20110825
الجزيرة
أكد مصدر في وزارة الخارجية أن الجزائر "غير منزعجة" من تغيير النظام في ليبيا، وكشف عن فتح قنوات اتصال مع المجلس الانتقالي الليبي الذي قاد المعارضة ضد نظام القذافي. جاء ذلك وسط تباين في مواقف الأحزاب السياسية تجاه الأزمة الليبية.
ونقل موقع "كل شيء عن الجزائر" عن مصدر في وزارة الخارجية الجزائرية قوله إن "الجزائر ليست لديها تحفظات بخصوص المجلس الانتقالي، ولقد فتحنا معهم قنوات اتصال، خاصة مع انشغالنا بالقضايا الرئيسية مثل الأمن والاستقرار الدائم في ليبيا، وعلى وحدتها والوضع الديمقراطي فيها، وتأثيراتها المحتملة على بلادنا".
يأتي هذا الموقف بعد اتهامات سابقة وجهها جناح من المجلس الانتقالي الليبي إلى الجزائر تخص "نقل مرتزقة" لدعم القذافي، وهو ما نفته الجزائر حينها.
معاناة
لكن المصدر جدد نفيه دعم الجزائر لنظام القذافي، وأضاف "منذ اندلاع حركة الاحتجاج في بنغازي في منتصف شهر فبراير/شباط الماضي، الجزائر لم تدعم سياسيا أو عسكريا أو بأي شكل آخر نظام القذافي".
وأضاف المتحدث "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الجزائر عانت أكثر من غيرها من النظام القديم، على مستوى العديد من القضايا الحساسة، مثل قضية الحدود وقضايا الساحل والصحراء وقضية الطوارق".
وحرص المصدر -الذي لم يُكشف عنه لأسباب غير معروفة- على تبرير "الموقف المحايد" للجزائر من الأزمة، وأكد أن الموقف "رفض الاستسلام للتقاليد والعاطفة، ولا حتى لما تمليه الأحداث الجارية (...)، نهجنا عقلاني، ونظرتنا تتركز على الأمن الوطني، وهذه المصالح تتطلب منا اليوم التركيز على أكثر من مخاوف"، على حد تعبيره.
سياسة
وبالرغم من أن هذا "التوضيح" المسرب إلى وسيلة إعلامية خاصة -دون نشره في وكالة الأنباء الرسمية- أوضح العديد من النقاط، فإن تساؤلات طُرحت عن عدم الاعتراف الرسمي بالمجلس، وعدم التعليق على رفع علم الثوار على مبنى السفارة الليبية في الجزائر.
لكن المعطيات تشير إلى أن الجزائر ستعترف "تلقائيا" بالمجلس عن طريق الجامعة العربية، خلال الساعات المقبلة.
وبرر المصدر ذلك بقوله إنه "من أجل كل هذا أقول إن الجزائر ستتكلم عن الوضع في ليبيا، عندما ترى الوقت مناسبا، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة المتغيرات وإجراء تحليل دقيق للواقع على الأرض".
ومن جانبها لم تتناغم مواقف الأحزاب السياسية في الجزائر مع هذا الموقف، فتباينت حتى بين أقطاب التحالف الرئاسي نفسه.
ففي الوقت الذي قال فيه حزب التجمع الوطني الديمقراطي إن "موقفنا من موقف الدولة الجزائرية"، رفض المكلف بالإعلام في حزب جبهة التحرير الوطني التعليق بحجة أنه "لا أحد يعرف ما يجري في ليبيا".
لكن الشريك الثالث في التحالف حزب حركة مجتمع السلم أصدر بيانا "هنّأ" فيه الثوار على نجاح ثورتهم، وهو الموقف الذي ما زال يطرح العديد من التساؤلات في أوساط المراقبين.
وطلبت حركة النهضة صراحة من السلطات في الجزائر "الاعتراف بالمجلس الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي"، في الوقت الذي دعت فيه حركة الإصلاح "الدبلوماسية الجزائرية للتحرك لاستدراك الوضع".
وهذا الموقف المتضمن لانتقادات للخارجية الجزائرية اتخذه أيضا حزب الجبهة الوطنية الجزائرية (معارض)، حين طالب بموقف "واضح تجاه الوضع بليبيا".
ومن جانبه عبر حزب جبهة القوى الاشتراكية (اشتراكي معارض) عن سعادته بتطورات الأوضاع بليبيا، وقال في بيان له إن "وشوك سقوط نظام القذافي بليبيا هو خبر سار"، مجددا الترويج لفكرته التي تنادي بـ"المغرب الديمقراطي للشعوب".
غياب الإستراتيجية
ويرى المحلل السياسي عبد العالي رزاقي أن تأخر الجزائر في الاعتراف بالمجلس الانتقالي يدل على أن "السلطة لا تملك أي إستراتيجية للتعامل مع الأزمات".
ويضيف أن تأخر الأحزاب "عن تقديم التهاني لليبيا يدل على أنها ليست لها علاقة بتاريخ الثورة الجزائرية، لأن الشعب الليبي وقف مع الثورة وهو الذي ساندها".
وأضاف رزاقي "الغريب أن يتنكر الجزائريون لذلك (...)، لكن المؤكد أن سقوط القذافي هو بداية سقوط المجتمع السياسي والمجتمع المدني في الجزائر".
وعن تعليقه على ما يتداول من أن الجزائر ستعترف تلقائيا بالمجلس عبر الجامعة العربية، قال رزاقي إنه "اعتراف بلا قيمة، وسيفقد الجزائر قيمتها ويزيد من التعتيم في العلاقات بينها وبين ليبيا مستقبلا".