20111129
الجزیره
واصل الناخبون في مصر يوم الاثنين الادلاء بأصواتهم في بداية الجولة الاولى من انتخابات تشريعية تمهد لنقل السلطة الى المدنيين من المجلس الأعلى للقوات المُسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط.
وتجرى الانتخابات في جو هاديء وسط إقبال كبير قد يأتي بالاسلاميين الذين طال حظر أحزابهم الى صدارة مجلس الشعب.
لكن القلق لا يزال قائما من أن يكون لدى العسكريين نية البقاء في الحكم رغم أن احتجاجات عنيفة وقعت هذا الشهر دفعتهم الى تحديد يونيو حزيران موعدا أقصى لانتخاب رئيس للدولة يتسلم منهم السلطة بحلول يوليو تموز.
وقتل في هذه الاحتجاجات 42 ناشطا وأصيب ألفان لكن لم يكن لها صدى في الانتخابات التي تجرى في تسع محافظات.
وبسبب الاقبال الكبير قرر المجلس العسكري مد الاقتراع الى الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي (1900 بتوقيت جرينتش).
وفي القاهرة والاسكندرية وغيرهما من المحافظات التي تجرى فيها المرحلة الاولى من التصويت وقف الناخبون بصبر في طوابير طويلة انتظارا للادلاء بأصواتهم وتناقشوا في مستقبل حكم البلاد الذي يرون للمرة الاولى أن بامكانهم المشاركة في تشكيله.
وبصوت مرتفع تساءلت ناشطة في لجنة بحي مدينة نصر في شرق القاهرة مشيرة لدور الجيش في تسهيل خروج مبارك من السلطة "أليس هم ضباط الجيش الذين حمونا أثناء الثورة.. ماذا يريد كلاب السكك الموجودون هناك في (ميدان) التحرير."
ورد عليها ناخب بلطف "هؤلاء الذين في التحرير هم شبان وفتيات كانوا السبب في أن رجلا مثلي عمره 61 عاما أدلى بصوته في انتخابات تشريعية للمرة الاولى في حياته اليوم."
ويحق لنحو 17 مليون ناخب الادلاء بأصواتهم في المرحلة الاولى من هذه الانتخابات لاختيار مجلس الشعب الجديد والتي ستنتهي يوم 11 يناير كانون الثاني.
وتجنب الاخوان المسلمون واسلاميون آخرون احتجاجات الاسبوع الماضي التي تحدت الحكم العسكري رغبة منهم في ألا يتركوا شيئا يعترض الانتخابات التي يمكن أن تفتح أمامهم الطريق الى السلطة السياسية.
وطالبت الولايات المتحدة والدول الاوروبية الحليفة التي تدرك أهمية معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية العسكريين بتسليم السلطة بسرعة بعد أن رأت فيما يبدو أن قبضتهم على السلطة يمكن أن تهز الاستقرار في أكثر الدول العربية سكانا.
وبقيت خيام المعتصمين في ميدان التحرير لكن بعد ليلة من المطر الغزير قل عددهم كثيرا.
ولم ترد تقارير عن وقوع حوادث عنف خطيرة خلال الانتخابات لكن مشاجرات نشبت بين نساء وقفن في طابور طويل أمام مركز اقتراع في الاسكندرية فتح بابه متأخرا لعدم توافر الاوراق اللازمة.
وفي قرية النواورة بمحافظة أسيوط تجمهر أقارب المرشح عنتر علي بكر الحمادي الذي استبعد لعدم أدائه الخدمة العسكرية أمام مراكز اقتراع وألقوا عليها الحجارة مما أدى لتوقفها عن العمل أكثر من ساعة.
كما قطعوا الطريق السريع بين القاهرة وأسوان لمدة ساعة تقريبا قبل أن تنجح قوات الجيش والشرطة في اعادة فتحه.
ومن شأن الاقبال الكبير على الاقتراع أن يعطي الانتخابات شرعية وأن يسهل انتقال السلطة للمدنيين.
ووقف ما لا يقل عن ألف من الناخبين خارج مركز اقتراع في حي الزمالك الراقي بالقاهرة لدى فتح ابوابه في الثامنة صباحا (0600 بتوقيت جرينتش). وقالت وفاء زقلمة (55 عاما) التي تدلي بصوتها لاول مرة "نحن سعداء جدا أن نكون جزءا من الانتخابات."
وفي مدينة الاسكندرية على البحر المتوسط وقف الرجال والنساء في طوابير منفصلة طويلة بينما انتشرت في الشوارع لافتات حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين وكذلك لافتات حزب النور السلفي وحزب الوسط وهو حزب اسلامي معتدل.
وزاد عدد قوات الجيش على قوات الشرطة التي تحرس مراكز الاقتراع من الخارج.
وقال وليد عطا (34 عاما) ويعمل مهندسا بينما كان يقف في طابور بالاسكندرية "هذه أول انتخابات حقيقية في مصر منذ 30 عاما. المصريون يصنعون التاريخ."
وفي مدينة دمياط على البحر المتوسط قال ناخبون انهم سيعاقبون جماعة الاخوان المسلمين على ما يرون أنها انتهازية بدت منها في الشهور الماضية.
وقال أيمن سليمان (35 عاما) الذي يعمل مرشدا سياحيا "أعتقد أن الاخوان المسلمين خسروا في الاشهر الثلاثة المنصرمة أكثر مما كسبوا في الاعوام الثلاثين الماضية."
وأضاف أنه سيقترع لحزب الوسط. وقال مراقبون في المدينة ان حزب النور السلفي يمكن أن يحقق أكبر المكاسب الانتخابية في المدينة.
لكن جماعة الاخوان لها اسم معروف كما انها منظمة ولها رصيد نضالي ضد مبارك بالقياس الى غيرها من الاحزاب والجماعات السياسية القائمة يوم الاثنين.
وخارج مراكز الاقتراع وقف أعضاء في جماعة الاخوان المسلمين لإرشاد الناخبين وطلبوا منهم انتخاب مرشحي حزب الحرية والعدالة.
وقالت الناشطة الحقوقية منى ذو الفقار في سخرية ان الاخوان لم يقدموا الفواكه للناخبين في مراكز الاقتراع.
وأضافت أن انتهاكات كثيرة وقعت للحظر المفروض على الدعاية خارج أماكن التصويت.
ويدلي المصريون بأصواتهم في المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب في القاهرة والاسكندرية وأسيوط والفيوم والاقصر وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ والبحر الاحمر.
وقالت الناخبة أميرة أحمد فهمي بعد أن أدلت بصوتها في القاهرة "كنت أمام المدرسة (مقر مركز الاقتراع) الساعة السابعة صباحا. فتحوا الساعة الثامنة تماما وأدليت بصوتي بسهولة. بعد ربع ساعة كنت في الشارع."
لكن في مراكز اقتراع أخرى في القاهرة لم تصل الاوراق اللازمة للعملية الانتخابية الا بعد فترة طويلة من موعد بدء التصويت.
وفي عدد من مراكز الاقتراع في ضاحية القاهرة الجديدة قال شهود من رويترز ان بدء التصويت تأخر أكثر من ساعة.
وقبل أن يبدأ الاقتراع توقع محللون انتخابات نزيهة على خلاف الانتخابات التي كانت تجرى في السابق لكن محللين آخرين قالوا ان ضعف الاستعدادات يجعل القضاء التام على أساليب الانتخابات السابقة يبدو بعيد المنال.
وقالت شاهدة عيان في حي المطرية بالقاهرة وأخرى بحي مدينة نصر ان مؤيدي مرشحين كانوا يوزعون أوراق دعاية أمام مراكز الاقتراع على الرغم من حظر الدعاية لمدة 48 ساعة قبل الاقتراع.
وقال مندوب لرويترز ان ناخبين من منطقة فقيرة وقفوا أمام مراكز اقتراع في ضاحية القاهرة الجديدة وفي أيديهم أوراق مدون بها أسماء مرشحين فرديين وأسماء قوائم حزبية للاستعانة بها في الاقتراع فيما يبدو.
وقالت صحف محلية ان أحزابا قدمت طعاما لناخبين خلال الايام الماضية لحثهم على انتخاب مرشحيها.
وقال شهود عيان في محافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة ان الاخوان نقلوا ناخبين بحافلات من منازلهم أو من أماكن تجمع الى مراكز اقتراع مثلما كان يفعل الحزب الحاكم المحلول في عهد مبارك.
وقال شهود عيان في مدينة الاسكندرية ان ناخبين تلقوا أموالا مقابل الادلاء بأصواتهم لرجل أعمال مرشح.
ووقف شبان وفتيات يقترعون لاول مرة في الطوابير الطويلة وقد ملأهم الحماس.
وقالت هيام هشام (21 عاما) وهي خريجة جامعية حديثة انها انتخبت قائمة الثورة مستمرة لانها تضم ثوارا. وأضافت "أنا ضد من يعمل دعاية في المسجد أو في الكنيسة" مشيرة الى دعاية أحزاب اسلامية في مساجد وتقارير عن حشد مسيحي لتأييد قائمة تضم مرشحين علمانيين بعضهم مسيحيون.
وأضافت "سأحكم على مجلس الشعب بعد أن يتكون."
وقالت رنا منير (22 عاما) التي درست الاعلام "قبل الثورة لم أكن أهتم بالسياسة... كان مهما جدا بالنسبة لي أن أدلي بصوتي اليوم بعد أن زادي وعيي السياسي."
لكن محمد ضياء وهو طالب جامعي يعتصم في ميدان التحرير منذ أكثر من أسبوع قال "لم أذهب الى الانتخابات حتى لا اقر بشرعية المجلس العسكري الذي يجري هذه الانتخابات... ولا أثق بنزاهة الانتخابات."
وقال أيمن عباس الذي يبلغ من العمر 37 عاما "لم أذهب حتى لا أترك الاعتصام."
ويستطيع الناخبون الادلاء بأصواتهم أيضا غدا الثلاثاء في هذه الجولة الى منتصف الليل بحسب اللجنة القضائية العليا للانتخابات.
وتكتمل مراحل التصويت الثلاث لانتخابات مجلس الشعب في 11 يناير كانون الثاني وتجرى كل منها على يومين.
ويتطلع الناخبون المصريون الى الاستقرار بعد أسبوع من إراقة الدماء سقط خلاله 42 قتيلا وأُصيب أكثر من ألفين. وأدت الاضطرابات التي يردها كثيرون الى فشل المجلس العسكري في تحقيق أهداف الثورة الى دفع البلاد في اتجاه أزمة اقتصادية.
ويجري شغل ثلثي مقاعد مجلس الشعب بالقائمة الحزبية المغلقة وهي نظام جديد على أغلب الناخبين. ويجري شغل الثلث الباقي عن طريق المنافسة الفردية.
وقال ناخب يخشى غرامة التخلف عن الاقتراع وقدرها 500 جنيه (83 دولارا) انه رسم أوزة على الورقة. وأضاف "لا أريد أن أعطي صوتي لأحد من المرشحين في دائرتي."
وجرت العادة على التلويح بالغرامة وقت الانتخابات لكن السلطات تتغاضى عن تحصيلها.
وقال المستشار يسري عبد الكريم نائب رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات لرويترز ان اللجنة استعانت بثلاثة الاف صندوق اقتراع بسبب الاقبال الكبير من الناخبين.
وأضاف أن الاصوات ملات أعدادا من الصناديق.