2011/10/26
الجزیره
أظهرت نتائج جزئية مساء أمس تقدما كبيرا لحزب حركة النهضة التونسي الذي يتجه لنيل نحو نصف مقاعد المجلس الوطني التأسيسي, فيما بدأت مشاورات بينه وبين أحزاب يسارية وسطية تمهيدا لتشكيل حكومة ائتلاف وطني.
وبينت نتائج جزئية نشرتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتسع دوائر من مجموع 27 دائرة داخل تونس، أن حزب النهضة حصل على 28 من مجموع 55 مقعدا, وجاء في المرتبة الثانية حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والعريضة الشعبية بتسعة مقاعد لكل منهما, بينما حل تاليا التكتل من أجل العمل والحريات, والحزب الديمقراطي التقدمي بأربعة مقاعد لكل منهما.
وكانت النتائج الأولية للدوائر الانتخابية الست خارج تونس قد أظهرت أن النهضة حصلت على نصف المقاعد المخصصة للتونسيين في المهجر وعددها 18 مقعدا.
فارق كبير
وتشير النتائج الجزئية المعلنة حتى الآن, وتقديرات غير رسمية إلى أن حزب النهضة بزعامة راشد الغنوشي يتقدم بفارق كبير عن الفائزين الآخرين، وهم المؤتمر من أجل الجمهورية بقيادة منصف المرزوقي, والتكتل من أجل العمل والحريات برئاسة مصطفى بن جعفر, والعريضة الشعبية التي يقودها صاحب فضائية المستقلة -التي تبث من لندن- الهاشمي الحامدي.وقدر مدير الحملة الانتخابية للنهضة عبد الحميد الجلاصي الثلاثاء أن حزبه حصل على أكثر من أربعين في المائة من مقاعد المجلس.
وأفاد موفد الجزيرة نت إلى تونس مختار العبلاوي بأن بيانات من مكاتب الاقتراع وتقديرات متطابقة من الأحزاب السياسية تشير إلى أن النهضة ستحصل على نحو تسعين مقعدا، يليها المؤتمر من أجل الجمهورية (35 مقعدا)، ثم التكتل من أجل العمل والحريات (26 مقعدا)، فالعريضة الشعبية (17 مقعدا).
وكان الحزب الديمقراطي التقدمي –الذي كان يأمل أن يحل ثانيا- قد أقر أمس بفشله، حيث لم يحصد سوى عدد قليل من المقاعد.
وفشل أيضا القطب الديمقراطي الحداثي -وهو تحالف أحزاب تتزعمه حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا)- في تحقيق النتائج التي كان يتطلع إليها, وتحدث زعيمه أحمد إبراهيم مساء الثلاثاء للجزيرة عن "فشل نسبي" للقطب.
ولم يكن الفشل الذي مني به الحزب الديمقراطي التقدمي بزعامة أحمد نجيب الشابي, والقطب الحداثي، المفاجأة الوحيدة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، إذ فاجأت قوائم "العريضة الشعبية" الأحزاب والمراقبين بانتزاعها عددا مهما من المقاعد يتجاوز العشرين، وفقا لبعض التقديرات الأولية.
مشاورات
وفي انتظار إعلان النتائج النهائية لانتخابات المجلس التأسيسي التي يعتقد مراقبون أنها لن تختلف كثيرا عن التقديرات الراهنة, أعلن أكثر من حزب فائز بدء مشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية.فقد أكد الأمين العام لحزب النهضة حمادي الجبالي للجزيرة مساء أمس -خلال برنامج حواري عن الانتخابات التونسية- أن حزبه يجري مشاورات مع أحزاب منها المؤتمر والتكتل.
وقال مدير الحملة الانتخابية للنهضة عبد الحميد الجلاصي من جهته إن حزبه لن يقصي أي حزب سياسي أو شخصية مستقلة أو طرف اجتماعي (النقابات العمالية ومنظمات أصحاب الأعمال).
أما رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية منصف المرزوقي فأشار بدوره -في تصريحات للجزيرة مساء أمس- إلى مشاورات بين الأطراف الفائزة، تمهيدا لتشكيل حكومة وحدة وطنية, وشدد على أنه لم تعقد بعد أي تحالفات، مع أنه أشار إلى الروابط القوية بين حزبه والنهضة.
وفي السياق ذاته, أعلن الأمين العام للتكتل من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر أمس محادثات بدأت بين حزبه وأحزاب أخرى بينها النهضة، تمهيدا لتحالف يتولى تشكيل حكومة جديدة ينعتها بن جعفر بحكومة مصلحة وطنية.
وأبدى بن جعفر -في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية- استعداده لتولي أي مسؤولية قد تعرض عليه في المرحلة المقبلة، بما في ذلك رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة.
انتخابات شفافة
وفي تقييمها للانتخابات الأولى بعد الثورة التي شهدت مشاركة قياسية للناخبين, قالت بعثة الاتحاد الأوروبي للمراقبة إن الانتخابات جرت بمصداقية وتميزت بالشفافية. وأوضحت أن التجاوزات التي رصدت بسيطة ولا ترقى إلى درجة التشكيك في نزاهة الاقتراع.
وقال رئيس البعثة مايكل غالر -في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس- إن الانتخابات نظمت بفضل وفاق سياسي كبير أظهر إرادة قوية للشعب في أن تحكمه سلطات منتخبة ديمقراطيا تحترم دولة القانون.
من جهته دعا ممثل المجموعة البرلمانية للاتحاد الأوروبي كل الأطراف إلى قبول نتائج الانتخابات، ومواصلة الحوار وفق مبدأ التوافق الذي ساد حتى الآن.
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أشادت بدورها بأول انتخابات حرة بتونس، واعتبرتها "مثالا" في المنطقة والعالم، ودعت التأسيسي الذي سيتشكل نتيجة هذه الانتخابات إلى العمل بشكل "مفتوح".