20111126
الجزیره
صوت المغاربة يوم الجمعة في انتخابات برلمانية يمكن ان تخرج للمغرب أكثر حكومة ممثلة للشعب في تاريخه بعد ان تخلى الملك محمد عن بعض من سلطاته لمنع امتداد انتفاضات الربيع العربي الى بلاده.
ومن المتوقع ان تكون هذه الانتخابات اختبارا لقدرة الدول الملكية العربية على اجراء اصلاحات تفي بالامال الشعبية في المزيد من الديمقراطية دون اللجوء الى الثورات العنيفة التي شهدتها كل من تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا هذا العام.
وسجل نحو 13.6 مليون مغربي اسماءهم للتصويت في انتخابات يوم الجمعة وهي تاسع انتخابات برلمانية يشهدها المغرب منذ استقلاله عن فرنسا عام 1956. وقالت وزارة الداخلية ان نسبة الاقبال على التصويت بلغت 34 في المئة بحلول الساعة 1700 بتوقيت جرينتش بعد تسع ساعات من فتح مراكز الاقتراع.
وبلغت نسبة الاقبال على التصويت في الانتخابات السابقة عام 2007 نحو 37 بالمئة من بين 15.5 مليون ناخب مسجلين انذاك لدى وزارة الداخلية. ولم تقدم الوزارة سببا لتراجع عدد الناخبين المسجلين بين انتخابات عام 2007 و 2011.
وقالت قناة تلفزيون تو.ام التي تديرها الدولة ان بعضا من أعلى نسب الاقبال على التصويت يوم الجمعة حدثت في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها.
وقال محمد وهو ماسح احذية بينما كان ينتظر زبائنه في شارع مزدحم بالرباط انه سيدلي بصوته قبل اغلاق مراكز الاقتراع في الساعة 1900 بتوقيت جرينتش.
واضاف "شرح لي صديقي ليلة امس ما تعنيه الانتخابات في ظل كل المشكلات بالدول العربية. يجب ان ادلي بصوتي حتى يمكننا انهاء البؤس الذي نعيش فيه. هذا هو كل ما نملكه الان.. الصبر والتصويت."
وعلى عكس ما مضى عندما كانت نتائج الانتخابات كلها معروفة سلفا من المتوقع ان تشهد الانتخابات الحالية منافسة متقاربة بين حزب اسلامي وسطي معارض وتحالف جديد من الليبراليين تربطه علاقة قوية بالقصر الملكي.
وقال عبد الاله بن كيران الذي يقود حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل بعد ان ادلى بصوته في حي ليزورانجيه الذي تقطنه الطبقة المتوسطة في الرباط انه لا يستطيع التكهن بالنتيجة لكنه يتمنى ان تتجاوز نسبة الاقبال 50 في المئة وان يمثل اليوم انتصارا للديمقراطية.
كما امتنع منافسه صلاح الدين مزوار الذي يقود تحالف الائتلاف من اجل الديمقراطية عن طرح توقعات.
وقال مزوار لرويترز بعد ان ادلى بصوته في حي سويسي الراقي ان المردود ايجابي حتى الان وان الشعب يتوجه الى مراكز الاقتراع وانه واثق ان الشعب المغربي على وعي جيد بالمعنى الحقيقي للانتخابات الحالية.
ووفقا للاصلاحات الدستورية التي دعمها الملك في وقت سابق هذا العام ستكون للحكومة التي تأتي بها الانتخابات سلطات لم تتمتع بها حكومة مغربية من قبل لكن الملك سيحتفظ بالقول الفصل في قضايا الدفاع والامن والشؤون الدينية.
وايا كانت الكتلة التي تحصل على العدد الاكبر من المقاعد في البرلمان لا يعتقد انها ستكون قادرة على تشكيل الحكومة بمفردها. ومن شأن ذلك ان يجبر الفائز على التحالف مع كتلة أخرى وربما تحالف اكبر بين كتلة تضم اسلاميين وليبراليين.
ووفقا للتعديلات الدستورية التي اجريت هذا العام يختار الملك رئيس الوزراء القادم من الحزب الذي يحصل على العدد الاكبر من الاصوات. ومن الواضح ان عباس الفاسي الذي يتولى المنصب حاليا سيستبدل حيث لا يحظى حزبه حزب الاستقلال بالشعبية الكافية.
لكن هذه الخطوة نحو ديمقراطية اكبر قد تتعثر اذا شاب الانتخابات اي شكل من اشكال شراء الاصوات واذا ظهرت بعد ذلك مؤشرات على ان مسؤولي القصر الملكي يحاولون التدخل في اعمال الحكومة في المستقبل.
وقال الملك محمد انه يريد ان تكون الانتخابات حرة ونزيهة وتنافسية. لكن هناك مؤشرات على ان الانماط الانتخابية المعتادة ما زالت موجودة.
وتمتع الملك محمد منذ خلافته لابيه في 1999 بالاشادة الدولية لتحسينه حالة حقوق الانسان في المغرب.
وعندما اندلعت مظاهرات استلهمت الربيع العربي في المغرب في وقت سابق هذا العام استجاب الملك محمد بسرعة بطرح اصلاحات دستورية امتصت اغلب الزخم من حركة الاحتجاجات.
لكن اقلية بارزة ما زالت تقول ان الملك لم يقدم ما يكفي من الاصلاحات. وانضم الاف الاشخاص الى احتجاجات خرجت في عدد من المدن لتأييد دعوات لمقاطعة الانتخابات.
لكن مقاطعة الانتخابات ليست الهم الاكبر للقصر الذي يزعجه اكثر ان يجنح المغاربة العاديون الى اللامبالاة وعدم التصويت وهو ما من شأنه ان ينزع عن المشهد صورته المرجوة كاستعراض لنموذج ديمقراطي.