20111130
القدس العربی
خطفت اول انتخابات برلمانية تشهدها مصر بعد الاطاحة بالرئيس حسني مبارك الاضواء من اعتصام محتجين ونشطاء في ميدان التحرير بوسط القاهرة لمطالبة المجلس العسكري الحاكم بتسليم السلطة لمدنيين. لكن يبدو أن هذا لم يفت في عضد المعتصمين وعزمهم.
وبدأت يوم الاثنين المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب وتستمر حتى مساء يوم الثلاثاء في تسع محافظات بينها العاصمة القاهرة. وتجرى المرحلة الثالثة والاخيرة من انتخابات المجلس يومي العاشر والحادي عشر من يناير كانون الثاني.
وكان الاهتمام الاعلامي والشعبي منصبا في اغلبه على متابعة اعتصام ميدان التحرير وما تخلله من احداث عنف قبل نحو اسبوع من الانتخابات فيما اعاد اجواء الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط.
لكن العملية الانتخابية فرضت نفسها مرة أخرى من خلال اقبال واسع لا سابق له على المشاركة في التصويت من جميع الفئات العمرية من الجنسين. واتسم التصويت بالهدوء والسلمية واثار ردود فعل غربية مرحبة وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان الانباء المبكرة بشأن الانتخابات المصرية "ايجابية الى حد بعيد".
وانصبت معظم احاديث المصريين في الشارع وعلى المقاهي وفي المواصلات العامة يومي الاثنين والثلاثاء على الانتخابات ولمن سيصوتون وكيف سيصوتون.
وغاب اعتصام التحرير والاحتجاجات المتواترة في المحافظات عن الصفحات الاولى في معظم الصحف المصرية يوم الثلاثاء سواء الرسمية او الخاصة او الحزبية. وبعض الصحف لم يرد فيها أي ذكر للميدان وحتى التي تناولته في اخبار هامشية بالصفحات الداخلية ركزت على نقطتين اساسيتين هما الانقسام داخل الميدان بشأن المشاركة في الانتخابات وبيان لوزارة الداخلية ينفي وجود نية لفض الاعتصام بالقوة بعد تردد شائعات عن عزمها استغلال انشغال المجتمع بالانتخابات لانهاء الاحتجاج.
وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة الجمهورية الرسمية "الصامتون نطقوا .. مليونيات الصناديق خرجت لميلاد مصر الجديدة" بينما كان عنوان صحيفة الشروق المستقلة "الجماهير تقود الثورة الى البرلمان. مصر تستعيد صوتها". اما صحيفة الوفد صوت حزب الوفد الجديد فتركزت عناوينها على كشف المخالفات التي ارتكبتها الاحزاب المنافسة.
وتركزت كذلك التغطية التلفزيونية سواء في التلفزيون الرسمي او المحطات الفضائية على الانتخابات. وليلة الثلاثاء كانت الانتخابات وايجابياتها وسلبياتها هي المحور الرئيسي لحديث معظم مذيعي البرامج الحوارية المصرية.
وكانت التعليقات على موقعي الفيسبوك وتويتر للتواصل الاجتماعي في اغلبها عن الانتخابات. وحتى صفحة (كلنا خالد سعيد) على الفيسبوك والتي لعبت دورا كبيرا في ثورة يناير كانون الثاني ودعم ومساندة الاعتصام الحالي كانت اغلب التعليقات التي نشرت عليها يومي الاثنين والثلاثاء عن الانتخابات.
لكن هذا لم يؤثر في عزم الكثير من المحتجين في التحرير واصرارهم على مواصلة الاعتصام وهتف كثيرون منهم يوم الاثنين قائلين "اللي يسيبنا في الميدان بكرة (غدا) يبيعنا في البرلمان."
وردا على سؤال بشأن ما اذا كان نجاح العملية الانتخابية سيؤثر سلبا على الاعتصام ومطالبه قال أحمد ماهر القيادي بحركة (6 ابريل) الاحتجاجية والذي شارك في التصويت لرويترز "مفيش (لا توجد) علاقة. فيه ناس كتيرة راحت انتخبت ورجعت الميدان. الانتخابات قضية والتحرير قضية تانية (اخرى). في التحرير بنتكلم عن المجلس العسكري ونقل سلطاته لمجلس رئاسي أو حكومة انقاذ وطني أو ما شابه."
كما نفى ان تقلل الانتخابات الدعم الشعبي للاعتصام وقال "الكلام ده مش (ليس) حقيقي ومش هيكون بالقدر الكافي."
أما المحتج نور عثمان (32 عاما) من القاهرة فيرى أن الانتخابات قد تؤثر على دعم الميدان بحجة ان الشرعية اصبحت في يد ممثلين للشعب لكنه قال ان هذا لن يمنع المحتجين من مواصلة الاعتصام "لاننا زر الضغط الوحيد على المجلس العسكري" الذي يدير شؤون البلاد منذ الاطاحة بمبارك.
واستجاب المجلس العسكري جزئيا لمطالب المحتجين بالاعلان عن اجراء انتخابات الرئاسة قبل نهاية يونيو حزيران المقبل بعدما كان يتوقع ان تتم في 2013. كما قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء عصام شرف لكنه اغضب اغلب المحتجين بتكليف كمال الجنزوري (78 عاما) بتشكيل حكومة جديدة. وشغل الجنزوري منصب رئيس الوزراء في عهد مبارك خلال الفترة من 1996 الى 1999.
وقال الصحفي والخبير الاعلامي ياسر عبد العزيز ان "هناك مسارين سياسيين اساسيين في مصر اليوم احدهما يتعلق بالعملية الانتخابية والاخر يتعلق بالازمة المعقدة بين الثورة والمجلس العسكري. سيتبادل المساران التأثير. لكن حلحلة الازمة الراهنة تحتاج الى بذل جهد في المسارين على التوازي."