20111208
الجزيرة
تجمع آلاف المتظاهرين اليوم أمام مجمع المحاكم بالعاصمة الليبية طرابلس، رافعين لافتات تدين انتهاك مؤسسة القضاء، مؤكدين أن مثل هذه الانتهاكات الخطيرة مؤشرات "مخيفة" تعكس فوضى السلاح المنتشرة في البلاد.
وندد رجال القضاء والنيابة والمحامون اليوم الأربعاء بالاعتداء على هيبة القضاء بعد حادثة اقتحام مكتب النائب العام الليبي أمس في العاصمة طرابلس من قبل مجموعة مسلحة للإفراج عن أحد المتهمين في جريمة قتل.
وألقى وكيل نيابة بمكتب النائب العام اسمه علي بوراس بيانا أدان فيه بشدة وزارة الداخلية التي حاولت شرعنة التشكيلات المسلحة مؤخرا، وقررت منحها سلطة القبض والتحقيق، في مخالفة قانونية صريحة لقانون الإجراءات الجنائية، معتبرا أن الاختصاص إنما هو لسلطة القضاء.
وقال البيان إن الوزارة المستحدثة لم توفر الحماية لمجمع المحاكم, ولم تقم بواجبها، مؤكدا أهمية الإسراع في تأسيس دولة القانون.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال بوراس إن مكتب النائب العام عبد العزيز الحصادي فتح تحقيقا في حادثة أمس، وسوف تقوم النيابة العامة بدورها في هذه القضية، رافضا الإشارة بأصابع الاتهام إلى أسماء محددة قبل جمع الأدلة الأولية، مؤكدا أن التحقيق سيشمل كل من كان وراء هذه الفعلة "الشنيعة".
تحقيقات سرية
وذكر أن مجموعة من المسلحين دخلوا مكتب الحصادي صباح أمس مطالبين بإجراءات في إحدى القضايا التي لم يكشف عنها لسرية التحقيقات حتى الآن، وتعامل معها المكتب بكل شفافية وموضوعية، وخرجت المجموعة مبتهجة تطلق أبواق السيارات، وكأنها حققت انتصارا على دولة القانون.
وقالت نقابة المحامين بطرابلس -في بيان رسمي- إنها تابعت بقلق بالغ الأسى انتهاك حرمة مجمع محاكم طرابلس من قبل بعض "المارقين" عن القانون والمدججين بالسلاح.
وأدانت -في البيان الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- ما تعرض له النائب العام، واعتبرته مساسا بهيبة القضاء، وتعديا على دولة القانون والمؤسسات.
كما اعتبرت الواقعة اعتداء سافرا على ثورة 17 فبراير/شباط والثوار، وضربة موجعة لكرامة ليبيا والليبيين.
وقالت الناشطة الحقوقية عزة المقهور للجزيرة نت إن وقوفهم اليوم تعبير عن رفضهم المطلق "للمليشيات المسلحة", مؤكدة أن الشعب لم يخرج من عباءة الشمولية إلى فوضى السلاح.
أهداف الثورة
وأضافت أنهم يريدون تحقيق أهداف الثورة في الحرية والعدالة وحقوق الإنسان. وذهبت المقهور إلى حد قولها إن انتشار السلاح انتقل من المؤشر الخطير إلى المخيف، محذرة من تحوله إلى مصدر جريمة كبرى وفوضى عارمة.
ورفضت وكيلة النيابة بمكتب المحامي العام طرابلس نجاة هندر إطلاق صفة الثوار على المليشيات التي اخترقت سرايا المحكمة، قائلة إنها شعرت بخطر كبير عند اقتحام المبنى أمس.
وطالبت -في تصريح للجزيرة نت- بسيادة القانون وتحقيق مطالب ثورة 17 فبراير/شباط، مشيرة إلى أن الميلشيات قد تكون من بقايا نظام القذافي.
وحذر المستشار في محكمة استئناف طرابلس مصطفى العفشوك -خلال تصريحه للجزيرة نت- من إتاحة الفرصة لقوات الأمم المتحدة لفرض الاستقرار والأمن إذا استمرت انتهاكات المجموعات المسلحة، مؤكدا أن المسؤولية تقع على عاتق الشعب، وليس المجلس الانتقالي والحكومة.
وبينما ذكر المحامي صلاح المقيلي للجزيرة نت أن تشخيص حالة جهاز القضاء "المزرية" -على حد تعبيره- تؤكد أنه لم يعد في ليبيا سوى سلطة السلاح في مواجهة المؤسسات الناشئة، دعا الحقوقي رشيد بن حميدة إلى الإسراع في انتخاب حكومة ومؤتمر وطني شرعي في أسرع وقت يعبر عن مختلف أطياف الشعب، للخروج من المأزق السياسي والقانوني الحالي.
مؤشر خطير
وأكد بن حميدة أن حادثة مكتب النائب الحصادي مؤشر خطير على غياب الأمن والأمان، ودليل على الفراغ لعدم وجود سلطات تشريعية وتنفيذية جاءت عبر الانتخابات الحرة.
وانتقل المتظاهرون من مقر الاحتجاج بمجمع المحاكم إلى باحة رئاسة الوزراء، وهتفوا بشعارات تدين "إهانة" محراب العدالة -في إشارة إلى سلك القضاء- مؤكدين دعمهم لإنشاء جيش وأمن وطني يخدم مصالح الشعب.
وقال رئيس محكمة استئناف طرابلس عادل المسلاتي في خطابه إن مثل هذه الشعارات رفعت في مجمع محاكم طرابلس يوم 20 فبراير/شباط الماضي، وقد سقطت طرابلس بعد ذلك، وأن وقفتهم اليوم جاءت تعبيرا عن رفضهم لسلطة السلاح خارج الشرعية، مؤكدا مقاطعتهم للعمل إلى حين إعادة الهيبة للقضاء.
وخرج رئيس الحكومة عبد الرحيم الكيب إلى المتظاهرين وعبر لهم عن امتعاضه الشديد للاعتداء على النائب العام، مؤكدا أنه اعتداء صارخ على هيبة القضاء الليبي.
وأشار إلى أن حكومته لم يمض على تأسيسها 10 أيام، وهي في اجتماع دائم مع الوزراء لوضع خطط نزع السلاح واستتاب الأمن واستعادة الجيش لزمام الأمور.
وأكد الكيب أن حكومته لن تنجح إلا بتعاضد الشعب معها، داعيا الأخير إلى الخروج في مظاهرات سلمية ضد مظاهر التسلح في كافة المدن.