائري". مع العلم أن الدراسة الجامعية مجانية بالجزائر.
وتشمل الاحتجاجات الاجتماعية مختلف القطاعات من عمال السكن وموظفي البلديات وطلبة الجامعات والأساتذة، فضلا عن احتجاجات المواطنين بسبب غلاء الكهرباء والغاز والماء وضعف الطرقات والسكن.
مطلب واحد
وتلتقي جميع الاحتجاجات في مطلب تحسين مستوى معيشة المواطن التي وصفها المحلل السياسي محمد عباس بالصعبة بسبب عدم تناسب الأجور مع الأسعار الخاضعة للمضاربة.
وقال في حديثه للجزيرة نت إن "حالة الاحتقان كبيرة ويحاول النظام تسكين مطالب فئوية سرعان ما تعود بقوة أكبر".
وبحسب عباس فإن "النظام الجزائري يعاني من نقطة ضعف كبيرة لأن الاقتصاد معطل منذ حوالي 30 عاما حيث لم يفتح مصانع ولا يساعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهناك احتكار خانق لكل المبادرات الجادة التي من شأنها الانفتاح على الشباب وتفتح آفاقا أمامه"، وأضاف أن "المطلوب هو ثورة جديدة وليس إصلاحا ترقيعا لا يسمن ولا يغني من جوع".
وفي رده على سؤال الجزيرة نت عمن سيقوم بالثورة، قال عباس "ستظهر في مرحلة تاريخية قوى فاعلة، يبدو أنها تتشكل حاليا لتلعب دورها جديا، لأن أوضاع الجزائر تحتاج إلى ثورة ثانية وليس إلى ترقيع".
ويرى المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن غياب التمثيل النقابي للشرائح الاجتماعية وراء انتشار الاحتجاجات الاجتماعية الفئوية.
وقال للجزيرة نت إن "الغطاء الظاهر لهذه الإضرابات مطالب اجتماعية، ولكن هناك ضغوطا سياسية ترمي إلى تحريك الشارع".
وفي رده على سؤال للجزيرة نت عن مصدر الضغوط، قال رزاقي "تأتي الضغوط من الخارج تأثرا بما حدث ويحدث في الدول العربية من ثورات، وفي الجزائر ما زالت الجوانب السياسية مغلقة، والحوار غير موجود على مستوى المؤسسات السياسية".
وأوضح "أتوقع أن يحدث بالجزائر شيء شبيه بما حصل في تونس ومصر لأن هناك نوعا من التعتيم عما يجري في الجزائر، وهناك تضليل للرأي العام وغياب للشفافية وعدم تحرك السلطة لحل بعض الإشكاليات، وهناك انغلاق سياسي سيؤدي بالضرورة إلى انفجار، بمعنى أن هناك أطرافا معينة تضغط نحو الانفجار" دون أن يسمي تلك الأطراف.