المغرب

20110719
الجزيره

أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ورقة تقدير موقف تخص الوضع المغربي، تحت عنوان "المغرب: التعديلات الدستورية، إصلاح أم احتواء التحول ديمقراطي".


وتشمل الورقة أربعة محاور رئيسة تنطلق من إضاءة حول نقاش التغيير في المغرب، حيث تكشف الأرقام الرسمية والدولية أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب لا تختلف عما هي عليه في بقية الدول العربية.

فهذا البلد ما زال يراوح مكانه، في خانة الشريحة الدنيا، بين البلدان متوسطة الدخل، بينما استطاعت تونس والأردن والإكوادور مغادرة هذه الخانة إلى الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل.

وفيما يخص مؤشرات الفقر، يسجل تقرير البنك الدولي أن نسبة 20% الأكثر فقرا في المغرب يستهلكون 8.5% من الدخل القومي، فيما تستحوذ نسبة 20% الأكثر غنى على 47% من الدخل القومي. أما نسبة الأمية لدى المواطنين المغاربة الذين تزيد أعمارهم على 15 سنة فلا تزال مرتفعة وتصل إلى 56%.

وتسجل تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية الكثير من الخروق والانتهاكات التي لم تستطع السلطات المغربية التوقف عن ممارستها إلى اليوم.

كانت هذه الأوضاع وغيرها كافية لكي تدفع الشباب المغربي إلى إطلاق حركته المطالبة بالتغيير تحت شعار (20 فبراير)، التي لقيت الاستجابة والدعم من طرف مجموعة من القوى السياسية والإسلامية والمدنية.

ورفعت الاحتجاجات مطالب سياسية واجتماعية، أهمها: ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم، وحل الحكومة والبرلمان، ومحاكمة المفسدين، والتوزيع العادل للثروة الوطنية.

وبينما شكلت التعديلات الدستورية التي أعلنها الملك محمد السادس في 9 مارس/آذار 2011 جوابا على مطالب التغيير، إلا أنها لم تلق القبول عند القوى المطالبة بالتغيير، حيث رأى الشباب فيها التفافا على مطالبهم، لا تقدم ملكية برلمانية، ولا تحد من سلطات الملك.

رحبت أغلبية الأحزاب المغربية (نحو 30 حزبا من أصل 34) بالتعديلات الملكية، ورأى البعض أنها تجاوزت التوقعات، بينما رآها آخرون خطوة هامة نحو الديمقراطيات العالمية العريقة.

فتحت التعديلات الدستورية في المغرب نقاشا واسعا حول النظام الملكي، وسلطات الملك وطقوس البلاط، والثروة الملكية. واعتمد المؤيدون للدستور أسلوبا يقارن متن الوثيقة الجديدة بسابقتها، بينما ركزت القراءة الرافضة على مضمون الدستور.

رحب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بنتائج الاستفتاء على الدستور الجديد (98.50%). ورأى فيها المؤيدون الكلمة الأخيرة للشعب المغربي، ودعوا المعارضين إلى وقف احتجاجاتهم، بينما أكدت قوى 20 فبراير أن الشعب قاطع الاستفتاء، وأن أرقام وزارة الداخلية مزورة ولا تعكس إرادة المغاربة، وأنهم سيواصلون احتجاجاتهم.

سيناريوات
في ظل هذا التناقض يبقى سؤال التغيير في المغرب مفتوحا على مجموعة من السيناريوات، أبرزها باحثو المركز في ما يلي:

السيناريو الأول:
يرجح بقوة فرضية التغيير التدريجي والسلمي في المغرب، ويتوقع رواد هذا السيناريو أن يطلق محمد السادس دينامية سياسية مجتمعية تبدأ أولا بخلق أجواء الثقة بين السلطة والفاعل الجديد (قوة الشارع)، ثم مع الأطراف المعارضة، خاصة جماعة العدل والإحسان، قد تشمل تمكين الجماعة من ممارسة العمل السياسي، وإطلاق ناشطي حركة 20 فبراير وبقية المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، وفتح أبواب الإعلام العمومي أمام الرأي المخالف، إضافة إلى تصفية ملفات الفساد الاقتصادي والسياسي، وإبعاد بعض الأسماء المشبوهة من المحيط الملكي، والقضاء على اقتصاد الريع والامتيازات في مختلف المجالات.

ويعتقد أصحاب هذه الرؤية أن النظام سيمارس عملية احتواء لمعارضيه، لكنه في المقابل سيُخضع ذاته لنوع من التغيير.

السيناريو الثاني
ينبني هذا السيناريو على فكرة أن النظام المغربي لم يستوعب التحول التاريخي الذي يشهده العالم العربي، والدليل أنه استخدم دائما التعديلات الدستورية أداة لصناعة المراحل والالتفاف على ضغوط التغيير (6 تعديلات في 49 عاما).

وعلى هذا الأساس، يتوقع هذا السيناريو أن النظام سيلجأ في ما بعد إلى تهميش وتحييد كل منافسيه الأقوياء، ويمكن أن يلجأ، في مرحلة أولى إلى إقناع مكونات "20 فبراير" بفكرة تأسيس حزب سياسي، ثم الدخول إلى الساحة السياسية بصفة فاعل معارض معترف به، ثم ينتقل في مرحلة لاحقة إلى توظيف الاختلافات الأيديولوجية الموجودة بين الفاعلين في هذا الحراك الشبابي، ثم يدفع به في النهاية إلى الانقسام.

السيناريو الثالث
يرى أصحاب هذا التوقع أن مفعول التعديلات الدستورية لم يكن مؤثرا، ودليلهم أنه بعد إعلان النتائج الرسمية للاستفتاء مباشرة خرجت في مدن المملكة تظاهرات مصرة على مواصلة الاحتجاج، وحدثت في مدينة خريبكة ومحيطها الغني بالثروات الفوسفاتية انتفاضة عنيفة للعاطلين.

ويعتقد أصحاب السيناريو الثالث أن من أسباب فشل إقرار الدستور الجديد في إخماد الحركات الاحتجاجية، اعتماد الملك على الأحزاب (نحو 30 حزبا) التي لا تحظى بقاعدة انتماء شعبي قوية في ترويج مبادرته الدستورية، مع العلم أن التعديلات الدستورية لم تكن من مطالب هذه الأحزاب.

ويرى المرجحون لهذا السيناريو أن بإمكان النظام المغربي أن يتجاهل الاحتجاجات الشعبية على المدى القصير، مع استخدام معالجات أمنية جانبية وغير شاملة، حتى لا يثير انتقادات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وهنا يحتمل أن تطور الاحتجاجات أساليب عملها وأدوات اشتغالها، لتعمق تواصلها داخليا وخارجيا، وقد تجلب إليها الفئة التي ظلت صامتة حتى الآن.

ونتيجة لهذا المسار التصاعدي يمكن أن نكون قريبين من الحالة المصرية، ليس من ناحية نتائجها بالضرورة، ولكن على الأرجح من جهة صيرورتها، حيث ستتسع الحركة الاحتجاجية وتتنوع أنماطها قبل أن تتفجر الأوضاع.


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 9:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 5:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 5:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 9:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 9:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 9:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 4:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 4:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 10:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 10:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 7:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 3:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 8:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 6:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 7:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 10:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 5:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 5:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 4:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 4:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 7:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 9:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 9:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 9:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 10:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 10:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 10:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 9:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 6:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 6:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو