20111224
القدس العربي
منذ استيلاء تنظيم الضباط الاحرار على السلطة في مصر عام 1952 وقضائه على الحكم الملكي لم يتعرض الجيش لجدل بشأن مكانته أو شرعيته السياسية الا بعد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير شباط الماضي ودفعت بالمجلس الاعلى للقوات المسلحة الى صدارة المشهد السياسي.
وكان خروج الدبابات الى الشوارع مصدر اطمئنان للجماهير الغاضبة مساء يوم 28 يناير كانون الثاني "جمعة الغضب" بعد انكسار الشرطة. ثم عزز الجيش مكانته بوقوفه على الحياد طوال الاحتجاجات التي استمرت 18 يوما ثم أدائه التحية العسكرية "للشهداء" بعد ساعات من تنحي مبارك يوم 11 فبراير.
ويوم الجمعة تغير المشهد في ميدان التحرير الذي كان بؤرة الاحتجاجات ولايزال.
فقبل سقوط مبارك كانت صوره هو وزوجته سوزان ثابت وابناه علاء وجمال ورموز الحكم السابق تعلق على لافتات مع تعديلات تصور بعضهم كمصاصي دماء. ولم يكن بين تلك الصور أي من رموز الجيش الذي يدير البلاد.
وارتفعت في ميدان التحرير يوم الجمعة صور وهتافات مناوئة للمجلس الاعلى للقوات المسلحة بعد أسبوع من تداول صور فوتوغرافية ولقطات فيديو على نطاق واسع على الانترنت ظهر فيها جنود يجرون امرأة من عباءتها السوداء على الارض وانكشاف ملابسها الداخلية وركلها أحدهم في صدرها وضربها اخرون بالهراوات.
وردا على تلك الاساءة نظمت ألوف النساء مسيرة من ميدان التحرير الى مبنى نقابة الصحفيين القريب يوم الاربعاء الماضي مرددات شعارات منها "اللي يدنس شرفه وعرضه.. عمره ما يقدر يحمي أرضه" و"قالوا حرية قالوا عدالة البسوا الاسود ع الرجالة" في اشارة الى حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين التي تبدي اهتماما بانتخابات مجلس الشعب الجارية حاليا أكثر مما تهتم بالانتهاكات ضد المحتجين.
وقدم الجيش اعتذارا لنساء مصر ووعد بالتحقيق فيما حدث.
وانتقدت وزيرة الخارجية الامريكية يوم الاثنين الماضي قوات الامن المصرية بسبب "الاذلال المنهجي للمرأة" ووصفت ذلك بأنه "عار على الدولة". وقالت مصر انها لن تقبل أي تدخل في شؤونها الداخلية.
وأدانت رئيسة هيئة الامم المتحدة للمرأة ميشيل باشيليت يوم الخميس تعامل قوات الامن المصرية للنساء والاطفال وحثت السلطات على ضمان احترام حقوقهم و"ضمان حقوق النساء السياسية والمدنية وتقديم دعم حكومي لضمان احترام تلك الحقوق."
وارتفعت يوم الجمعة في الميدان هتافات متظاهرين ومتظاهرات منددة بما يرونه انتهاكا من قوات الجيش للمرأة المصرية ومنها "يا أوباش يا أوباش.. بنت مصر ما تتعراش" و"احلقوا شنباتكم.. طنطاوي عرى بناتكم" في اشارة الى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
وشهد ميدان طلعت حرب القريب من ميدان التحرير وقفة احتجاجية لنساء رددن شعارات منها "بنات مصر.. خط احمر".
وفي نفس الوقت خرج الالوف في ميدان العباسية بشرق القاهرة تأييدا للمجلس العسكري. ورفع المتظاهرون لافتات منها "الشعب والجيش والشرطة ايد واحدة" و"موتوا بغيظكم.. نعم للمجلس العسكري."
ويشهد ميدان التحرير يوم الجمعة حالة وصفها مراقبون بالثورية بعد مقتل 17 ناشطا واصابة المئات منذ مساء الجمعة الماضي بأيدي قوات من الجيش.
وقال أسامة الذي رفض التصريح باسمه كاملا لرويترز "من الخطأ أن يدفع الجيش بقواته في مواجهة مع الشعب.. رصيده (لدى الشعب) يتاكل. نتوقع (العنف) من الشرطة لا من الجيش."
وفسر هتافا يتردد في الميدان "يا شهيد يا شهيد.. ثورة تاني من جديد" قائلا ان لدى الناس أملا "الثورة مستمرة".
ودعا ساسة مصريون الاسبوع الماضي الى أن يجري المجلس العسكري انتخابات الرئاسة - المقرر حتى الان اجراؤها في يونيو حزيران 2012- بعد اجتماع مجلس الشعب المنتخب مباشرة في أواخر يناير كانون الثاني.
ووزع حزب التحالف الشعبي الاشتركي الذي يخوض الانتخابات ضمن قائمة "الثورة مستمرة" بيانا يوم الجمعة في ميدان التحرير يطالب بالغاء انتخابات مجلس الشورى المقرر اجراؤها العام القادم واجراء انتخاب الرئيس فور انتهاء انتخابات مجلس الشعب "بما يتيح انتقال السلطة في أسرع وقت لرئيس وبرلمان منتخبين."
وقال البيان ان "المشاهد الاجرامية" التي جرت للمتظاهرين بداية من الاسبوع الماضي تهدم "ما تبقى من ثقة بين المواطنين والمؤسسة العسكرية... بقاء المجلس (في الحكم) يهدد كل مكتسبات الثورة... خطر على المؤسسة العسكرية وتماسكها الامر الذي يشكل خطرا على الدولة المصرية."