الجزيره نت:
تحل بعد خمسة أسابيع الذكرى الأربعون للثورة الليبية وتعهدات الزعيم الليبي معمر القذافي، في بيانها الأول، بالقضاء على الظلم والغبن والحرمان لم تتحقق، بل ارتفعت مطالب بعض الفقراء بانتشالهم من أوضاعهم القاسية، وهي أوضاع لم ينكرها قائد الثورة ذاته حين أقر قبل بضع سنوات بوجود مليون فقير في بلاده التي يبلغ سكانها ستة ملايين.ففي بنغازي، مدينة "البيان الأول" كما تعرف، تقطن نحو 400 عائلة ليبية، متوسط أفراد الواحدة منها ستة، أكواخ الزنك والصفيح حتى اليوم، وتقطن أخرى أسطح العمارات السكنية، وتعيش "تحت خط الفقر".
زكاة ببلاد النفط
يصف المواطن سالم الدرسي ليبيا بأنها "أغنى دولة وأفقر شعب"، قائلا إنه يعيش هو وأطفاله على بيع أكوام القمامة، وإن "أوضاع اللاجئين في المخيمات أفضل حالا من أوضاعهم"، ويرى أن وقوفه عند شباك الزكاة للحصول على مبلغ لا يتجاوز 200 دينار ليبي، إذلال غير مسبوق في دولة نفطية. و طافت الجزيرة نت على عدد من العشوائيات في المدينة وضواحيها، وسجلت انطباعات عشرات ممن أكدوا أن أصولهم ليبية، وطالبوا بحقهم في ثروة النفط.
أسطوانة مشروخة
وفي حي قاريونس العشوائي قال مواطنون إن الإجراءات المعقدة حالت دون حصولهم على قروض مصرفية سكنية تعهدت الدولة بها، وشككوا في وعود المسؤولين، وأبدوا أملهم في أن تحل ذكرى الثورة وقد نقلوا أطفالهم إلى بيوت لائقة.ويعيش سكان هذه الأحياء دون ماء ولا كهرباء في أغلب الأيام، مما أثر على المردود الدراسي لأبنائهم الذين انتشرت بينهم الأمراض البكتيرية. مسؤولون ليبيون عديدون زاروا الحي العشوائي الأعوام الماضية، لكن السكان أصبحوا يعتبرون وعودهم "أسطوانة مشروخة".
عائدات وودائع
وحسب أحدث تقرير لوزارة التخطيط، ارتفعت عائدات ليبيا النفطية، بعد استبعاد الشركاء الأجانب، من 25.5 مليار دولار عام 2005 إلى 55 مليار دولار عام 2008، وبلغت أرصدته في بنوك عالمية آمنة حوالي تريليون دولار حسب مسؤولي المصرف المركزي.وأقر امبارك العبار مسؤول فرع مصرف الادخار والاستثمار العقاري في بنغازي بوجود أزمة سكن، لكن "إدارة المصرف تحاول جاهدة تخفيف وطأة الأزمة بمنحها المواطنين 11 ألف قرض سكني، وتمكينها خمسمائة عائلة من الحالات الطارئة من السكن منذ 2005". وقدّر ما أنفقه المصرف على السكن بستمائة مليون دينار، وقال إنه يسعى لبناء أكثر من أربعة آلاف وحدة.
مشروعات طموحة
وتحدث مراقب المرافق في بنغازي آدم كويري عن مشروعات طموحة في الأعوام المقبلة تتمثل في بناء 65 ألف وحدة سكنية.
وتحدث للجزيرة عن "إجراءات جدية وفاعلة من الدولة لإنهاء أزمة السكن"، لكنه قال إن عددا من قاطني العشوائيات غير ليبيين.كما شككت فوزية البرعصي مسؤولة شؤون المرأة في بنغازي في أصول سكان العشوائيات فـ80% منهم حسب قولها عائدون من المهجر و"الثورة قامت بمسح جميع الأكواخ".
وقالت للجزيرة نت إن العشوائيات باتت مقرا للحذاق... والمارقين، وأكدت أن هيئتها قدمت دعمها الكامل لتمكين عشرات العائلات من سكن صحي، لكن بعد حصول عدد من ذوي الحالات الطارئة على مساكن، تبين أن بعضهم باعها وأن بعضا آخر أجرها، ففُقِدت الثقة بين الجهات المسؤولة والمواطن، وأوصت بلجنة محايدة توزع العقارات. ونفت بشدة تقصير الدولة في هذا الجانب، مؤكدة أن هناك خططا ومشروعات سكنية جاهزة سيتم الانتهاء منها بالتزامن مع العيد الأربعين للثورة.