20111020
الجزيرة
يقف المواطن التونسي للحظات قد تطول وتقصر يتأمل القوائم الانتخابية المعلقة على الجدران في مشهد يميز هذه الأيام أول انتخابات للمجلس التأسيسي بتونس عقب ثورة 14 يناير/كانون الثاني الماضي التي أسقطت نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي حكم البلاد على مدى 23 عاما.
قد تختلف انتماءات التونسيين وتوجهاتهم السياسية، لكن الكل متفق على ضرورة تحقيق أهداف الثورة، قبل ذلك يتعين على قرابة أكثر من أربعة ملايين ناخب تونسي اختيار مرشحيهم من بين 1519 قائمة انتخابية تختلف مسمياتها تارة وتتشابه تارة أخرى.
هذا الواقع السياسي الجديد الذي لن يكون بالطبع بنفسجي اللون مهيمنا عليه من طرف حزب واحد، يتيح تنوعا في الاختيارات بعد أن ارتفع إلى 117 عدد الأحزاب السياسية بتونس وهو ما استحسنه فتحي الحجام، الصانع التقليدي في محل لبيع الأواني النحاسية في المدينة القديمة بتونس العاصمة، الذي أكد مشاركته في الانتخابات "لأنها حق انتخابي لكل المواطن".
وفي سؤال للجزيرة نت عن الكيفية التي اختار بها مرشحه، قال الحجام إنه حذف شخصيا مجموعة من القوائم الحزبية، وأبقى على ثلاثة اختيارات سيحسم بينها قبل التوجه إلى الانتخاب الأحد القادم.
وبينما يواصل عمله الحرفي بالنقش على أحد الصحون النحاسية، شدد على أن عملية الاختيار لم تكن اعتباطية بل كانت وفق معايير، فالمرشح الذي سيصوت له يجب أن يتوفر على سجل نضالي وسياسي ويمتلك رغبة في الإصلاح ومحاربة الفساد، بالإضافة إلى عامل السن، وقال الحجام إنه يفضل أن يمثله شخص في "الخمسينيات من العمر ليكون ناضجا فكريا".
ورغم أن ملامح التفاؤل بمستقبل أفضل لتونس مابعد الانتخابات كانت بادية على محيا الرجل، فإنه أكد أن الديمقراطية مسار طويل، يحتاج إلى نفس عميق قد يصل على أقل تقدير إلى عشر سنوات، وما انتخابات المجلس التأسيسي بحسبه إلا "خطوة أولى، وما زالت هناك خطوات وخطوات على رأسها تنظيف العقول" متمنيا التوفيق للمجلس التأسيسي في "مهمته الصعبة".
حركة النهضة
في شارع الحبيب بورقيبة، القلب النابض لتونس العاصمة، تبدو وتيرة الحياة سريعة، وربما لا يحس المرء بأجواء الانتخابات إلا تلك الملصقات الانتخابية الموزعة في كثير من الأحيان بشكل عشوائي وتدعو إلى التصويت لقائمة انتخابية معينة، كما قد يصادف المرء مناضلين حزبيين ومستقلين يوزعون منشوراتهم الانتخابية على المارة.
خالد العمرود وهو مواطن تونسي التقته الجزيرة نت غير بعيد عن تمثال ابن خلدون حينما أوقفه فضوله للتعرف على القوائم الانتخابية المرشحة وهي معلقة على حائط قريب، قال إنه سيكون من أوائل المتوجهين إلى صناديق الاقتراع يوم الانتخاب، وكشف عن أن رأيه استقر على التصويت لصالح قائمة حزب حركة النهضة ذي التوجه الإسلامي.
وعن أسباب هذا الاختيار، أوضح العمرود أن القائمة التي اختارها هي أفضل قوائم الأحزاب السياسية على الإطلاق، مضيفا أن القوائم الأخرى "لا تعدو أن تكون نسخة مكررة للأحزاب القديمة، وإذا لم تكن كذلك فهي عبارة عن عائلات أو أفراد أسسوا قوائم لغايات شخصية".
القطب الحداثي
في وسط العاصمة تحدثت الجزيرة نت خلال زيارة معرض فني موضوع لوحاته الحملة الانتخابية، مع هيفاء العشيري وهي شابة تونسية عبرت عن سعادتها بالتوجه لأول مرة للانتخاب، وأكدت أن الغالبية العظمى من الشباب، عكس ماهو شائع، ستتوجه لاختيار أعضاء المجلس التأسيسي وعيا بأهمية المرحلة المقبلة من تاريخ تونس.
هيفاء التي لم تتجاوز بعد عقدها الثاني، لم تتوان في الكشف عن الجهة التي ستنتخبها الأحد، وقالت "طبعا سأصوت للقطب الحداثي الذي يضم أحزابا يسارية".
وأمام تعدد القوائم الحزبية والمستقلة، قالت هيفاء إنها اقتنعت بالبرامج الانتخابية التي قدمها القطب اليساري. ورغم نظرتها التفاؤلية لمستقبل تونس فإنها لم تخف مخاوفها مما قد تأتي به الأيام القادمة، وقالت "مخاوفي الأساسية غياب الأمن والإرهاب".
مرشح موثوق
كما التقت الجزيرة نت قرب مقر النقابة الصحفيين التونسيين المواطنة ربح جبالي التي لم تختلف عن بقية أبناء وطنها، حيث أكدت عزمها على التوجه إلى مكتب التصويت لاختيار من يمثلها.
وأضافت ربح جبالي وهي أقدم مستخدمة بالنقابة، وعلامات الحيرة بادية على وجهها أنها سمعت أناسا يتحدثون عن أن أحد المرشحين ضمن دائرتها الانتخابية يوثق به، ومن المرجح أن تصوت لصالحه رغم اعترافها بأنها ما زالت تراقب الوضع بشكل عام وتستمع لكل من يأتي إليها طالبا صوتها الانتخابي.