20110527
الجزیرة
في إطار مناقشات الحوار الوطني بالقاهرة -الذي أنهى أعماله مؤخرا- أتت قضية المديونية العامة، كواحدة من المشكلات الكبرى التي خلفها نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وبسببها تواجه حكومة ما بعد الثورة أزمة في ردم الفجوة التمويلية بالموازنة العامة.
وخلال المناقشات في محور التنمية الاقتصادية والمالية تم التركيز على خطورة وضع الدين العام، وعابت بعض توجهات السياسة المالية للحكومة الحالية في التسامح في تحصيل بعض الإيرادات العامة، وزيادة بعض النفقات، تحت وطأة الضغوط السياسية.
وفي حديث للجزيرة نت اعتبر عميد تجارة قناة السويس الكتور حامد مرسي أن الدين العام المحلي وصل إلى معدلات غاية في الخطورة، فالبيانات تقدر هذا الدين بنحو 889 مليار جنيه (149 مليار دولار) بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2010، كما وصلت الديون الخارجية لنحو 32 مليار دولار.
مديونية فاقت الحدود
وأوضح أن المشكلة لها أكثر من جانب، الأول أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي فاقت الحدود المسموح بها، فهي الآن تتجاوز نسبة 100%، والجانب الآخر أن خدمة الدين من أقساط وفوائد بلغت نسبة 25% من حجم الإنفاق السنوي في الموازنة العامة للدولة، حيث بلغت قيمة الأقساط والفوائد في العام المالي الحالي نحو 172 مليار جنيه (28.9 مليار دولار).
وأكد مرسي أن السياسة المالية في عهد حكومة مبارك الأخيرة لم تكن لها أي خطة لتقليل أو سداد الدين، مشيرا إلى أن الحكومة حينها كانت تلجأ لسداد الدين القديم بدين جديد، مع زيادة سنوية في حجم الدين لسد العجز في الموازنة العام.
وبسؤاله عن خطة الحكومة الحالية لمواجهة مشكلة الدين العام، أجاب مرسي بأنه إذا تعاملنا مع الحكومة الحالية على أنها حكومة تسيير أعمال، فهي ليست مطالبة بوضع خطة لأن عمرها في السلطة قصير، ولكن إذا نجحت هذه الحكومة في تثبيت قيمة الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي، فيُعد ذلك نجاحا بالنسبة لها.
ولكن تشير تصريحات وزير المالية الحالي سمير رضوان إلى أن الدين سوف يزيد بمقدار ما سيتوصل إليه من اتفاقيات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهو الأمر الذي لا يفضله الكثير من الاقتصاديين، على اعتبار أن هناك موارد أخرى يمكن من خلالها الخروج من وصاية المؤسستين الدوليتين.
وحث مرسي الحكومة الحالية على ضرورة العمل على سد العجز في ميزان المدفوعات، لتخفيف أعباء الموازنة العامة، وذلك من خلال آلية مراجعة الواردات، في ضوء اتفاقيات منظمة التجارة العالمية لمنع دخول السلع الرديئة التي تستنزف النقد الأجنبي وتحارب الصناعات المحلية.
سياسة المضطر
من جهته وصف أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر الدكتور محمود منصور مطالبة الحكومة الحالية بتثبيت الدين العام بأنها أمر صعب في ظل تباطؤ المساعدات العربية، وضعف أداء قطاعي الصادرات والسياحة في مصر.
وصرح منصور للجزيرة نت بأن لجوء مصر للبنك والصندوق الدوليين في ظل هذه الأجواء هو من سياسة المضطر، إلا أنه أوضح أن هناك إمكانية لتقليص نحو 40 مليار جنيه (6.7 مليار دولار) من نفقات كانت مدرجة في الموازنة العامة في الفترات السابقة من بند الأجور والمكافآت للمستشارين بالوزارات وباقي الجهاز الحكومي، وكذلك ميزانية رئاسة الجمهورية.
وأكد أن المطلوب هو ترشيد الإنفاق الحكومي في أسرع وقت، وإذا أمكن ضم الصناديق الخاصة إلى الموازنة فإن ذلك سيضاعف المبالغ المتاحة إلى نحو 80 مليار جنيه، ولكن هذا كله مرهون بسرعة اتخاذ القرارات، والسيطرة على البيانات بشكل كامل.
وأشار إلى أن ذلك مرهون بعودة النشاط الاقتصادي في مصر لأدائه الطبيعي، بالإضافة إلى دخول الوعود العربية بتقديم مساعدات لمصر حيز التنفيذ، من خلال برامج معلنة ومحددة زمنية، كما حدث من قبل الولايات المتحدة.