20111117
الجزيرة
جاء قرار الحكومة المصرية بإحالة مرسوم بقانون حول مشاركة المصريين بالخارج في الانتخابات، إلى المجلس العسكري الحاكم، ليقطع الخطوة قبل الأخيرة على طريق فتح الباب أمام المغتربين للمشاركة في أول انتخابات تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني الماضي التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.
وكانت محكمة القضاء الإداري قد أصدرت حكما تاريخيا في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يلزم الحكومة بإقامة مقار انتخابية في السفارات المصرية بدول العالم من أجل تمكين المصريين المقيمين بالخارج من التصويت في الانتخابات المقبلة.
واعتبرت المحكمة في حيثيات حكمها أن حرمان المصريين في الخارج من التصويت يمثل مخالفة للإعلان الدستوري الذي يحكم مصر في الفترة الانتقالية الحالية، كما أنه يخالف القانون والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
لكن الفترة التالية للحكم شهدت ضبابية في الرؤية بشأن التطبيق الفعلي لهذا الحكم، فرغم ترحيب الكثيرين به فإن تصريحات عديدة خرجت عن جهات رسمية وشبه رسمية تتحدث عن استحالة تطبيقه بالنظر إلى ضيق الفترة الواقعة بين صدوره وبدء انتخابات مجلس الشعب التي تنطلق مرحلتها الأولى في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
معضلة الرقابة
كما تحدث قانونيون عن عوار دستوري وقانوني يكتنف تطبيق الحكم بالنظر إلى أن الدستور ينص على إجراء الانتخابات تحت الرقابة الكاملة للقضاء في حين أنه لا يوجد ما يكفي من القضاة للإشراف على تصويت المصريين بالخارج.
وفي الأيام الماضية توالت التصريحات الرسمية حول بدء السفارات المصرية في الخارج إجراءات لتسجيل المصريين المغتربين، مما أنعش الآمال في إمكانية تطبيق الحكم حتى خرج رئيس الحكومة عصام شرف الأربعاء الماضي ليعلن بنفسه أن مجلس الوزراء أقر مشروعا لمرسوم قانون ينظم مشاركة المغتربين في الانتخابات وأحاله إلى المجلس العسكري الذي يتوقع أن يصدر القانون خلال أيام بحكم امتلاكه السلطة التشريعية في غياب البرلمان الذي تم حله بعد الثورة.
وأشاد شرف بهذه الخطوة ووصفها بأنها جيدة، موضحا أن القانون المنتظر سيحل مشكلة الإشراف القضائي حيث ينص على إعطاء الصفة القضائية للسفراء والقناصل المصريين في الخارج مما يمكنهم من تولي مهمة الإشراف على عمليات الاقتراع.
طموحات أكبر
ومع ترحيب المتحمسين لتصويت المصريين في الخارج بهذه الخطوة فقد بدا أن طموحاتهم ما زالت أكبر، حيث قال مؤسس الجالية المصرية في فرنسا د.محمود عمارة للجزيرة نت، إنهم سيواصلون العمل من أجل حصول المغتربين على حق الترشح وليس التصويت فقط.
وأشار إلى أن العديد من دول العالم سبقت مصر في هذا المجال وآخرها تونس التي أجرت انتخاباتها قبل أيام بمشاركة المغتربين ترشحا وتصويتا.
وقال عمارة وهو خبير اقتصاد سياسي، إن المطالبة بذلك بدأت منذ مؤتمر المصريين بالخارج الذي عقد عام 1983 واستمر النضال طويلا حتى كلل بالنجاح بحكم القضاء الذي منح المغتربين حق التصويت في كل أنواع الانتخابات رغم أنهم كانوا يطالبون أساسا بالتصويت في الانتخابات الرئاسية والاستفتاءات على أساس أن الانتخابات البرلمانية قد تكون لها صبغة محلية ربما لا تغري كثيرا من المقيمين بالخارج.
كنز إستراتيجي
وبدورها رحبت أستاذة العلوم السياسية منى مكرم عبيد وهي مستشارة لوزير القوى العاملة والهجرة، بهذه التطورات.
وأكدت عبيد في تصريح للجزيرة نت أن المصريين بالخارج بمثابة كنز إستراتيجي لا ينبغي تجاهله وإنما تشجيعه والعمل دائما على ربطه بالوطن الأم خصوصا بعد ثورة 25 يناير التي أنعشت وعي المصريين ورغبتهم في المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية.
جدير بالذكر أنه لا يوجد إحصاء رسمي بعدد المصريين في الخارج لكن رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أبو بكر الجندي قال قبل أيام إنهم في حدود 8 ملايين نسمة، لكن عدد المسجلين منهم في سفارات مصر بالخارج لا يتجاوز 1.5 مليون حسب بيانات ديسمبر/كانون الأول الماضي.