لم تنكر الحكومة المصرية وجود زراعات بآلاف الأفدنة – تملكها وزارة الزراعة ويتم تأجيرها للمزارعين وتروى بمياه المجاري (الصرف الصحي غير المعالج)- حيث أعلنت عن إزالة هذه الزراعات في مناطق الصف والعاشر من رمضان ومحافظات المنوفية والغربية وكفر الشيخ.
وقد اختلف الخبراء حول مدى تأثير ذلك على الصادرات الزراعية المصرية التي اقتربت قيمتها من 2 مليار دولار سنويا.
وتعتزم الحكومة إصدار تشريع يجرم استخدام مياه المجاري في إنتاج السلع الزراعية الغذائية، وينظم التشريع المنتظر استخدام هذه المياه بحيث لا يؤدي ذلك إلى أضرار صحية على الإنسان والحيوان، ويقصر استخدام هذه المياه على زراعة الأشجار الخشبية غير المثمرة.
مخاطر بعيدة
وكشف الخبير الاقتصادي الدكتور مختار الشريف -أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة- عن أن المساحات التي تزرع بمياه المجاري في أعلى تقديراتها تصل لنحو 30 ألف فدان وهو ما تبلغ نسبته نحو 0.3% من مساحة الأراضي الزراعية في مصر البالغة مساحتها نحو 8 ملايين فدان.
ونفى الشريف وجود مخاطر لزراعات المجاري على تصدير السلع الزراعية، بسبب أن مساحات الزراعة المخصصة للتصدير بعيدة كل البعد عن الأماكن التي يوجد بها صرف صحي أو صناعي مثل مناطق النوبارية والصالحية.
وأضاف أن مناطق الزراعات التصديرية مراقبة من قبل المستوردين في أوروبا بشكل جيد، وهناك عملية "تكويد" لكافة السلع المصرية الزراعية المصدرة، بحيث يتم من خلال هذا الكود معرفة حوض زراعته، وكافة التفاصيل الخاصة به في عمليات البذر والجني والتعبئة والتصدير.
وأكد الشريف أن مشكلة هذه الزراعات في طرحها على السوق المحلية، وهنا نتحدث عن جانب إنساني لا يفرق بين مستهلك محلي أو أجنبي، فالحفاظ على صحة الإنسان قضية لا تقبل التجزئة.
وطالب بوجود حملة إعلامية كبيرة لتوضيح القضية لكافة المستهلكين في الداخل، وفي الخارج أيضا حتى لا يُساء استخدامها ضد الصادرات الزراعية لمصر.
سلاح للمتنافسين
من جهته أكد رجل الأعمال المصري الدكتور محمود عمارة -مصدر سلع زراعية– أن مياه المجاري تستخدم في كل بلاد العالم، ولكن خارج نطاق إنتاج الغذاء سواء كان للإنسان أو الحيوان أو الطيور.
ولكن المشكلة في مصر أن هذه المياه استخدمت في إنتاج محاصيل غذائية للأسف منذ عشر سنوات، مما يجعلها غير صالحة سواء على المستوى المحلي أو التصدير بسبب الأضرار الصحية الناتجة عن استخدامها.
أما عن تأثير هذا الأمر على الصادرات الزراعية لمصر، فسيكون أثرًا غير مباشر، لأن معظم المستوردين للسلع الزراعية المصرية وبخاصة في أوروبا يقومون بزيارات ميدانية ويراقبون كافة مراحل الإنتاج والتصدير.
ويرى عمارة أن مجرد نشر معلومات حول استخدام مصر لمياه المجاري في ري بعض الزراعات يعطي المنافسين الآخرين في سوق التصدير سلاحًا لإزاحة المصدر المصري من الأسواق التي ينافس فيها، من خلال استغلال المنافسين لهذه المعلومات.
ويضيف عمارة أن تفجير هذه القضية أتى في وقت غير مناسب للصادرات الزراعية المصرية بسبب معاناتها أصلا من مشكلات مثل ارتفاع تكلفة الإنتاج، ووجود بعض الأمراض لسلع تصديرية مهمة مثل العفن البني للبطاطس، ودخول منافسين جدد لسوق التصدير.