20110923
الجزيرة
أفرجت المحكمة العسكرية بتونس مؤقتا عن ضابط الشرطة سمير الفرياني الذي ظل رهن الاعتقال العسكري أكثر من ثلاثة أشهر بدعوى إفشاء أسرار أمنية من شأنها زعزعة أمن البلاد، وتم تأجيل محاكمته إلى الخميس المقبل.
واستجابت المحكمة أمس الخميس إلى مطالب هيئة الدفاع عن الفرياني لمحاكمته وهو مطلق السراح، في وقت تظاهر فيه مئات المواطنين خارج المحكمة للضغط باتجاه الإفراج عنه.
واعتقل سمير الفرياني يوم 29 مايو/أيار الماضي بعد شكوى رفعها ضدّه وزير الداخلية الحالي، وهو أحد الكوادر الأمنية في النظام السابق، بدعوى أنه أفشى أسرارا أمنية من شأنها "زعزعة" الأمن الداخلي والخارجي.
ونشر الفرياني مقالات صحفية كشف فيها أسماء مسؤولين أمنيين تورطوا بقتل متظاهرين قبل الثورة. كما تحدث عن إتلاف ملفات من أرشيف وزارة الداخلية، قال إنها تثبت تورط الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد).
وتمت إحالته على القضاء العسكري بدلا من القضاء العادي بسبب مهنته كضابط شرطة، وبسبب طبيعة إحدى التهم الموجهة إليه وهي "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي".
فرحة عارمة
وبعد الإعلان عن إطلاق سراح الفرياني مؤقتا، تعالت أصوات البهجة داخل المحكمة وانهمرت دموع الفرح على عيني سمير وزوجته وأمه الطاعنة في السن. كما عمّت الفرحة خارج المحكمة، حيث تجمع مئات المتضامنين معه.
وأبدت زوجته ليلى الفرياني ارتياحها لقرار المحكمة، قائلة للجزيرة نت "سيغمى عليّ من شدة الفرحة"، لكنها تبقى فرحة مؤقتة بالنسبة لها حتى يصدر الحكم النهائي.
وتقول إن "القضاء أثبت نزاهته وحسن نيته اليوم.. أتمنى أن تنصف المحكمة زوجي لأنه لم يقترف أي جريمة، بل قام بواجبه تجاه وطنه في الكشف عن بعض الجرائم".
وعانت ليلى لوعة فراق زوجها الذي قبع في غياهب السجن عدة أشهر، إثر مقالات كشف فيها أيضا عن ملفات حساسة منها ترقية مسؤول أمني يدعى ياسين التايب رغم تورطه في قمع الاحتجاجات قبل الثورة، حسب قولها.
من جانبه، عبر المحامي سمير بن عمر عن رضاه عن قرار المحكمة الإفراج المؤقت عن موكله، لكنه أعاب عليها بطءها في إصدار هذا القرار.
ويقول للجزيرة نت "هذا مؤشر إيجابي على بقية المحاكمة، ونحن متفائلون بأن يصدر القاضي قرارا بعدم سماع الدعوى"، مؤكدا أن محامي سمير الفرياني لديهم الكثير من الحجج التي تدفع ببراءته.
ويرى بن عمر أن الاتهامات التي وجهها وزير الداخلية إلى الفرياني كان هدفها "إيقاف الفرياني وإجباره على عدم كشف الحقائق والتستر عن المجرمين الأمنيين الحقيقيين".
من جانبه، اعتبر المحامي عبد الرؤوف العيادي أن التهم الموجهة إلى موكله كانت "كيدية"، وتهدف إلى طمس الحقائق التي كشفها سمير الفرياني للرأي العام.
ويقول إن "اتهام موكلي بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي لا يستقيم لأن موكلي تحدث عن تورط الرئيس السابق مع المخابرات الإسرائيلية، والرئيس السابق لم يعد يمثل الدولة".
عدم المبالغة
بالمقابل، حذر المحامي محمد عبو من عدم المبالغة في التفاؤل، قائلا للجزيرة نت "نحن متفائلون لكننا لا نرغب في المبالغة في هذا التفاؤل فالقضية لم تنته بعد".
ويرى عبو أن إمكانية إطلاق سراح موكله في الجلسة المقبلة تبقى قائمة، لكنه أشار إلى أن موكله قد يحال إلى محكمة مدنية كي يواجه تهما مدنية أخرى ليست من اختصاص المحكمة العسكرية.
ومن بين التهم التي يواجهها سمير الفرياني الخارجة عن اختصاص القضاء العسكري "توجيه تهم غير قانونية لموظف عمومي"، و"وضع كتابات على ذمة العموم من شانها تعكير صفو النظام العام".
ويقول عبو "ربما قد يحكم القاضي في الجلسة المقبلة بعدم سماع الدعوى فيحين يخص تهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، وبالتالي فإن توجه المحكمة العسكرية هو "التخلي عن بقية التهم لمحكمة مدنية".