20111127
رویترز
أثار اختيار المجلس الاعلى للقوات المسلحة في مصر لرئيس وزراء جديد ردود فعل متباينة حيث أغضب ذلك المحتجين في ميدان التحرير الذين يرون اختياره عودة الى حكم حسني مبارك في حين أثلج صدور اخرين يعتبرونه "نظيف اليد" ويمتلك المهارات اللازمة لاستعادة الامن والنظام.
وربما تدعم الانقسامات حول كمال الجنزروي (78 عاما) ما يقوله الجيش من أن المحتجين في وسط القاهرة - الذين يطالبون بانهاء الحكم العسكري فورا- لا يمثلون الشعب المصري بأكمله والبالغ تعداده نحو 80 مليون نسمة.
لكن الجيش ربما لم يجد الكثير من الاشخاص المستعدين لتولي مهمة قيادة حكومة في بلد يعصف به العنف والاحتجاجات عشية اول انتخابات حرة منذ عقود ويتجه صوب أزمة اقتصادية كبيرة.
وأقر الجنزوري الذي تولى رئاسة الوزراء لنحو اربعة اعوام في الفترة ما بين 1996 و1999 بان مهمته ستكون صعبة.
وأضاف في اول تصريح له يوم الجمعة "من يتولى المسؤولية الان فهو تحد كبير لان أي مسؤول حاليا أفضل له أن يجلس في منزله."
وطلب الجنزوري من الجيش بعض الوقت لتشكيل حكومة.
وجاء رد الفعل سريعا من التحرير حيث يعتصم محتجون منذ اسبوع وكثيرا ما اشتبكوا بعنف مع الشرطة في الشوارع القريبة. وردد المتظاهرون هتافات تقول احداها "يا مصر ثوري ضد العسكر والجنزوري".
وبالنسبة للمحتجين فان تعيين الجنزوري عمق من انعدام الثقة لديهم في المجلس العسكري الذي بدلا من ان يستجيب لمطالبهم باجراء عملية تطهير واسعة أعاد احد الوجوه القديمة.
وقال محمد المليجي (20 عاما) الذي كان يتظاهر في التحرير "لماذا يختارون الجنزوري الان.. هذا يوضح ان الجيش غير مستعد للتخلي عن اي سلطة باعادته لحليف سابق. هذه الحكومة لن تكون لها اي صلاحيات والا فلماذا يختارون شخصا مواليا لهم."
وقال البعض في التحرير انهم يريدون محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة أو عبد المنعم ابو الفتوح وهو اسلامي وكلاهما من المرشحين المحتملين لخوض انتخابات الرئاسة في مصر.
وقال ناشطون انه حتى اذا عرض عليهما المنصب فليس من المرجح ان يقبلا الشروط التي يضعها الجيش والتي قد تحد من صلاحياتهما او تقوض خططهما السياسية للمستقبل.
غير ان الجيش قال ان اولئك الذين في التحرير لا يمثلون جميع المصريين. وبعيدا عن الميدان فان كثيرا من المصريين يؤيدون الجنزوري قائلين انه لم يكن خانعا لمبارك وأقيل لهذا السبب.
قال وليد الشافعي (25 عاما) أحد مؤيدي اختيار الجنزوري "ان حكومة مبارك هي التي اطاحت بالجنزوري. لقد كانوا يخشونه...انه شخص جدير بالثقة ولديه خبرة اقتصادية وادارية جيدة للتعامل مع قضايا مثل العجز في الميزانية."
وقبل فترة قصيرة من تنحي مبارك وجهت صحيفة الجمهورية اليومية الموالية للرئيس آنذاك انتقادات لحكومة الجنزوري ووصفتها بالضعف.
وقاد الجنزوري عملية الخصخصة لكنه اتبع نهجا اكثر حذرا من حكومة احمد نظيف الذي ترأس الوزارة في الايام الاخيرة لحكم مبارك.
وحقق الجنزوري التوازن في الموازنة العامة -- وقد اتسع العجز في الوقت الحالي بشدة -- وهبط بالتضخم الى نسبة 3.6 في المئة سنويا وهي نسبة معتدلة. ومن المشكلات الرئيسية في الوقت الحالي ارتفاع الاسعار.
لكن المستثمرين الاجانب انتقدوا الجنزوري في هذا الوقت لانه لم يسرع في خصخصة القطاع العام كما انتقدوا عددا اخر من سياساته. لكن نظيف تحرك بسرعة اكبر ليثير غضب الكثير من المصريين الذين القوا باللائمة على حكومته في زيادة ثروات الاثرياء على حساب الفقراء.
وتحتاج مصر بشدة الى حكومة ذات مصداقية اقتصادية. ويقول الاقتصاديون ان البلاد تتجه بسرعة نحو ازمة نقدية.
وانخفضت الاحتياطيات النقدية الاجنبية بمقدار 14 مليار دولار منذ نهاية عام 2010 لتصل في اكتوبر تشرين الاول الى 22 مليار دولار. وانخفض الجنيه المصري الى ادنى مستوياته امام الدولار الامريكي منذ يناير كانون الثاني 2005. كما انهارت اسعار الاسهم.
وفي الصيف رفضت مصر 3.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي قائله انها قادرة على الوفاء باحتياجاتها داخليا. لكنها غيرت سياستها في الوقت الحالي وعادت الى طلب الاموال.
ومن الممكن ان تكون خبرة رئيس الوزراء الجديد مفيدة.
وكتب سيد هيرش من كابيتال ايكونوميكس في لندن "الجنزوري... لعب دورا رئيسيا في تحسين العلاقات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. لذا مع الوضع في الاعتبار ان مصر في حاجة ماسة الى التمويل الاجنبي من صندوق النقد الدولي او من اي مكان اخر فيبدو انه المرشح المثالي."
لكن هيرش قال ان الكثير يعتمد على ما اذا كان الجنزوري قد حصل على صلاحيات كاملة من جانب الجيش رغم أنه ربما يكون قد فات أوان تفادي انهيار اقتصادي.
وقال الجنزوري ان واحدة من اولوياته هي اعادة الامن وانعاش الاقتصاد. وتبدأ مصر المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية يوم الاثنين ويخشى كثيرون ان يشوبها العنف.
وقال مصطفى السيد استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة "ستواجهه تحديات كبيرة لاستعادة الامن والاستقرار الاقتصادي ثم تحقيق النمو الى جانب التوصل الى اتفاق مع القوى السياسية."
وقال "انه رجل جيد وسجله ناصع لكن السؤال هو مدى قدرته على تحويل دفة الامور."
وقال الجنزوري ان سلطاته ستكون اكبر من السلطات التي اعطيت لرؤساء الوزراء السابقين. واضاف في مؤتمر صحفي يوم الجمعة "عندي صلاحيات لم تمنح لرئيس وزراء منذ 60 عاما".