المحيط:
القاهرة: أثار تقدم المهندس القبطي عادل فخري دانيال بأوراق تأسيس حزب جديد أسماه "الاستقامة" إلى لجنة شؤون الأحزاب في مجلس الشورى المصري، جدلا بين المسيحيين والإسلاميين خاصة انها المرة الاولى التي يحدث فيها أن يتقدم قبطي بأوراق تأسيس حزب سياسي.
قال دانيال في مقدمة طلبه: ان حزبه يهتم بالأخلاقيات والقيم والمبادئ تحت اسم "الاستقامة"، ويدعو كل المصريين على كافة انتماءاتهم وأفكارهم وتوجهاتهم بغض النظر عن الدين والجنس والنوع والفكر والتوجه الأيدلوجى، والمفاجأة أن هذا الحزب يؤسسه أول قبطى
اضاف: أن حزبه سوف يعمل على عودة الاخلاق المستقيمة للشعب المصري ومحاربة الرزيلة وفساد الاخلاق، ويقول أن حزبه سيكون حزب سياسي علماني ليس له أي علاقة بالدين وأنه سيكون مفتوح لكل الملل والنحل دون النظر الى عقيدة أحد وسيكون القاسم المشترك لاعضاء الحزب العمل على عودة الاخلاق الطيبة ومحاربة الرزيلة
وأوضح دانيال لصحيفة "الجريدة"' الكويتية، إن "برنامج الحزب قوامه العلمانية ويدعو إلى دعم الحريات والليبرالية، بالإضافة إلى التركيز على حقوق المواطنة وعدم التفريق بين أي مواطن مصري على أساس الدين".
وأكد أنه "لا يجب النظر إلى الحزب الجديد من منظور ديني كما ادعى البعض، والحزب سيولي مصر والمصريين الاهتمام الأول"، مشدداً على أن الحزب "هو حزب سياسي أولاً وأخيراً".
ردود الأفعال
اعتبر النائب الأسبق في البرلمان المصري جمال أسعد عبد الملاك، أنه "وفقاً للقانون لن يكون هذا الحزب حزباً مسيحياً، لأن الدستور المصري ينص في مادته الخامسة على عدم وجود أحزاب على أساس ديني'، متوقعاً أن يكون 'حزب الاستقامة حزباً دينياً بين السطور".
وعبّر أسعد عن رفضه لما أسماه 'الدعاية الدينية' التي سبقت ظهور الحزب، معتبراً أنه 'كان الأولى أن يعلن الحزب أجندة سياسية محددة وقائمة أهداف يتبناها لتكون له مشاركة فعالة'.
وقال المحامى والناشط القبطي كرم حنا، إننا ننظر مثل هذه الأفكار التى تشجع الأقباط على دخول المجال السياسى، وأضاف أننا جميعا نقف معه، ولكننا نرفض أن يخلط الدين مع السياسية، فالاثنان معا أكذوبة، وأشار إلى أننا ندعو الأقباط أن يكونوا لهم فكر سياسى واشتراك فى الفكر السياسي، وأوضح أن الكنيسة ترفض أن تخلط الورقتين معا، لأن مهمة الكنيسة العمل الروحى فقط وليس السياسي.
من ناحيته، رحب خبير شؤون الأحزاب في مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" عمرو هاشم ربيع بهذه الخطوة، مؤكداً أن "الاستقامة' سيكون "إضافة إلى الحياة الحزبية في مصر في حالة كونه لا يهدف إلى إشعال الفتنة بين المسلمين والأقباط"، ولكنه توقع أن تبوء خطوة تأسيس الحزب بالفشل، مشككاً في أن توافق لجنة الأحزاب في مجلس الشورى المصري على الترخيص له "حتى لا تكون هناك مواجهة مع الحركات الإسلامية والتي يمكن أن تتسم بالمواجهة الطائفية".
كما أبدى عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم جهاد عودة "استغرابه الشديد" من تسليط الضوء على كون مؤسس الحزب قبطياً، مؤكداً أنه "من حق أي مواطن مصري أن يتقدم لإنشاء حزب بغض النظر تماماً عن ديانته، لأن ذلك يأتي في إطار حق المواطنة المكفولة للجميع".
من جانبها، وصفت نائبة مجلس الشورى (القبطية) إبتسام حبيب، قيام حزب قبطى بأنه "نوع من العنصرية، و أمر مثير للفتن، ويعمق الفجوة بين عنصرى الأمة"، مضيفة أنه سيكون ذا مردود سلبى على المجتمع المصرى.
وأكدت حبيب تعليقا منها على الإعلان عن إنشاء حزب "الاستقامة" القبطى، رفضها التام لإنشاء أى أحزاب على أساس دينى، سواء ان كان إسلاميا أو مسيحيا، مؤكدة أنه أمر غير دستورى، حتى وإن أكد مؤسسوه على عدم الخلط بين الدين والسياسة، فهو أمر غير مضمون لأن الأساس دينى، على حد قولها، وهو حزب سيعمل فى السياسة، فأين عدم الخلط إذن؟.
الكنائس الثلاث توافق على تأسيس الحزب
في غضون ذلك، أبدت الطوائف المسيحية الثلاث الكبرى الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية في مصر، تأييدها لفكرة تأسيس أول حزب مصرى يرأسه قبطي، غير أن الطوائف الثلاث رفضت أن يكون للحزب ذو توجه ديني، وطالبوا مؤسسى الحزب باحترام الدولة المدنية.
وقال عضو المجلس الملّى رئيس جمعية السلام لحقوق الإنسان القمص صليب متى ساويرس، إن الكنيسة الأرثوذكسية ترحب بمشاركة الأقباط فى الحياة السياسية، ولكنه عاد ليؤكد "نرفض أن يولد حزب سياسى ينتمى لتيار دينى معين، حتى ولو كان مسيحيا، فنحن رفض تداخل الدين مع السياسية لأن الاثنين لا يجتمعان أبدا".
وأكد راعى الكنيسة الإنجيلية القس رفعت فكري، على أحقية أى مصرى فى تأسيس حزب، شريطة أن يكون ذا خلفية مدنية وليست دينية، مضيفا أن "نحن ضد المرجعية الدينية فى دولة مدنية ونحن نرحب بحزب "الاستقامة" الجديد ولكن بشرط الابتعاد عن الفكر الديني".
ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية، حيث أكد مصدر بها أن الكنيسة توافق على فكرة ظهور الأقباط فى العمل السياسى، مرحبا بتقدم المهندس عادل فخرى دانيال بأوراق حزبه الجديد للجنة شئون الأحزاب وواصفا إياه بـ"القبطى النشط".
ردود فعل الإسلاميين
من جانبهم، ربط الإسلاميون موافقتهم على تاسيس الحزب بالمعاملة بالمثل ، وأكد الدكتور محمد حبيب، نائب أول المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أنه لا مانع فى تقدم أى من المصريين آيا كان دينهم برغبة لتأسيس حزب طبقا لمبدأ المواطنة الذى يقره الدستور، مطالباً بتغيير المناخ السياسى والقانونى لإتاحة حرية إنشاء الأحزاب.
وأكد حبيب أن الإخوان ليس لديهم مانع من إدخال الأقباط والمصريين باختلافهم لحزب الإخوان فى حال التقدم بإنشائه أو حال قيامه، معتبرا أن ما يحكمهم هو الأصول والقواعد الحاكمة فى الدستور والقانون ومبادئ الحرية فى إنشاء الأحزاب.
بدوره، أعرب د.ناجح إبراهيم القيادى بالجماعة الإسلامية والرجل الثانى فى مجلس شورى الجماعة عن ترحيبه بمثل هذه الخطوة، ولكن بشرط أنه فى حال الموافقة أن تتاح الحرية للحركات الإسلامية لإنشاء الأحزاب ليكون لها الوجه القانونى، مؤكدا أن الحركة الإسلامية لا تخاف من تأسيس حزب قبطى، بشرط أن يكون هناك حرية متوازنة تأخذ فى الاعتبار العدالة فى فرص الحصول على الشرعية، وكذلك أن يراعى الحزب المصلحة الوطنية وليس المصالح الطائفية.
وحول ما يدعو إليه وكيل مؤسسى حزب الاستقامة من العلمانية والعودة للهوية المصرية القديمة "القبطية"، أكد إبراهيم أن مصر هويتها عربية إسلامية، والأقباط أنفسهم أيدوا هذا وعاشوا فى كنف الحكم والهوية الإسلامية لقرون، فمن يحاول أو يمحو الشخصية العربية الإسلامية أو أن يقترب من الدين فى نفوس المصريين سيفشل بحسب قول إبراهيم.
وفى النهاية رحب إبراهيم بإنشاء حزب قبطى، لكن بشرط أن يراعى مصلحة الوطن والمصريين جميعا بدون تمييز أو تفريق مع إعطاء الحق للإسلاميين فى التواجد على الخريطة السياسية أو الدعوية بشكل قانونى، رافضا أن تتحول الأوضاع إلى الطائفية بين المسلمين والأقباط.