20111021
الجزيرة
بعد أيام من بدء الترشح لأول انتخابات برلمانية في مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني الماضي، تعالت أصوات تحذر من الإفراط في التفاؤل بشأن هذه الانتخابات، وتقول إنها قد تأتي بكثير من عناصر النظام السابق بشكل يجعلها خطوة إلى الوراء لا قفزة إلى الأمام.
ولا يختلف المصريون في الشعور بأهمية الانتخابات المرتقبة، حيث سيمثل البرلمان المقبل أول هيئة منتخبة في المرحلة الانتقالية التي بدأت عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك وتسليمه السلطة إلى المجلس العسكري، الذي يفترض أن ينقلها بدوره إلى المدنيين.
كما أن البرلمان الأول بعد الثورة سيكون على موعد مع استحقاق شديد الأهمية، حيث يفترض أن يختار اللجنة التي ستتولى وضع دستور جديد لمصر بعدما قرر المجلس العسكري تعطيل دستور 1971.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة أن هذه الأسباب تجعل الانتخابات المقبلة شديدة الأهمية، لكنه يضيف أن الواقع الحالي يشهد تحديات جمة قد تعترض هذه الانتخابات، أبرزها المخاوف من استخدام البلطجة وسطوة المال، إضافة إلى الصراعات العائلية والقبلية في ظل حالة أمنية غير مستقرة نظرا لضعف أجهزة الشرطة.
كما يشير نافعة إلى أن الانتخابات تجري قبل اكتمال القضاء على النظام القديم ومحاسبة رموزه، كما تجري في ظل قانون انتخابي جديد وغير واضح للكثيرين وعبر دوائر انتخابية أعيد تقسيمها بشكل يختلف عما اعتاد عليه الناخبون على مدى سنوات طويلة مضت.
عودة الفلول
والنتيجة التي يخشى أستاذ العلوم السياسية أن تترتب على هذه الظروف هي نجاح عدد كبير ممن يطلق عليهم "فلول الوطني"، في إشارة إلى رموز الحزب الوطني الحاكم سابقا، والذي تم حله عقب الثورة بقرار قضائي، حيث يعتقد أن كثيرا منهم يمتلكون أسلحة المال والبلطجة والعصبيات خصوصا في الريف، يساعدهم على ذلك عدم توحد قوى الثورة وعدم انتظام رموزها في قوائم موحدة تستطيع النجاح.
وما يصب في هذا الاتجاه حسب ما قال نافعة للجزيرة نت، هو تباطؤ المجلس العسكري في إصدار قوانين تحول دون عودة هؤلاء، مؤكدا أنه كان من المهم تطهير المكان قبل الشروع في بناء تنظيم سياسي جديد يفترض أن يمثل ثورة شعبية.
ولا يختلف الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد مع هذا الطرح، لكنه يحتفظ مع ذلك بتفاؤله رغم ما يصفه في حوار مع الجزيرة نت بـ"كل أسباب التشاؤم المرتبطة أساسا بعدم تهيئة الجو السياسي بإصلاحات كانت واجبة قبل الانتخابات" فضلا عن "عدم وضوح رؤية المجلس العسكري لإدارة الأمور".
ويقول نور -الذي سبق له الترشح ضد مبارك في انتخابات الرئاسة- إن الصورة غير مبهجة واحتمالات عودة عناصر الوطني واردة بقوة، لكنه يعتقد مع ذلك أن الشعب المصري لديه وعي كاف للفرز ويعرف جيدا النماذج التي أساءت للحياة السياسية والبرلمانية في عهد الرئيس المخلوع.
مخاوف الأمن
وعبر نور عن مخاوفه بشأن تأمين الانتخابات، وعندما ذكرنا له أن المجلس العسكري كرر مرارا التعهد بذلك، قال إن الفترة الماضية شهدت فشلا كبيرا في تأمين الكثير من الأماكن والأحداث فكيف نثق في تصريحات تؤكد القدرة الكاملة على تأمين نحو 50 ألف لجنة ومقر انتخابي.
واستغرب نور من تباطؤ المجلس العسكري في إصدار قانون يمنع عودة فلول الوطني، وقال إن ذلك يأتي في الوقت الذي رفض فيه المجلس إعمال نص في الإعلان الدستوري يمكنه من إلغاء العقوبات التبعية، وهو ما كان سيسمح لنور نفسه بالترشح في الانتخابات رغم سابق صدور حكم قضائي ضده في عهد مبارك.
وبينما يعول نور على وعي الشعب المصري، فإن نافعة يؤكد ضرورة الإسراع بالتحرك من جانب القوى المؤيدة للثورة قبل إجراء الانتخابات، ويقول إن على هذه القوى أن تشكل قوائم موحدة لخوض الانتخابات وأن تسعى للضغط بكل ما يمكنها من أجل ضمان إجراء انتخابات آمنة ومحايدة ونزيهة.