أثار إعلان الدكتور محمد رحومة العميد السابق لكلية الدراسات العربية – جامعة المنيا والمدير السابق لمركز سوزان مبارك للفنون والآداب بجامعة المنيا المتنصر عن إنشاء فرع من مؤسسة "حررني يسوع" للتنصير في القاهرة برئاسة الناشطة الحقوقية المتنصرة نجلاء الإمام "كاترين" التي تدافع الآن عن حقوق المتنصرين الكثير من ردود الفعل المستاءة خاصة بعد تحول نشاط التنصير إلي العلنية.
ففي بيان نشره موقع "الأقباط الأحرار"قال رحومة: "تجري الترتيبات الآن لإنشاء فرع آخر للمؤسسة في استراليا وفرنسا، مشيرا إلى أن عددا من الهيئات الدولية قد أعلن عن العمل والتنسيق معه في هذا الخصوص.
وكشف عن عزمه إصدار نشرة شهرية تتابع أخبار المتنصرين، وأنه سيعمل علي توثيق وتسجيل شهادات المتنصرين الحية، فيما قال إنه سيكون مرجعا أمينا للباحثين عن الحق والحرية، وفى تحد واضح، قال "لدينا الوسائل لدفع الظلم عن أي متنصر في أي بقعة في العالم وسنكشف للرأي العام عن الممارسات" الإرهابية" ضد المتنصرين".
وأكد أنه ومؤسسته بصدد اللقاء مع أعضاء الكونجرس الأمريكي بشأن المتنصرين، لبحث ما يتعرضون له من اضطهاد وتعذيب وملاحقة أمنية وإعلامية ومجتمعية.
وأشار إلى أنه سيتم إنشاء موقع لتلك المؤسسة لنشر أخبارها، وحدد عنوان بريد إلكتروني مؤقت لمراسلة المؤسسة عليه للمصريين الراغبين في التنصر، لافتا إلى أن أول كتاب سيصدر عن المؤسسة سيكون قريبا بين أيدي القراء وهو: "نجلاء الإمام.. صوت صارخ في البرية" من إعداده وترجمته.
وكانت نجلاء الإمام قد أعلنت أنها تحولت من الإسلام إلى المسيحية الشهر الماضي، وأنها تعمدت في إحدى الكنائس المصرية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية، وأضافت أنها نصرت ولديها الصغيرين، 7 و8 سنوات.
وأثار تنصرها غضبا واسعا في مصر خاصة مع ارتباطه بما يشبه الدعاية للمحامية المثيرة للجدل.
وتأتي هذه الخطوة العلنية بعد أيام علي تأييد شنودة الثالث لتوريث حكم مصر، وبعد أيام من المظاهرات الطائفية في واشنطن أثناء زيارة الرئيس مبارك ، وهو ما فسره البعض بأنه محاولة من قبل أقباط المهجر للظهور علي الساحة وتأجيج الفتنة بين المسلمين والأقباط.
توقيت مقصود
ويري الدكتور سامي السيد أستاذ العلوم السياسية إن الإعلان عن هذه المؤسسة في هذا التوقيت أمر مقصود وتعتبر من أهم المكاسب التي حققها الأقباط من المظاهرة التي نظموها أمام البيت الأبيض حيث نجحت في وضع الملف القبطي علي جدول مباحثات الرئيس مبارك ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، ثم وضع الملف القبطي علي رأس مباحثات الرئيس المصري مع الرئيس أوباما
ويضيف أن بعض أقباط الخارج يسعون للظهور السياسي في أمريكا وتقديم المساعدات للمؤسسة الدينية الأرثوذكسية في إثبات قوتها داخل المجتمع المصري، مضيفاً أن بعض هذه العناصر تتسم بالعقلانية من خلال تقديم خطاب يعتمد علي المواطنة والإصلاح كمبدأ ونص دستوري لكن بالرغم من ذلك فإن بعض أقباط المهجر المتشددين يلعبون دوراً مناوئاً للنشطاء الأقباط في مصر.
وعن الدور التي يمكن أن تقوم هذه المؤسسة ، استبعد أن يكون لها دور بارز في مصر خاصة وأنها لا تتسم الرسمية ومن الصعب حصولها علي أي دعم من الكنيسة المصرية وخاصة في ظل تبرأ الكنيسة من قضية المتنصر محمد حجازي .
ولكن علي الجانب الأخر أشار إلي خطورة الإعلان عن هذه المؤسسة وان كانت غير رسمية فهو يعني تحدي واضح للمادة الثانية التي تقول إن الشريعة الإسلامية هي مصدر الدستور ، والإسلام يمنع الردة وان كان لا يطبق عندنا ، ووصف رئيسها انه يريد أن يظهر بشكل أو بأخر مستغلا الأجواء المتوترة التي تمر بها العلاقة بين المسلمين والأقباط والتي يحاول تأجيجها مجموعة من أقباط المهجر.
وأوضح أن السبب الرئيسي يرجع إلي أن الدولة تقف دور المتفرج في كافة المساجلات الطائفية وكأن الأمر لا يعنيها لتترك المساحة واسعة للمتطرفين من الطرفين لأنها تهتم بالبعد الأمني للأمر أكثر من البعد الاجتماعي.
خلق أزمة
ومن جانبه ، انتقد المفكر القبطي جمال أسعد مثل هذه المؤسسة وقال :"إن هناك دولا تحاول شتي الطرق خلق أزمة بين المسلمين والمسيحيين في مصر من اجل تحقيق أهداف خاصة بها ويساعدها في ذلك مجموعة من الأشخاص أمثال رحومة ومجموعة من أقباط المهجر .
ويضيف أسعد أن إقامة مثل هذه المؤسسة في غير محله خاصة وان هناك الكثير من المشكلات التي يجب أن تكون موضع الاهتمام الأساسي أننا نعرف بأن لدى المسلمين والمسيحيين مشاكل، ومطروحة على الساحة وتتم مناقشتها من وقت إلى آخر وليس مشاكل أقباط فقط .
ويشير إلي أن أقباط المهجر الذين يعيشون في الخارج لا يستطيعون أن يقدروا مشاكل الداخل وهم غالبًا خرجوا من مصر في وقت سابق لم نكن نعيش فيه جو الانفتاح الذي نعيشه الآن ، فالآن هناك القرار الجمهوري باعتبار 7 يناير عيدًا قوميًا لا يخص المسيحيين فقط ، الآن وهناك تسهيلات في بناء الكنائس وغيره فالأمر بدا في التحسن فلماذا التأجيج إذن!.
شكل علني
وقد فجر الدكتور زغلول النجار رئيس لجنة الإعجاز العلمي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في وقت سابق الكثير من المفاجآت عن النشاط التنصيري في مصر حيث أشار إلي أن عمليات التنصير تجري على قدم وساق في عدة أماكن ويتم من وراء ستار مكاتب أجنبية، وعبر استغلال حاجة الناس وفقرهم كما في منطقة "إسطبل عنتر" أحد الأحياء الفقيرة بالقاهرة.
بدوره يؤكد الشيخ أبو إسلام احمد المتخصص في شئون التنصير اشتداد حملات التنصير واتخاذها الشكل العلني متمثلا في المؤسسات ودعم دول ومنظمات خارجية لها .
وهاجم أبو إسلام أقباط المهجر ودعوة بعضهم لتدخل أمريكي لرفع ما اعتبروه اضطهادا لأقباط الداخل، مشيرا إلي إنهم يصبون في مصلحة دول لا تريد الخير لهذه البلاد ويحاولون إشعال الفتنة بأيدي مصرية.
أشار إلي إن دين الأغلبية في مصر هو الإسلام ولأن المادة الثانية في الدستور تؤكد إسلامية مصر، وبالتالي فان التنصير جريمة الجرائم ويستحق من يفعلها أن يقام عليه حد الردة" ومن يساهم في أقامة مؤسسات لرعاية هولاء المنصرين فلابد أن يقع تحت طائلة القانون.
سجال قانوني
ووصف المحامي نبيه الوحش في وقت سابق التنصير بأنه "جريمة شنعاء تدخل في نطاق ازدراء دين الأغلبية وهو الإسلام"، معتبر أن "كل من تسول له نفسه القيام بالتنصير يقع تحت طائلة العديد من مواد قانون العقوبات" التي تجرم ذلك.
وفي المقابل دافع الناشط القبطي المحامي نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان بشدة عن عمليات التنصير التي تقوم بها الكنيسة، قائلا: "لا يوجد نص في الدستور المصرى يجرم التنصير، والكنيسة مخطئة في نفيها القيام بأي عمليات تنصير لأن ذلك واجب عليها" على حد قوله .
زوبعة سياسية
سلطت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية الضوء على قضية المواطن المصري المتنصر "ماهر الجوهري"، وأشارت لما آلت إليه قضيته بعد أن رفضت إحدى المحاكم المصرية تحويل ديانته في بطاقة الهوية الخاصة به من مسلم إلى مسيحي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسيحيين الأقباط في مصر، الذين يشكلون نسبة قدرها 10 % تقريبًا من السكان بحسب الصحيفة - يمتلكون تاريخًا ينحرف عن التعايش ويميل إلى العنف مع الأغلبية المسلمة، كما أشارت الصحيفة في الوقت ذاته إلى تلك الصدامات الدموية التي نشبت خلال الآونة الأخيرة بين الأقباط والمسلمين حول النزاعات على الأراضي وفرض القيود على بناء الكنائس.
ومضت الصحيفة لتؤكد أن تلك القضية تبرز حقيقة التعقيدات السياسية والدينية التي تدفع مصر الحديثة، وتبدو البلاد وكأنها في حالة عراك ضد نفسها، ذلك لأنها تحاول تحقيق التوازن بين المثل العليا للديمقراطية مع القوانين المنغمسة في المبادئ الإسلامية.
وتشير الصحيفة في محور آخر ذي صلة إلى أنه وعلى الرغم من أن الحرية الدينية مكفولة في الدستور، إلا أن الفتاوى والأحكام الدينية التي يطلقها الشيوخ تجعل المتنصرين عرضة للاضطهاد والتهديدات.
أما الحكومة فتتعامل مع المسألة بصورة غير مريحة، لعدم رغبتها في إثارة غضب المحافظين الدينيين الذين يحمون بإصرار هيمنة الإسلام على المجتمع.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجوهري هو ثاني مسلم مصري يقدم على اعتناق المسيحية وتفشل محاولته لتغيير ديانته ببطاقة هويته بصفة رسمية، وكانت الحالة الأولى، لمواطن آخر يدعى محمد أحمد حجازي، الذي بادر بالاختباء بعد أضرمت النيران في منزله.