20110613
الجزيره
يواجه عدد من الكتاب والصحفيين السودانيين مصيرا لا يختلف عن مصير آخرين يقبعون في السجون وفق أحكام قضائية كحالة الكاتب أبو ذر الأمين، أو ينتظرون في ذات السجون -كحالة الصحفي جعفر السبكي إبراهيم- وينظرون إلى قادم ربما يذهب بهم ذات المذهب.
وبينما تتحدث الحكومة عن إطلاق الحريات وبداية عهد جديد مع الإعلام، لا تزال قوانين توصف بأنها مقيدة للحريات مطبقة من السلطة دون توقف.
وبينما ينتظر الكاتبان الصحفيان عمر القراي وفيصل محمد صالح مصيرهما -سجنا كان أو غير ذلك- في جلسات ستبدأ خلال أيام، استقبلت محكمة الخرطوم شمال صحفيتين هما أمل هباني وفاطمة غزالي اللتان وجهت لهما تهم بموجب القانون الجنائي وقانون الصحافة والمطبوعات.
ويبدو أن ما تضعه الحكومة من محاذير وحظر للنشر في كثير من القضايا لم يغنها عن ملاحقة بعض الصحفيين عبر مؤسسات أخرى هي بالأساس محل نقد وخلاف.
شكاوى الأمن
وتعتبر شكاوى جهاز الأمن والمخابرات ضد الصحفيين الأكثر شهرة من غيرها، كما تعتبر مواد إساءة السمعة والكذب الضار التي تصل عقوبة بعضها لعامين من المواد ذات التداول الأعلى في القانون الجنائي السوداني الذي يواجه هو نفسه بكثير من النقد.
فمسؤول الحريات الصحفية وحقوق الإنسان في اتحاد الصحفيين السودانيين –المتهم من قبل بعض الصحفيين بأنه مقرب من الحكومة- مكي المغربي أكد أن قانون الصحافة نفسه بحاجة لتعديلات، معبرا عن رفضه لاتخاذ إجراءات جنائية ضد كتاب الرأي والصحفيين.
وقال للجزيرة نت إن الاتحاد دشن حملة واسعة لإيقاف عقوبة الحبس ضد الصحفيين وإبدالها بعقوبة مدنية، مناديا بضرورة تطوير قانون الصحافة ليتماشى مع القوانين الدولية.
تعويض مادي
وطالب بعدم محاسبة الصحفي بالتعويض المادي "كما لا يحاسب بجزاء مدني مضر، بل بعقوبة تتناسب مع طبيعة المهنة التي يؤديها".
أما الخبير القانوني نبيل أديب فاعتبر أن محاكمة كتاب الرأي والمقالات أمر غير ديمقراطي، مشيرا إلى أن إساءة السمعة والضرر أمور تتعلق بالحماية الربحية للشركات أو التقليل من مكانة شخص ما أمام المجتمع، "ولكن لا توجد إساءة سمعة للدولة".
وقال للجزيرة نت إن ملاحقة الحكومة للصحفيين عبر قوانين مقيدة للحريات "تمثل مفهوما مناقضا للديمقراطية"، مشيرا إلى ما أسماه التفسير غير السليم للقانون، "إذ إن الدولة لا تتعرض لإساءة السمعة مطلقا، ومقالات الرأي يجب ألا تحاكم على هذا الأساس".
وتساءل أديب عن كيف تكون الصحافة سلطة رابعة -كما هو معروف- "وهي تواجه بقوانين وإجراءات تعسفية"، منتقدا عدم تشكيل محاكم مفتوحة للكتاب والصحفيين ليشاهدها الجمهور.
ظاهرة إيجابية
غير أن الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف اعتبر لجوء جهاز الأمن إلى القضاء للتحاكم مع كتاب الرأي ظاهرة إيجابية، لأنه كان يتصدى لكتاب الرأي بالاعتقالات، مشيرا إلى ما كفله الدستور من حرية الرأي وحق التعبير.
ورأى أن مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي دون تسليط لسيف الإرهاب "هي الأمور المحببة والمحترمة"، مؤكدا للجزيرة نت أن القانون نفسه يمكن أن يتحول إلى وسيلة إرهاب لمحاصرة حرية التعبير.
وقال إن الجميع يفهم أن تتم مقاضاة وسائل الإعلام عما تنقل من أخبار إذا ما تضررت جهة ما، "لكن لا ينبغي أن تتم محاكمة كتاب الرأي والمقالات على آرائهم".
ومن جهته أكد حسن عبد الله الحسين رئيس هيئة الدفاع عن الصحفيتين هباني وغزالي، أن المحكمة وجهت عدة تهم للصحفيتين وستواصل جلساتها في الفترة المقبلة للنطق بالحكم.
وقال للصحفيين إن هيئته ستنتظر انعقاد الجلسة المقبلة "ومن بعدها يمكن أن يكون لكل حادث حديث"، مشيرا إلى رغبة عدد من القانونيين في الانضمام إلى الهيئة للدفاع عن كافة الصحفيين السودانيين.