20110923
الجزيرة
اختار لاجئون أفارقة من الكونغو الاعتصام أمام مقر مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في الخرطوم، طريقا للوصول إلى مطالبهم المتمثلة في معالجة أوضاعهم الإنسانية ومنحهم بطاقات لجوء وتقديم الحماية لهم، في حين يبدو أن مشاكل اللاجئين الأفارقة بالسودان ستتواصل بأشكال مختلفة قد ينتهي بعضها في حينه وقد يقود بعضها إلى نتائج يعتقد محللون بأنها لن تكون إيجابية.
ورغم اختيار اللاجئين من الكونغو الاعتصام فإن غيرهم من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من عدة دول فضلوا الانتشار داخل السودان، دون الالتزام بأي ضوابط أو قوانين للهجرة أو اللجوء أو حتى القوانين المحلية.
ويعتقد أمونقيتي ترينتي -الذي أسلم وأطلق على نفسه اسم ياسر عرفات تيمنا بالزعيم الفلسطيني الراحل- أنه يعيش بلا هوية حقيقية "طالما كان الإنسان لاجئا وبعيدا عن موطنه"، رافضا الاستسلام إلى ما أسماه المصير المجهول.
ولم تكن معاناة ترينتي إلا تجسيدا لواقع حياة يتحول فيها إلى متسول حينا، وإلى لاجئ يبحث عن وطن ومأوى حينا آخر.
حملة منظمة
ورغم المشاكل التي لا تحصى، نجح ترنتي وبعض أبناء وطنه من الذين تلقوا تعليمهم بالسودان، في تنظيم حملة هدفت إلى تجميع كافة الكونغوليين لوضع حد لمعاناتهم، كما يقولون.
وفي خطوة تعتبر الأجرأ من نوعها، اتخذ كافة من تم تجميعهم أسوار مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالسودان ميدانا للاعتصام وبث رسائلهم، لربما تنجح في لفت نظر المنظمة الدولية لأجل ترحيلهم ومعالجة أوضاعهم الإنسانية.
ووفق ترنتي الذي تحدث للجزيرة نت، تجاوز عدد اللاجئين الكونغوليين المعتصمين 500 شخص، مشيرا إلى وجود أعداد أخرى من الأسر ستلتحق بالمعتصمين خلال الفترة المقبلة.
لكن مسؤولة الحماية الدولية بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمكتب السودان فيليبا كاندلر قالت إن المفوضية "تنظر الآن في طلبات الكونغوليين وتدرس حالتهم حسب الأسرة والأطفال".
تصاهر
لكنها أشارت إلى قلة عدد المطالبين بالترحيل "بينما هناك من تصاهروا مع قبائل في دولة جنوب السودان ومنهم من تصاهر مع أسر أوغندية، مما دفعنا لمخاطبة زملائنا في أوغندا لدراسة إمكانية نقل من يرغبون إلى هنالك".
وأكدت كاندلر للجزيرة نت أن المفوضية أبلغت معتمدية اللاجئين في السودان بمطالب اللاجئين الكنغوليين، "وأخبرونا أنهم سيعالجون قضيتهم بتوزيع بطاقات لجوء يحق لهم بموجبها التواجد في السودان وتقدم الحماية لهم".
وقالت إن القوانين السودانية تمنح اللاجئين حق العمل في البلاد، "لكن الأوضاع الاقتصادية بهذا البلد لم تمكنهم من إيجاد معيشة جيدة".
أما آني مابوندا أندريه -وهي بائعة شاي- فروت كيف فقدت أحد أبنائها أثناء وجودها في السجن بسبب عملها في صناعة وبيع "الخمور البلدية" دون أن تستطيع حضور مراسم دفنه، مطالبة بمنحها حق اللجوء لأي دولة غير السودان أو بلدها الأصلي الكونغو.
وقالت للجزيرة نت إنها دخلت السودان عبر حدوده الجنوبية منذ عدة سنوات برفقة والديها، "قبل أن يجبرنا المتمردون في الجنوب على الهرب شمالا والوصول إلى العاصمة الخرطوم ومن بعدها إلى بورتسودان للبحث عن عمل".
وقد تركت آني صناعة "الخمور البلدية" بعد خروجها من السجن ولجأت إلى بيع الشاي، لكنها تقول إنه "لم يعد ممكنا" مع الحملات التي تنفذها الشرطة السودانية لضبط الشارع والأسواق.
من جانبه يقول محمد علي باسي بابوا الذي كان قائدا في القوات المسلحة الكونغولية إنه هرب إلى السودان برفقة وزير الدفاع الكونغولي في ستينيات القرن الماضي بجانب عدد من الضباط بعد اندلاع الحرب في الكونغو.
ويشكو باسي في حديثه للجزيرة نت عدم تمكنه من إلحاق أبنائه بالمدارس لضيق ذات اليد "بل إنني أضطر للتسول لأجل لقمة العيش"، معتبرا أن وجوده في العاصمة السودانية -رغم تحقيقه قدرا كبيرا من الأمن- أصبح غير محتمل على الإطلاق.