20110811
الجزيرة
ما إن كشفت الحكومة الصينية عن طرح مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الخرطوم وجوبا لحسم خلافاتهما التي يقف البترول على رأسها، حتى تطابقت وجهات نظر الطرفين المعنيين بين الترحيب والتأييد.
ويبدو أن الصين التي توجد استثماراتها بالسودان ودولة جنوب السودان عازمة على لعب دور ايجابي أكبر من الاعتراض على بعض قرارات مجلس الأمن الدولي بالدخول المباشر في عمق القضية السودانية المعقدة.
لكن الدور الصيني ربما يصطدم بعقبة ما أسماه محللون سياسيون أجندات الخارج، الأمر الذي يتطلب من بكين نشاطا دبلوماسيا مكثفا وفق رأيهم.
وكان وزير الخارجية الصيني يانغ جي تشي قد أعلن عن مبادرة لتقريب وجهات النظر بين السودان ودولة الجنوب لاستئناف الحوار وتسوية القضايا العالقة، معددا أوجه التوافق الاقتصادي بين البلدين "ونريد أن نرى تعاونا جيدا في مجالات مثل الزراعة وإنشاءات البنى التحتية وإنتاج النفط".
توافق اقتصادي
وعلى الرغم من ترحيب الحكومة السودانية بالمبادرة، واعتبارها أن الصين مؤهلة للقيام بذات الدور لما تتمتع به من قبول وتقدير لدى الطرفين ولما لها من استثمارات ومصالح تجعلها حريصة على تعايش الجانبين بسلام، لم يستبعد محللون سياسيون إمكانية تدخل أطراف أخرى تصعب من مهمة بكين.
أما حكومة جنوب السودان فأكدت عبر الناطق الرسمي باسمها –المكلف– برنابا مريال تأييدها لما طرحته بكين بما يمكن الخرطوم وجوبا من الوصول إلى معالجة كافة القضايا العالقة.
وقال للجزيرة نت إن تدخل الصين هذا الوقت بالذات مفيد للطرفين على السواء، مبديا استعداد حكومته للجلوس مع الخرطوم في أي زمان ومكان.
في حينا اعتبر المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن الأرضية بين الطرفين صالحة لحل المشاكل القائمة بينهما سواء كان عبر الوساطة الصينية أو غيرها، مشيرا إلى وجود تعقيدات ثقافية واقتصادية واجتماعية وسياسية بين الدولتين.
وأشار خاطر إلى حاجة الطرفين لمزيد من الوقت حتى يتمكنا من التوافق بشأن القضايا العالقة بينهما، متوقعا في الوقت ذاته إمكانية نجاح الصين في مسعاها بشرط وجود بعض الجهات الغربية التي تستشيرها جوبا.
وقال للجزيرة نت إن دخول الصين كمستثمر بالدولتين له عدة مزايا إيجابية ربما تفيد على الأقل في سماع وجهة نظرها، لكنه رهن ذلك ببناء البدائل وحسن النية المشتركة.
أما المحلل السياسي محمد علي سعيد، فاعتبر أن الصين معنية بانفصال الجنوب وبالخلافات بين الدولتين "لاشتراك مصلحتها في جانبي المعادلة" متوقعا دخول الصين كوسيط مقبول أكثر من أميركا أو الاتحاد الأفريقي.
عقبات سياسية
غير أنه أشار إلى وجود عقبات سياسية -لجهات دولية أخرى- ربما وقفت حائلا دون تحقيق أهداف الصين المعلنة، مؤكدا وجود رغبة للطرفين بعدم تصعيد مواقفهما الخلافية في الوقت الحالي.
وقال للجزيرة نت إن نجاح المبادرة الصينية يعني بالضرورة عودة العلاقات السياسية والاجتماعية إلى طبيعتها، معتبرا عزم جوبا مراجعة عقود النفط محاولة لإثبات المقدرة على الفعل.
بينما رأي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بابكر محمد الحسن أن الخطوة الصينية -وعلى الرغم من تأخرها- تشكل نقطة انطلاق حقيقية لمعالجة ما يختلف حوله بين الخرطوم وجوبا.
وقال للجزيرة نت إن الدولتين لديهما مصلحة في العلاقة مع بكين، ومن الجائز أن يحدث نوع من الوفاق احتراما لتلك المصلحة، مستبعدا تخلي الصين عن أحد الطرفين "وإن كانت ستميل كفتها لصالح الجنوب".