20110605
الجزیرة
يؤشر رفض الحكومة السودانية القاطع لطلب مجلس الأمن الدولي سحب قواتها فورا من منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، ووصفها للبيان الأممي في هذا الصدد بأنه "تخريف"، إلى بوادر أزمة بين الطرفين ربما تؤدي إلى فرض مزيد من العقوبات على السودان "الشمالي".
ويبدو أن حسابات حكومة الخرطوم ستتقاطع بشكل أو بآخر مع كافة حسابات المجتمع الدولي رغم حالة الهدوء التي شهدتها الفترة القليلة الماضية بين الطرفين.
لكن من يتذكر موقف قادة الحكومة ذاتها لا يستبعد أن يأتي الرد الدولي مشابها لموقفها من وفد مجلس الأمن الذي زار الخرطوم مؤخرا قبل أن يفشل في لقاء نائب الرئيس علي عثمان طه ووزير الخارجية علي كرتي بعدما ألغى الوفد زيارة كانت مقررة لمنطقة أبيي.
ويبدو أن دبلوماسية الخرطوم ما زالت متمسكة بحالة انتظار الفعل التي ظلت تلازمها منذ زمن بعيد لتلعب فقط دور المدافع، كما يقول محللون سياسيون.
وكان مجلس الأمن قد دعا حكومة الخرطوم إلى سحب قواتها فورا من منطقة أبيي بعدما أدان في بيانه استمرار احتفاظ الخرطوم بالسيطرة العسكرية على أبيي وهو ما وصفه بأنه "خرق خطير" لاتفاقيات السلام بين الشمال والجنوب.
وحذر مجلس الأمن من أن عدم امتثال الخرطوم لاتفاقية السلام المبرمة عام 2005 يمكن أن يعرض المزايا التي من المقرر أن تحصل عليها للخطر.
رفض
لكن الحكومة السودانية رفضت بشدة مبدأ التعامل مع الطلب الذي وصفته بأنه "تخريف"، مشيرة إلى أن من وضعوه ورصعوه بالإدانات يعيشون في عقلية الماضي، مستنكرة ما أسمته "لغة التهديد التي حملها البيان".
وأعلنت الحكومة السودانية عن جهود قالت إنها تقوم بها بمعاونة أصدقائها في المجتمع الدولي لإزالة "كافة ألغام البيان".
وقال وزير الخارجية علي كرتي للصحفيين "إن الحكومة ليست بحاجة إلى أن يطلب منها الانسحاب من أبيي لأن الجيش دخل المنطقة لأمر طارئ ولمعالجة الأوضاع ريثما يتم الاتفاق على صيغة جديدة"، مؤكدا أن الجيش السوداني "لم يدخل أرضا أجنبية وإنما أرضا سودانية".
وأشار إلى أن "هناك ترتيبات سابقة لتأمين المنطقة، لكن تم خرقها عشر مرات خلال شهرين، ومجلس الأمن والقوات الأممية متواجدون ومتفرجون، لذلك كان لزاما على الجيش القيام بواجبه لتأمين الأرض السودانية".
وربط كرتي إخلاء المنطقة أو انسحاب الجيش منها بالتوصل إلى اتفاق جديد بين الخرطوم وجوبا "لأن الكلام عن الانسحاب في هذا الوقت غير مقبول على الإطلاق".
الفصل السابع
ويرى الخبير القانوني نبيل أديب "أنه طالما أن السودان كله تحت حماية الفصل السابع، فمن الحكمة أن تنسحب القوات الحكومية من أبيي تنفيذا لنصوص اتفاقية نيفاشا".
وقال للجزيرة نت، إن الطلب يعني أن مجلس الأمن "يتجه إلى إيجاد ذريعة لفرض مزيد من العقوبات على السودان الشمالي لإضعافه خاصة إذا رفضت الحكومة الاستجابة للطلب".
واعتبر أن حكومة الجنوب مسؤولة عن الحادث الذي أدى لدخول الجيش السوداني إلى أبيي "لكن لابد من حل الأزمة في إطار اتفاقية السلام وبروتوكول أبيي".
وأضاف أن رد الحكومة على الحادث "أحدث أزمة أكبر. وتجاوز ردها اتفاقية السلام، وبالتالي لا بد من إيجاد صيغة حكيمة لمعالجة الأمر دون مزيد من العقوبات".
لكن الخبير القانوني كامل إدريس قال إن على الحكومة "أن تحاول بذكاء وحكمة تفادي أي قرار جديد بموجب الفصل السابع".
حوار جاد
ورأى أن أسرع خطوة ذكية هي أن يتجه المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لحوار جاد يقطعان به الطريق أمام أي عقوبات على السودان.
واعتبر في حديث للجزيرة نت، أن انسحاب الحكومة من أبيي على ضوء تهديد مجلس الأمن "سيضعف موقفها كثيرا، وبالتالي فإن الانسحاب نتيجة للحوار مع الحركة الشعبية هو الخطوة الإيجابية الحقيقية".
وتوقع أن يساهم صدور أي قرار جديد من مجلس الأمن في تعقيد الأوضاع السودانية، بل سيضعف الشريك الشمالي بشكل كبير، داعيا إلى الخروج من المعركة بأقل الخسائر.
وأوضح أن عددا من الشخصيات السياسية السودانية اقترحت على الحكومة القيام بوساطة قومية ودولية بينها وبين حكومة الجنوب، وهو ما يمكن أن يوقف أي عقوبات أو قرارات دولية جديدة ضد البلاد، معتبرا أن ذلك "كله بحاجة إلى تحرك دبلوماسي ذكي من الخرطوم".