افاد تحليل نشره موقع هيئة الإذاعة السويسرية على الإنترنت، إن الولايات المتحدة لن تسمح بتغيير النظام في مصر، حتى لو غرقت في بحر من الدماء، وذلك استنادا إلى سيناريوهات طرحها مجلس العلاقات الخارجية الاميركية.
واوضح التحليل: "أن جمال مبارك يعد هو الخيار الأول لخلافة والده، لكنه خيار مشروط بموافقة أجهزة الأمن والجيش المصري عليه، مع ضمان مصالح المؤسسة الأمنية العسكرية ومواصلة إمساكها بكل خيوط السلطة، أما إذا لم يتمكن من ذلك فلن يتغير شيء على المستوى العملي.
وفيما سادت تكهنات متضاربة حول ما إذا كان سيناريو "توريث السلطة" في مصر خضع للنقاش خلال المباحثات التي أجراها الرئيس حسني مبارك والرئيس الاميركي باراك أوباما بالبيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، ذكر التحليل أن مسألة الخلافة في مصر شغلت حيزا كبيرا إن لم يكن الحيز الأكبر خلال محادثات مبارك مع أوباما والمسئولين في الإدارة الاميركية.
وتوقع التحليل أن يكون أوباما قد طرح سؤالا على مبارك خلال قمتهما بالبيت الأبيض حول مسألة الخلافة، ما هو رأي المؤسسة العسكرية بنجلك جمال؟، على الرغم من عدم صدور تصريحات من أي المسئولين الاميركيين تؤكد حقيقة إجراء مناقشات بهذا الخصوص بين الرئيسين المصري والاميركي.
وعادت التكهنات حول مسألة الخلافة إلى السطح خلال الأشهر الأخيرة وسط تكهنات بأن ثمة خططا لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكـرة جديدة في خـضم حملات كثيفة شنتها السلطة لاعتقال أعداد كبيرة من "الإخوان المسلمين".
وقال التقرير: "إن البعض استنتج من ذلك أن النظام ربما بدأ بتحضير الأجواء لمرحلة انتقال سلسلة للسلطة إلى حضن جمال مبارك، عبر التخلص من البرلمان الذي يسيطر على خس مقاعده الإخوان المسلمون".
ونقل عن الدكتور محمد حبيب نائب مرشد الإخوان القول: "لاحظنا التحرك السريع للأحداث، فكما كان ثمة شيء مـثل الانتخابات يعمد النظام إلى محاولة وقف أي نشاط سياسي أو اجتماعي، انه يسكت أصوات المعارضين كي يمرر ما يريد بهدوء ومن دون نقاش".
ولاحظ التحليل الذي نشره "سويس إنفو" في ضوء هذه التكهنات أن الرئيس مبارك بدا ضعيفا ومنهكا في الصور، خاصة بعد غيابه القصير عن الظهور العام على إثر الوفاة المفاجئة لحفيده في شهر مايو الماضي، بيد أن رحلته الأخيرة إلى واشنطن أشارت إلى أنه ربما استعاد عافيته كما يقول.
واستبعد التقرير ان يقابل تمرير سيناريو التوريث في مصر بمقاومة مدنية واسعة أو غضبا متفجرا في الداخل المصري، مرجعا ذلك إلى أن المصريين أصلا لم يكونوا يختارون قادتهم، وهم يفهمون أنه على رغم وجود مظاهر رسمية لديمقراطية برلمانية، إلا أن القرار الحاسم يتخذ داخل المؤسسة الحاكمة، وأن أفضل ما يمكنهم الحصول عليه هو طلب موافقتهم عبر انتخابات شكلية.
وفي ذات السياق، نقل التقرير عن محللين في صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إن الرئيس القادم في مصر سيأتي حتما من داخل الجيش أو أجهزة الأمن أو الحزب الحاكم، لكنهم رهنوا صعود جمال مبارك إلى السلطة بحصوله على تأييد المؤسسة العسكرية التي جاء من صفوفها كل الرؤساء منذ عام 1952، وهذا أمر يقول التقرير إنه "لا يزال في عالم الغيب"، لأن الجيش لا يفصح عن آرائه حيال الأمور السياسية علنا،
ويعتقد البعض أن المنافس الأكثر احتمالا لجمال مبارك على الرئاسة، هو اللواء عمر سليمان مدير المخابرات الذي يعمل كرجل المهمات الصعبة في قصر الرئاسة.
وينقل التقرير عن تحليل نشره مجلس الأمن القومي الاميركي (مركز الأبحاث الذي يختار من سيكون رئيس اميركا، وبالطبع غالبية قادة العالم) في 19 اب/أغسطس الجاري، إن ثمة سيناريوهان يمكن بموجبهما للجيش المصري أن يتدخل في عملية الانتخابات الرئاسية.
الأول: أن تؤدي الإجراءات الدستورية إلى وصول جمال مبارك أو شخص آخر إلى الحكم، لكنه يفشل في ممارسة السلطة بحكمة الأمر الذي يؤدي إلى تدهور الأوضاع، وحينها قد تتحرك أجهزة الأمن الداخلي بقيادة وزارة الداخلية، لإحكام سيطرتها بهدف منع حدوث المزيد من اللااستقرار وفي حال فشلت في ذلك سيتدخل الجيش.
الثاني: أن يقوم الجيش بانقلاب قصر إذا ما رأى أن انتخاب جمال مبارك أو أي شخص آخر يهدد العلاقات الدقيقة بينه وبين الرئاسة، وبالطبع أي اضطرابات شعبية وسياسية واسعة تثير الشكوك بشرعية الرئيس الجديد، ستكون مبررا ممتازا لانقلاب القصر هذا.
والمؤشرات الرئيسية لإمكانية حدوث ذلك، ستكون اندلاع اضطرابات شعبية واسعة أو تلكؤ المؤسسة العسكرية في إعلان دعمها للرئيس الجديد، واعتبر أن سيطرة الجيش على السلطة وإن كانت ستؤثر على المصالح الاميركية في مجالي حقوق الإنسان والديمقراطية، إلا أن هذا التدخل في خاتمة المطاف لن يكون ضربة كارثية لهذه المصالح في المنطقة، وأنه إذ ما قررت المؤسسة العسكرية المصرية تعيين مرشحها لقمع الاضطرابات الداخلية، فلن يتوافر لواشنطن خيارات كثيرة وسيكون عليها التأقلم مع هذا التدخل العسكري.
واستبعدت سيناريوهات الخلافة في مصر، إمكانية وصول الإسلاميين إلى السلطة، قائلة "إن هذا احتمال بعيد جدا، رغم أن الإسلاميين لينوا خطابهم وباتوا يتحدثون بلغة إصلاحية، إلا أن اندفاعهم إلى السلطة لن يخدم المصالح الاميركية وستكون له مضاعفات كارثية على المصالح الاميركية في الشرق الأوسط، نظرا لأن الإسلاميين يعارضون السياسة الاميركية بالشرق الأوسط، وهو أمر سيكون له مضاعفاته على المنطقة".
لذا، فقد تنصح الولايات المتحدة كبار الضباط المصريين الإمساك بزمام الأمور لمنع استيلاء الإسلاميين على السلطة، قد تكون المحصلة دموية لكن التدخل العسكري سيحفظ النظام المصري، الذي يعتبر حاسما للغاية بالنسبة إلى المصالح الاميركية في الشرق الأوسط، كما يقول التحليل.