20110616
الجزيرة
تتصاعد المخاوف في موريتانيا من حدوث مجاعات في بعض مناطق البلاد النائية بسبب نقص الغذاء وانعدام الوسائل الكافية لجلبه من مناطق بعيدة، وتزداد المخاوف أكثر في المناطق التي يعتمد سكانها بشكل رئيسي في تحصيل حاجياتهم الأساسية على الزارعة والرعي.
وتزداد وطأة الجفاف مع بدء فصل الصيف في المناطق الريفية حيث تنعدم المحاصيل الزراعية وتعاني الثروة الحيوانية من تبعات التصحر والجفاف، مما يضطر الكثيرين إلى الهرب بمواشيهم نحو المناطق الرعوية خارج البلاد، وتحديدا في دولتي السنغال ومالي المجاورتين.
وكانت بعض المنظمات الدولية المختصة -ومن بينها المنظمة البريطانية أوكسفام- قد حذرت في وقت سابق من أن حوالي 300 ألف مواطن موريتاني سيكونون معرضين للمجاعة، بسبب فشل مواسم الحصاد وانتشار الجفاف.
وتتركز المناطق التي تهددها المجاعة في ما يعرف بمثلث الفقر الذي يمتد بين عدة ولايات في وسط البلاد، ويعيش سكانه ظروفا قاسية، ولا يرتبطون ببقية الولايات بطرق معبدة.
ويقطن معظم سكان المثلث المذكور في قرى تسمى "آدوابه" لا تتوافر فيها أبسط مستلزمات العيش الكريم من كهرباء وماء ومساكن لائقة ومنشآت صحية وتعليمية.
وتواجه الحكومة الموريتانية انتقادات بشأن انتهاجها سياسة التعتيم على المجاعة التي تهدد من حين لآخر الكثير من سكانها، إذ سبق أن أقالت الوزير المسؤول عن الأمن الغذائي بعدما كشف عن تعرض بعض أجزاء البلد لخطر المجاعة مطالبا الشركاء الدوليين بتقديم المساعدة.
وقد عدلت الحكومة في نهاية العام الماضي عن هذه السياسة وأعلنت أن آلاف السكان مهددون بالمجاعة، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذهم.
وحاولت الجزيرة نت الاتصال بالمفوضية (الوزارة) المسؤولة عن الأمن الغذائي للاطلاع على المعطيات الرسمية المتوفرة لديها، لكنها اعتذرت عن الإدلاء بأي تصريح، علما بأن المفوضية لم تقدم حتى الآن تقريرها السنوي بشأن وضع الأمن الغذائي في البلاد.
إحصاءات
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي إسلم ولد محمد للجزيرة نت أن الأوضاع المنتظرة في البلاد خلال العام الحالي 2011 أصعب وأقسى بكثير مما كان عليه الحال في العام الماضي 2010.
وأضاف الخبير المتعاون مع المؤسسات الدولية المهتمة بالأمن الغذائي أن آخر دراساته التي أعدها وكانت خلال شهر مارس/آذار الماضي، أبانت عن تباين هائل في أسعار المواد الاستهلاكية المسجلة مقارنة بتلك المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي.
فقد شهدت أسعار القمح في مارس/آذار 2011 ارتفاعا بأكثر من 60%، بينما شهدت أسعار الأرز ارتفاعا في حدود 14%، أما أسعار السكر والزيوت فزادت بأكثر من 40% عن نفس الأسعار المسجلة في مارس/آذار من العام الماضي.
وأشار ولد محمد إلى أن التراجع في القوة الشرائية يعود إلى ارتفاع الأسعار العالمية، وانخفاض قيمة العملة المحلية، وانهيار أو ضعف مؤسسة التموين والتسويق المحلية (سونمكس)، وتراجع أعداد المقاولين والمستوردين مما جعل السوق المحلي أقل تنافسية وأكثر احتكارا.
توزع
وأوضح الخبير الموريتاني أن انعدام الأمن الغذائي لا ينحصر فقط في مثلث الفقر، بل يصل إلى مناطق واسعة بما فيها المناطق الحضرية.
وأشار في هذا الصدد إلى دراسة أجراها في الأسابيع الماضية كشفت أن 9% من سكان موريتانيا -أي ما يربو على 200 ألف نسمة- هم في حالة انعدام الأمن الغذائي.
وعلى الرغم من أن أغلب هذه الشريحة تسكن في المناطق الريفية، فإن ما بين 40 ألفا و50 ألفا منها يقطنون في المناطق الحضرية ويعيشون حالة مجاعة حقيقية، ويتوزعون على عدد كبير من مناطق العاصمة نواكشوط وكبريات المدن الأخرى، بحسب ولد محمد.
ونتيجة لتلك المخاطر المنتظرة، أعلن قبل يومين أن البرنامج العالمي للغذاء منح موريتانيا مبلغ 76.4 مليون دولار (حوالي 20 مليار أوقية) لشراء مواد غذائية متنوعة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وبحسب إيجاز صحفي تلقته الجزيرة نت من مفوضية الأمن الغذائي، سيخصص المبلغ لشراء أكثر من 58 ألف طن من المواد الغذائية الاستهلاكية خلال الفترة من 2012 إلى 2016، مع تغطية تكاليف الشحن والنقل، كما تستفيد منه أيضا الكفالات المدرسية وبنوك الحبوب القروية.