20111201
الجزيرة
تحول منزل أحد نشطاء البيئة في موريتانيا إلى محمية طبيعية تعج بالسلاحف البرية، وبات قبلة لعشرات الطلاب والباحثين والمواطنين العاديين الراغبين في الراحة والاستجمام أو مشاهدة ما تحويه المحمية من سلاحف ونباتات وأشجار مثمرة.
واضطر الناشط البيئي إلى إعادة تصميم منزله الذي يقع على أرض شاسعة جنوبي العاصمة نواكشوط لكي يستجيب لحاجات النشاط البيئي الجديد، حيث باتت تعيش فيه مئات السلاحف البرية وتسكن في مداخل وملاجئ سكنية صممت خصيصا لاستقبالها، كما تقتات على أغصان وثمار أشجار المحمية وما يحضر لها من وجبات متنوعة.
ميلاد الفكرة
ويقول صاحب المشروع بمبا ولد الساموري ولد اسويدات إن الفكرة تولدت لديه قبل نحو عشر سنوات حين كان في رحلة استجمام خارج المدينة، وتحديدا إلى بعض البوادي النائية وتفاجأ بعد أن مر على أسرة ريفية تعد وجبة غداء بسلحفاة وتهيئ أخرى لوجبة مماثلة، فقرر شراءها لإنقاذها من الموت المحقق.
بدأ المشروع إثر ذلك، وقرر ولد اسويدات أن يبدأ على الفور حملة بحث في البراري والبوادي النائية عن السلاحف المهددة بالانقراض، ولم تمض سوى سنوات قليلة حتى جمع عشرات السلاحف سواء بالشراء أو عن طريق التقاطها من المناطق والبوادي البعيدة.
ويشير ولد اسويدات في حديث للجزيرة نت إلى أن الدافع الأساسي وراء إطلاق هذا المشروع هو إحساسه بحجم المخاطر التي تواجه السلاحف، حيث باتت اليوم قليلة العدد ومهددة بالانقراض من موريتانيا بحكم عوامل عدة، أبرزها الجفاف الذي يضرب منذ عقود أجزاء واسعة من البلاد، وإقبال فئات عريضة من السكان على أكلها وتحضيرها ضمن وجبات خاصة تقدم للضيوف خصوصا في المناطق الريفية النائية.
ومن العادات الغريبة في موريتانيا لجوء أعداد كبيرة من المصابين بالربو أو ضيق التنفس إلى البحث عن سلحفاة لحبسها مدة ساعة أو ساعتين مع مريض الربو اعتقادا منهم أن للسلاحف قدرة خارقة على امتصاص المرض ومساعدة المصابين على الشفاء التام دون الاضطرار للبحث عن طبيب أو أداء مصاريف من أجل العلاج.
ورغم الطلبات الكثيرة بهدف التداوي يرفض ولد اسويدات منح أو بيع السلاحف، ويقوم من حين لآخر ببث أعداد منها في البراري البعيدة قصد تشجيعها على التكاثر بعيدا عن أعين المتربصين بها، ويؤكد أنه بث أكثر من 60 سلحفاة في الأيام الماضية في الصحراء.
أشجار وثمار
ولا تقتصر محمية أدباكانا - وهو اسم بلدة جميلة في الشرق الموريتاني اختاره صاحب المشروع - على تربية السلاحف، بل إن ولد اسويدات قرر أن يضيف إلى المحمية زوجين اثنين من أصناف أشجار ونباتات لا يوجد أغلبها في موريتانيا، وحيوانات برية أخرى كالأرانب.
وباتت المحمية اليوم تمتلئ بأنواع كثيرة من الأشجار من بينها على سبيل المثال الزيتون والتين واللوز والبرتقال والتوت الأسود والرمان وتفاح البحر وكوروسول ولميليا والحناء وسيكاس وبعض أشجار النخيل.
ونظرا للمسحة الجمالية الذي تضفيها تلك الأشجار والنباتات والسلاحف على محمية أدباكانا، فقد صارت قبلة للطلاب والباحثين والمواطنين الهاربين من ضجيج المدينة ومتاعب العمل.
ويقول الطالب أد ولد حمه، وهو أحد طلاب جامعة نواكشوط، الذين التقتهم الجزيرة نت على هامش زيارتهم للمحمية إنها فكرة فريدة في مجال المحافظة على البيئة، مضيفا "نحن وطلاب كلية العلوم نأتي هنا لمهام البحث الدراسي وللاستمتاع بالأجواء".
أما المختار ولد محمد، وهو طالب جامعي آخر، فقد دعا السلطات لتوفير الدعم لهذا المشروع الذي يوفر أجواء بيئية مميزة منتقدا، في الوقت نفسه غياب الدعم الرسمي لمشاريع من هذا القبيل.