20111224
الجزيره
كان المزاج اقرب الى المرح خارج مكتب رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب في طرابلس.
وتحت شمس الشتاء تسلق شبان في عمر المراهقة النخيل فوق حشد يغني ويرقص على وقع الطبول.
لكن رسالتهم كانت شديدة الجدية.
وردد المحتشدون اغاني تطالب الحكومة بالاموال وصرخ صوت من بين الحشد مطالبا بحصتهم.
وكان معظم المتظاهرين من سكان العاصمة الليبية وبعضهم من الطلاب الذين قالوا انهم باعوا كتبهم واشتروا بثمنها سلاحا لينضموا للمعركة ضد معمر القذافي.
وبعد اكثر من شهرين من القاء القبض عليه وقتله يريد هؤلاء المقاتلون السابقون مكافآتهم.
وقال انيس البشير الذي وصف نفسه بأنه قائد وحدة من العاصمة الليبية "نحن لا نطالب بالمال. نحن نطالب بفرصة عمل.
"الوزراء يقولون شيئا ونوابهم يقولون شيئا اخر والمجلس الوطني الانتقالي يقول شيئا مختلفا تماما. فقط أعطونا اجابة."
وتفسح القضية المشتركة التي وحدت المقاتلين خلال الحرب التي انهت حكم القذافي الذي استمر 42 عاما في اغسطس اب المجال للتشرذم والمرارة.
ويواجه المجلس الانتقالي الوطني الضعيف وغير المنظم هجوما من كل الجهات لكنه لا يستطيع الاستجابة سوى لبعضها.
ومن بين الفائزين وحدات قتالية من بلدة الزنتان بالجبل الغربي تجلس في استرخاء في الطابق الثاني من البناية التي يوجد بها مقر الكيب حيث يشغل القائد العسكري للزنتان اسامة الجويلي مكتب وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة.
وبعد اشهر من القصف الصاروخي الذي قامت به القوات الموالية للقذافي تمكنت الزنتان من كسر الحصار المفروض عليها واندفعت الى السهول تحت غطاء جوي من حلف شمال الاطلسي وشقت طريقها نحو طرابلس في اغسطس اب.
واستولت قوات الزنتان على المطار الدولي وما زالت تسيطر عليه في الوقت الحالي بقوة السلاح. وفي نوفمبر تشرين الثاني قبض مقاتلون من الزنتان على سيف الاسلام القذافي نجل معمر القذافي وارسلوه على متن طائرة الى الزنتان حيث ما زال موجودا.
وهذه ادوات تفاوضية قوية فبعد ايام من القبض على سيف الاسلام حصل الجويلي على منصبه بعد شد وجذب حول الحقائب الوزارية كشف عمق الانقسامات القبلية والصراعات على السلطة.
وسوف يحصد رفاقه في الحرب المكاسب. وليبيا دولة قليلة الكثافة السكانية وغنية بالنفط ومرشحة للثراء.
وتتمسك الميلشيات بمكاسبها التي حققتها عندما سقطت طرابس وهي ترفض ترك سلاحها او حل تشكيلاتها حتى تحصل على ما تبغي. أما الفئات الاضعف في الوقت الحالي فهي تكتفي بكتابة مطالبها على الاوراق وتنظيم المظاهرات امام مكتب الكيب.
ومن بين هؤلاء عمال القطاع العام الذين يقولون انهم لم يتلقوا اجرا منذ أشهر.
ومن المستحسن ان يتعلم القادة الجدد الدرس المستفاد مما جرى في مصر وتونس حيث اسفرت ثورات الربيع العربي عن الاطاحة بالحكام المستبدين لكن غياب الثقة في الحكام غير المنتخبين الذين حلوا محلهم في انتظار الانتخابات اسفر عن اعمال عنف في الشوارع.
وعلى خلاف تونس ومصر تحولت الثورة الليبية الى حرب وولدت شعورا بالاستحقاق لدى هؤلاء الذين يقولون انهم قدموا الحصة الاكبر من الدماء.
وقال سامي البكوش وهو مهندس يبلغ من العمر 32 عاما "شارك العمال في هذه الشركة ايضا في المعركة. انه يعيشون في طرابلس ويريدون الان العودة الى عملهم لكن كيف ذلك وهم لم يحصلوا على رواتبهم.."
وترك البكوش ومعه ما بين 500 و600 من زملائه شركة التكنولوجيا الهندسة التي تديرها الدولة في مارس اذار قائلين انهم ارتابوا في ان المصنع سيستخدم في تسليح قوات القذافي ولم يحصلوا على رواتبهم منذ يونيو حزيران.
وفي مدينة بنغازي الشرقية مهد الانتفاضة الليبية التي بدأت في فبراير شباط ملا ما بين 20 و30 الف شخص ساحة الشجرة الرئيسية في وقت سابق هذا الشهر احتجاجا على سياسات المجلس الوطني الانتقالي. ويتظاهر المئات يوميا منذ ذلك الوقت.
ويشكو المتظاهرون من غياب الشفافية والشرعية عن المجلس ويدعون الى تطهير البلاد من المتعاونين المزعومين مع النظام السابق.