20111213
الجزيره
سيظل كثير من المصريين يذكرون لقطة فيديو لميدان الاربعين بمدينة السويس وهو مكتظ بالمحتجين بينما تنطلق مركبة أمن مركزي مدرعة بسرعة فتدهس بعضهم في محاولة لتفريقهم خلال الايام الاولى من ثورة 25 يناير كانون الثاني من هذا العام.
لكن العديد قد يجدون صعوبة الان في التعرف على هذه الساحة الشهيرة بعدما طمست ملامحها باللافتات والملصقات والمقار الانتخابية قبل يومين من انطلاق المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب والتي تشمل تسع محافظات منها هذه المحافظة الساحلية المطلة على قناة السويس.
وغطت الانتخابات على كل شيء حول قسم شرطة الاربعين أو "بيت الظلم" كما وصفه احد المواطنين الذين تحدث اليهم مراسل رويترز والذي احرقه المتظاهرون في يناير انتقاما من التعامل الامني العنيف مع الاحتجاجات التي أكسبت شدتها المدينة لقب "سيدي بوزيد مصر" في اشارة الى المدينة التونسية التي بدأت فيها الاحتجاجات التي أطاحت في النهاية بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي قبل أيام من ثورة مصر.
وهذه أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك بعد ثلاثة عقود في سدة الحكم. وأجريت المرحلة الاولى في أواخر الشهر الماضي فيما ستجرى المرحلة الثانية يومي الاربعاء والخميس والمرحلة الثالثة والاخيرة في يناير المقبل.
ورغم شكوى معظم أهالي السويس من ازدياد الاوضاع الاقتصادية والامنية سوءا في المحافظة بعد مرور ما يقرب من عام على الثورة الا أنهم ابدوا حماسة كبيرة للمشاركة في الانتخابات أملا في أن تسهم في تهدئة الازمة السياسية وانهاء المشكلات الاقتصادية التي تعانيها مصر.
وقال احمد علاء البكري (43 عاما) وهو موظف "الوقت ده مناسب لاجراء عملية انتخابية علشان حال البلد ينصلح."
ويبدو أن التيار الاسلامي في طريقه لتحقيق مكاسب انتخابية واسعة في السويس التي تتألف من دائرة واحدة للمقاعد الفردية ودائرة واحدة في القوائم وذلك على غرار المكاسب التي حققها في المرحلة الاولى في أغلب الدوائر.
وفاز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين بأغلب المقاعد الفردية في المرحلة الاولى التي أجريت في تسع محافظات أيضا. كما تصدر نتائج القوائم وتلاه حزب النور السلفي.
ويتنافس 109 مرشحين على مقعدي الفردي بالسويس. كما تتنافس 12 قائمة حزبية تضم 48 مرشحا على أربعة مقاعد للقوائم في السويس أبرزها قوائم الحرية والعدالة والنور والوفد والوسط والكتلة المصرية والناصري والعدل.
وقال أغلب من تحدثت اليهم رويترز انهم سيصوتون للتيار الاسلامي سواء الحرية والعدالة أو النور.
والى جانب الاسباب التي ساقوها لاختيار الاسلاميين وانصبت في أغلبها على انهم سيطبقون الشريعة الاسلامية وأنه يجب منحهم فرصة قبل الحكم عليهم كان هناك سبب وجيه اخر قاله عصام عبد العزيز (37 عاما) وهو قائد سيارة أجرة.
"عشم السوايسة في السلفيين والاخوان. وعدوهم بالعمل والسكن وهو ده كل أملهم (الاهالي)."
وكان لبعض أبناء السويس رأي أخر وتحدثوا عن نيتهم التصويت لاحزاب وتكتلات ليبرالية لاحداث توازن داخل البرلمان لكن عددهم كان أقل بكثير من مؤيدي الاسلاميين. كما عبرت نساء عن مخاوف من أن يجبرهن الاسلاميون على ارتداء النقاب ويمنعوهن من قيادة السيارات.
وقالت أمل السيد وهي ربة منزل شابة ترتدي الحجاب "هختار الكتلة المصرية عشان السلفيين والاخوان مش هيخلوني أخرج من البيت وهيمنعوني من سواقة العربيات واحنا مش عايزين نلبس نقاب."
والكتلة المصرية ائتلاف يضم ثلاثة أحزاب ليبرالية.
وهناك من قرر الجمع بين طرفي النقيض مثل احمد مصطفى (19 عاما) الذي قرر انتخاب مرشح ليبرالي في الفردي وقائمة الحرية والعدالة في محاولة أيضا لاحداث توازن بين القوى. وفضل البعض المقاطعة بسبب كثرة المرشحين ولانهم لا يرون أحدا يصلح من المرشحين لتمثيلهم في البرلمان.
وعدد سكان السويس 575 ألفا و500 نسمة تقريبا وبها 355 ألفا و 286 ناخبا مسجلا.
ورغم أن السويس كانت معقلا احتجاجيا بارزا الا أن هذا لم يردع الكثير من أعضاء الحزب الوطني الحاكم قبل الثورة والمنحل حاليا عن الترشح لكن جميع من تحدث اليهم رويترز تقريبا قالوا انه لم يعد لهم مكان في السويس بعدما انتهى عصر تزوير الانتخابات.
وتنتشر صور ولقطات فيديو على الانترنت لمحتجين يمزقون لافتات لهؤلاء المرشحين المعروفين اعلاميا بلقب "الفلول".
وقال الناشط الشاب يوسف الدقاق (27 عاما) وهو عضو بحركة كفاية وتكتل شباب السويس "المجتمع السويسي بطبيعته كان يرفض الحزب الوطني أيام ما كان موجودا."
أما الشباب الذين أطلقوا شرارة الثورة الاولى فعدد مرشحيهم قليل جدا مقارنة بالقوى الاخرى وحجبت الدعاية الضخمة للاخوان المسلمين والسلفيين الضوء عنهم.
وعن حظوظهم في الانتخابات قال الدقاق "فرص الشباب تكاد تكون شبه معدومة لان اغلبهم معندهمش خبرة سياسية في مسألة الانتخابات وامكانيتهم المادية محدودة."
وشهدت السويس طيلة الشهور الماضية احتجاجات عديدة على الاوضاع الامنية وقلة فرص العمل والاسكان. كما نظمت عدة احتجاجات عمالية للمطالبة بتحسين ظروف العمل. وقطع الطريق المؤدي للمحافظة أكثر من مرة بسبب الاحتجاجات المتكررة.
وقال السائق عصام عبد العزيز "الاوضاع ساءت والبلطجة انتشرت. الشرطة عندها لا مبالاة والجيش اتعلم منهم."
وقال سعيد حسن محمد (51 عاما) وهو عاطل عن العمل فقد وظيفته في احدى شركات البترول في مارس اذار "محدش حل حاجة في السويس."
والسويس محافظة صناعية تشتهر بالنفط والحديد والصلب والشحن البحري فضلا عن أنها تطل على قناة السويس وهي مصدر رئيسي من مصادر الدخل القومي المصري. وسقط أكثر من 20 قتيلا ومئات الجرحى فيها أثناء الانتفاضة الشعبية.
وقال عادل السيد علي حسن (49 عاما) وهو عامل أصيب بطلق خرطوش في العين اليسرى يوم 25 يناير "مصرفتش حاجة غير خمسة الاف جنيه. واحنا المصابين في السويس محدش عملنا حاجة ومش عارفين نروح لمين.."
وقال تامر رضوان الذي قتل شقيقه شريف في الاحتجاجات "محدش معترف بالشهداء خالص ومحدش بيفكر انه يراضي أهالي الشهداء أو يجيب حقهم."
وأشار الى انه سيقاطع الانتخابات بسبب ذلك.
ورغم أن حال أمل شقيقة "الشهيد" فرج عبد الفتاح عوض كان أفضل بكثير من حال تامر اذ حصلت وأسرتها على تعويض مالي ومعاش شهري الا أن مطلبها الاهم لم يتحقق بعد وهو "القصاص".
وقالت انها ستشارك في الانتخابات "لان ده حق الشهيد وعشان حقهم ميروحش هدر."
ورغم أنها منتقبة الا أنها لن تنتخب التيار الاسلامي لانهم بحسب كلامها "محدش شافهم في الثورة خالص ودلوقتي هما اللي راكبين الموجة".