20110808
الجزيره
أثارت زيارة مجموعة من الشعراء والمثقفين الجزائريين إلى العاصمة الليبية بدعوة من أوساط مقربة من العقيد معمر القذافي جدلا في الوسط الثقافي الجزائري، حيث اعتبرها البعض انحيازا لنظام مستبد، وتفهمها آخرون بحجة أنها زيارة إلى دولة جارة تتعرض للقصف والتدخل الأجنبيين.
وطالب الشاعر رابح ظريف أصحاب هذه الخطوة بالاعتذار للشعب الجزائري لأن ما قاموا به يتنافى -من وجهة نظره- مع مبدأ نصرة المظلوم التي دأب عليها الشعب الجزائري على مدار التاريخ.
في بلاط الموت
وأضاف صاحب ديوان "فاكهة الجمر" في تصريح للجزيرة نت "حين رأيت أحدهم يقف في منزل تعرض للقصف، وكان ينظر إلى الكاميرا كأنما يحاول أن يقول: إن القذافي مظلوم، تساءلت: لماذا لا يزور هذا الشاعر الشرق الليبي ليرى ما فعلته كتائب القذافي في الإنسان والمكان قبل أن يتدخل الناتو؟".
وتساءل الشاعر رمزي نايلي "إذا كان الشاعر هو صوت الإنسان الحقيقي، فكيف يستطيع أن يكون ضيفا في بلاط الموت والسواد؟"، وقال صاحب ديوان "فاعل الحبر" للجزيرة نت "من وافق على دعوة قدّمها له القذافي في ظل هذه الظروف وهذا التقتيل، يعدّ في نظري جنديا في كتائب الموت لا شاعرا يصدح قلمه بالحياة.. من كان يتصور أن الشعراء عادوا ليلتمسوا وزن سخافتهم ذهبا".
وذهب الكاتب والمدون يوسف بعلوج إلى حد مطالبة زائري طرابلس الغرب بالكشف عن قيمة المبالغ المالية التي قبضوها من جماعة القذافي مقابل هذه الزيارة، حيث صرح للجزيرة نت "من المؤكد أن من يفعل مثل هذا الأمر يكون قد حصل على إغراءات مادية، وهو ما أكده لي أصدقاء عُرض عليهم الذهاب ورفضوا إيمانا منهم بحق الشعب الليبي في عيش كريم وحاكم عاقل".
فضول وتضامن
من جهة أخرى أبدى الشاعر نصر الدين باكرية -أحد المشاركين في هذه الزيارة- فخرا بخطوته هذه، مؤكدا أن فضوله لمعرفة الواقع الليبي وإصرار بعض الأصدقاء الليبيين جعلاه يوافق على الدعوة.
وسألته الجزيرة نت عن جملة التأملات التي خرج بها من هذه الزيارة، فقال باكرية "اكتشفت من خلال احتكاكي بالناس هناك أن تدخل حلف الناتو في ليبيا أكسب القذافي شعبية لم يكن هو ذاته يحلم بها طيلة 40 عاما، وأن هناك من يلعن الناتو لأنه أفسد على ليبيا فرصة تاريخية للتغيير، ومدّ في عمر وجوه مهترئة ملها الليبيون".
وأكد "لقد استطعت تكوين رؤية بالمعاينة الميدانية عن حقيقة الوضع في الشطر التابع للقذافي، والذي تطبعه الأزمة على كل الأصعدة، خاصة أزمة الثقة، إذ اكتشفتُ أن الكثير من المسؤولين الليبيين ينتظرون الفرصة السانحة للفرار، وأن البعض باق هناك لسبب واحد هو خشيته من أن يتهم بالخيانة".
كما أكد الشاعر عبد العالي مزغيش -أكبر المتحمسين للزيارة- أنه كان يود زيارة بنغازي أيضا لكن وضعها الأمني لا يسمح له بذلك، مبررا زيارته إلى طرابلس بأنه يرفض التدخل الأجنبي في أي دولة عربية بغض النظر عمن يحكمها.
وأكد في مزغيش في تصريح للجزيرة نت "وجب علينا التضامن معهم، فهم كما قال لي أحدهم: لا نريد أن تحاربوا معنا الناتو وأذياله، لأننا قادرون على مواجهته لإيماننا بالعدالة الإلهية، لكننا لا نحب أن يخذلنا إخواننا العرب".
وأضاف "أنا زرت بلدا عربيًا ولم أزر إسرائيل، وآمل أن أعود إلى هناك وقد وضعت الحرب أوزارها".