20110604
الجزیرة
أثارت إحالة إعلاميين ومدونين وقضاة إلى التحقيقات العسكرية بمصر مخاوف حقوقية وسياسية من توجه الجيش -الذي يحكم البلاد- إلى التضييق على الحريات الإعلامية، وسط تصاعد الحديث عن محاولات الجيش إحكام قبضته على الإعلام، في مقابل اتهامات له بعقد صفقة مع قوى سياسية لإيجاد وضعية مميزة للمؤسسة العسكرية في الدستور الجديد.
وخضع خمسة صحفيين وإعلاميين ومدونين لتحقيقات عسكرية الأسبوع الماضي بسبب انتقادات أو حوارات إعلامية تناولت المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
كما جرى التحقيق مع ثلاثة من كبار قضاة مصر بسبب انتقادهم لإحالة المدنيين إلى محاكمات عسكرية، فضلا عن مطالبتهم بإصلاح جهاز القضاء في برامج تلفزيونية وإذاعية.
ودفعت هذه الإجراءات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى التعبير عن قلقها حيال التقارير حول التضييق على الصحفيين والمدونين، معتبرة أنه لا يتوافق مع الاتجاه الذي كان الشعب المصري يسير فيه حين بدأ في ميدان التحرير.
تكميم
ووصفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان هذه القرارات بأنها سياسة يعتمدها المجلس العسكري لتكميم الأفواه ونشر مناخ الخوف، مذكرة بأن الشعب المصري قام بثورته ضد الظلم والقمع، وأن المجلس ليس استثناء لأنه يقوم بدور سياسي.
وأشار بيان صادر عن الشبكة إلى أن المدون حسام الحملاوي استدعي للتحقيق بعدما طالب في برنامج تقدمه الإعلامية ريم ماجد بالتحقيق في انتهاكات الشرطة العسكرية للمعتقلين.
أما الصحفي نبيل شرف فاستدعي بسبب تعبيره عن رأيه في حوار تلفزيوني بشأن وجود صفقه أو تفاهم بين الجيش والإخوان، وهو الاستنتاج نفسه الذي توصل إليه صحفيو صحيفة الوفد.
وأضاف البيان أن المجلس العسكري يعلم تماما أن بعض المنتمين له مارسوا تعذيبا ضد شباب الثورة، وتم إخضاع أجساد بعض الفتيات لكشف العذرية، فضلا عن آلالاف المدنيين الذين أحيلوا إلى محاكمات عسكرية "جائرة".
بدورها، أدانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إحالة قضاة إلى التحقيق معهم في إدارة التفتيش القضائي بوزارة العدل، مؤكدة تضامنها الكامل معهم وتأييدها لمطالبهم المشروعة التي تتفق مع المواثيق الدولية ذات الصلة باستقلال القضاء وحقوق الإنسان.
وطالبت المنظمة في بيان أن تكون تبعية التفتيش القضائي لمجلس القضاء الأعلى بدلا من وزارة العدل لأنها تتعلق بالتفتيش القضائي على أعمال القضاة والرؤساء بالمحاكم الابتدائية وتقييم أدائهم وتقدير كفاءتهم.
ترويع
ويصف الناشط الحقوقي نجاد البرعي إحالة الإعلاميين والقضاة إلى التحقيقات العسكرية بأنه "رسالة ترويع لهم"، مضيفا أنه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يحل الإعلاميون والقضاة إلى التحقيق العسكري، ولم يروع الإعلاميون ويضيق عليهم مثلما يحدث الآن على يد المجلس العسكري.
وقال للجزيرة نت إن هناك خطة ممنهجة لإحكام السيطرة على الإعلام حتى لو لم تصدر قرارات عقابية بحق الإعلاميين، متسائلا عن الرسالة التي يريد المجلس أن يوصلها إلى الإعلاميين والقضاة عندما يستدعي بعضهم ويخضعهم لتحقيق أمام عسكريين ويطلب منهم التعهد بعدم التعرض للمجلس.
وأعرب البرعي عن خشيته من محاولة للجيش لوضع نص دستوري جديد ينظم شؤونه ويضعه في موقع مميز لم ينله من قبل، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بمحاولات لجعل المؤسسة العسكرية قوة بذاتها غير مراقبة من البرلمان ولا يخضع وزير الدفاع فيها لمحاسبة نواب الشعب وكذلك ميزانيتها.
بدوره، قال مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن إن الاتجاه إلى تكرار حادثة الاستدعاء "مرشحة للتزايد"، معربا عن أمله في أن تكون ردود الأفعال الرافضة من الداخل والخارج أقنعت المجلس بضرورة الفصل بين دوره في حماية الوطن وبين الدور السياسي الذي ارتضاه لنفسه كسلطة حاكمة يجب أن تتفهم النقد وتتعاطى معه لا أن تجرمه.
وأبدى حسن في تصريح للجزيرة نت خشيته على مستقبل الحريات في مصر حتى بعد الفترة الانتقالية، خاصة مع سير الأمور وفق الترتيب "اللامنطقي" الذي وضعه المجلس العسكري بتأجيل وضع الدستور إلى ما بعد انتخاب برلمان جديد.