دفع ما نقل من تأييد الزعيم الليبي معمر القذافي للجنوبيين حال قرروا الانفصال عن السودان وتكوين دولتهم الخاصة، الشارع السياسي السوداني إلي الانقسام إلى فريقين مختلفين يرى كل فريق ما لا يراه الآخر في ذلك الموقف.
ففي حين قلل المؤتمر الوطني الشريك الأكبر في حكومة الوحدة الوطنية من أهمية ما نقل عن الزعيم الليبي، ابتعدت الحركة الشعبية الشريك الثاني عن الخوض في ما سماها محللون سياسيون "المعركة الجديدة".
لكن على الرغم من اعتبار مسؤولين حكوميين أن تصريحات الزعيم الليبي حملت أكثر مما تحتمل، فقد ذهب بعض المحللين السياسيين إلى اعتبار الخطوة "حقيقية" وتدعم مواقف الداعين للانفصال في الحركة الشعبية. وأشاروا إلى ما سموها رعاية طرابلس في مرحلة من المراحل للحركة الشعبية.
بينما أكد بعضهم الآخر أن الدعوة الليبية هي أكثر حثا للجنوبيين على التمسك بالوحدة وعدم اتخاذ قرار الانفصال دون وجود مقومات حقيقية للدولة في الجنوب
دولة الجنوب
وكان قد نقل عن القذافي أنه أكد دعمه لقيام دولة في جنوب السودان حال اختار شعب الجنوب الانفصال عن الشمال، مؤكدا بذلك ما أعلنه رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت الذي كشف في وقت سابق أن الزعيم الليبي وعده بتأييد جنوب السودان إذا ما اختار الانفصال، الأمر الذي أغضب بعض المسؤولين في الحكومة السودانية.
غير أن القذافي عاد وحذر من آثار ذلك الانفصال. وأشار إلى أنه لا تتوافر مقومات لقيام دولة مستقلة في الجنوب بسبب المطامع الدولية والنزاعات القبلية.
لكن نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية قلل من التصريحات التي نسبت للزعيم الليبي. وقال إنها فهمت بشكل خاطئ، مشيرا في تصريحات صحفية إلى أن القذافي هو داعم لوحدة السودان. وأضاف "هذه التصريحات ربما لا تكون عكست حقيقتها ولا مقاصدها".
أما الكاتب والمحلل السياسي تاج السر مكي فاعتبر أن دعم انفصال الجنوب يتناقض مع الفكرة العامة للحكومة الليبية التي تدعو لوحدة القارة الأفريقية، متسائلا عن الهدف الحقيقي من وراء الإشارة لدعم الانفصال.
شك وريبة
وقال مكي للجزيرة نت إن القذافي قد وضع مسمارا جديدا في علاقته مع حكومة الخرطوم "حتى ولو تراجع عما أعلنه"، مؤكدا أن الخرطوم ستنظر لعلاقتها المقبلة مع القذافي بشيء من الشك والريبة "لأن الزعيم الليبي لم يتراجع وتحدث عن إنسانية الوحدة، وإنما تحدث عن إمكانيات الجنوب وتأهيله ليكون دولة مستقلة".
فيما أكد أستاذ العلوم بجامع النيلين حسن الساعوري أن الثابت في الموقف الليبي هو دعم حركات التحرر الأفريقية بغض النظر عن الدولة التي تنتمي لها تلك الحركات، مشيرا للدعم الذي وفرته ليبيا للحركة الشعبية منذ عام 1983.
وقال للجزيرة نت إن دعم الانفصال هو استمرار لما كان قائما أصلا "بمثابة تحريض للجنوبيين على الانفصال". لكنه لم يستبعد أن يكون موقف القذافي هو شكل من أشكال الضغط على الخرطوم "لكن لا ندري ما هي التنازلات المطلوبة".
وأكد أن تراجع القذافي لم يكن بالشكل الذي يوحي برفض فكرة الانفصال وإنما تجنبا لتكرار ما أعلنه في القمة الأفريقية الطارئة، مشيرا إلى أن هناك دلائل تشير إلى سير القذافي في ذات الخط الأميركي في نظرته للجنوب السوداني.