20111231
الجزيره
داهم مسؤولون قضائيون ورجال شرطة مصريون يوم الخميس مكاتب 17 منظمة غير حكومية مؤيدة للديمقراطية وحقوق الانسان في تحرك لقي انتقادا من الولايات المتحدة التي لمحت الى أنها قد تعيد النظر في المعونة العسكرية للقاهرة التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا.
ونقلت الوكالة عن مكتب النائب العام قوله ان قضاة التحقيق المنتدبين قاموا "بتفتيش 17 مقرا لفروع منظمات أجنبية وأخرى مصرية بناء على ما توافر بالتحقيقات من دلائل جدية على قيامها بممارسة أنشطة بالمخالفة للقوانين المصرية ذات الصلة وثبوت عدم حصول أي منها على أي تراخيص أو موافقات من وزارة الخارجية المصرية ووزارة التضامن الاجتماعي على فتح فروع لها في مصر."
وقال مصدر أمني وعاملون في منظمتي المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الوطني الديمقراطي ان المداهمات استهدفت المكاتب المحلية للمنظمتين اللتين تتخذان من الولايات المتحدة مقرا لهما الى جانب منظمات أخرى.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان المداهمات "لا تتسق مع التعاون الثنائي الذي كان بيننا منذ سنوات عديدة" وحثت السلطات المصرية على وقف "التضييق" على موظفي المنظمات غير الحكومية فورا.
وأشارت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية في مؤتمر صحفي الى أنه قد يكون من الصعب المضي قدما في اقناع الكونجرس بالاستمرار في تقديم المعونة العسكرية اذا لم يتحسن الوضع.
وقالت "لدينا عدد من الاشتراطات الجديدة بخصوص التقارير والشفافية على التمويل في مصر يتعين علينا تقديمها للكونجرس."
ومضت تقول "الحكومة المصرية على وعي تام بذلك ومن المؤكد أنها تحتاج الى أن تدرك ذلك في سياق مدى السرعة التي تحل بها هذه القضية."
وقالت "نحن قلقون للغاية لان هذا تصرف غير مناسب في المناخ الحالي" مضيفة أن مسؤولين أمريكيين كبارا على اتصال بالقادة العسكريين المصريين للتعبير عن قلقهم من هذه المداهمات.
وقالت وزارة الخارجية الالمانية انها سوف تستدعي سفير مصر في برلين يوم الجمعة بعد ان استهدفت المداهمات مؤسسة كونارد أديناور التي يوجد مقرها في المانيا والقريبة من الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي اليه المستشارة انجيلا ميركل.
وكانت منظمات حقوق الانسان قوة دافعة وراء الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير شباط وأصبحت هذه المنظمات أشد انتقادا للاساليب المتشددة للجيش في التعامل مع الاضطرابات والمطالبة بتسريع عملية تقل السلطة للمدنيين.
وقالت 27 منظمة حقوقية في بيان وزع في مؤتمر صحفي وعبر عن استنكار ما حدث انها تتوقع أن تمتد المداهمات الى عشرات المنظمات في اطار ما قالت انها "حملة أطلقها المجلس العسكري للتشهير والوصم لكافة النشطاء الحقوقيين والعديد من القوى المنخرطة في فعاليات ثورة الخامس والعشرين من يناير."
وأضافت المنظمات أنها تشدد على أن "هذه الحملة غير المسبوقة حتى في عهد الرئيس المخلوع تستهدف التغطية على الاخفاقات الكبرى من جانب المجلس العسكري في ادارة المرحلة الانتقالية والتنكيل بالكيانات السياسية والنشطاء السياسيين والحقوقيين."
وقال احد المحللين ان الحملة على منظمات المجتمع المدني هي محاولة لاحباط حركة الاحتجاج.
وقال المحلل والباحث ياسر عبد العزيز "منظمات المجتمع المدني والاعلام هما ركيزتا الثورة الناجحة لان مطالبهما جذرية وحاسمة. والمجلس العسكري يشن هجمات متقطعة لاحتوائهم."
وجاءت تصريحات ووزارة الخارجية الامريكية عقب سلسلة من الانتقادات من قبل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بشأن "اهانة المرأة بطريقة منهجية" أثناء احتجاجات في القاهرة هذا الشهر فتل خلالها 17 شخصا قائلة ان ذلك "عارا على الدولة."
وقال المعهد الوطني الديمقراطي في بيان ارسل بالبريد الالكتروني ان المداهمات استهدفت مكاتبه في القاهرة والاسكندرية واسيوط وقامت خلالها الشرطة بمصادرة معدات ووثائق.
ونقل عن كينيث وولاك رئيس المعهد الوطني الديمقراطي قوله "ان الحملة على المنظمات التي لا تهدف الا الى مساندة العملية الديمقراطية خلال التحول التاريخي في مصر ترسل اشارة تبعث على القلق."
وقالت موظفة بالمعهد الوطني الديمقراطي ذكرت ان اسمها روضة "قوات أمن قالت انها من النيابة العامة تقتحم مكاتبنا ونحن نحدثكم. انهم يأخذون أوراقنا وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بنا أيضا."
ووجد مراسل لتلفزيون رويترز اقترب من مكتب المعهد الجمهوري الدولي في وسط القاهرة الابواب مغلقة بالشمع ورأى عدة مركبات للشرطة تنطلق مبتعدة عن المكان.
وقال المصدر الامني ان الموظفين لم يسمح لهم بمغادرة المكاتب أثناء عمليات التفتيش. وأضاف أن المسؤولين القضائيين صادروا مستندات وأجهزة في اطار التحقيق.
ويرتبط المعهد الوطني الديمقراطي والمعهد الجمهوري الدولي بالحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة ويحصلان على تمويل من الحكومة الامريكية.
وقال خبراء سياسيون ان المنظمات التي اقتحمت مكاتبها يوم الخميس تتخذ موقفا محايدا من الاحداث المصرية وتركز على تعزيز الديمقراطية في مصر من خلال تدريب أعضاء الاحزاب الجديدة.
وقال عضو قيادي في حزب ليبرالي طلب ألا ينشر اسمه "المعهد الوطني الديمقراطي يدرب الاحزاب الجديدة... على كيفية المشاركة في الانتخابات. هذا يحدث بمعرفة السلطات الكاملة وليس سريا."
وقال المعهد الوطني الديمقراطي في موقعه على الانترنت انه ينظم تبادلا للافكار بين الدول التي تحولت الى الديمقراطية وتلك التي تطمح اليها.
ويقول المعهد الجمهوري الدولي انه يعمل مع نشطاء مصريين من أجل توسيع معارفهم بتنمية الاحزاب السياسية واستراتيجيات الحملات الدعائية وأبحاث الرأي العام.
وقالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان انه كان من بين المنظمات الاخرى التي تعرضت مكاتبها للمداهمة مؤسسة بيت الحرية ومقرها الولايات المتحدة وجماعات محلية تهدف للدفاع عن استقلال القضاء والحريات الفردية والديمقراطية.
وقال نجاد البرعي النشط الحقوقي المصري البارز "يبدو أن هذه حملة على المدافعين عن حقوق الانسان."
واضاف قوله ان حملات مماثلة حدثت خلال حكم حسنى مبارك.
وقال البرعي "اني مندهش أن يحدث ذلك بعد ما نسميه ثورة."
وفي الخامس والعشرين من يناير كانون الثاني اندلعت مظاهرات احتجاج مناهضة للرئيس حسني مبارك تحولت الى انتفاضة واسعة أطاحت به بعد 18 يوما.
وقتل في الاحتجاجات نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة الاف.
ومنذ شهور تقول منظمات تراقب حقوق الانسان في مصر انها تتعرض لحملة منظمة من قبل الحكومة تهدف الى تشويه صورتها والصاق تهمة العمالة لدول أجنبية بها.
وفي شكوى الى اثنين من المسؤولين الحقوقيين في الامم المتحدة ومسؤول حقوقي افريقي أرسلت في أغسطس اب قالت المنظمات انها استهدفت لانها كشفت للرأي العام "العديد من الانتهاكات التي مارستها قوات الشرطة العسكرية مثل اجراء كشوف عذرية لمتظاهرات بميدان التحرير بعد اقتيادهن لاماكن احتجاز تابعة للشرطة العسكرية وفض اعتصام ميدان التحرير بالقوة المفرطة في الثامن من ابريل وفض اعتصام طلبة كلية الاعلام جامعة القاهرة في التاريخ نفسه... بالاضافة لتصدي هذه المنظمات لمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية تفتقد الى أدنى معايير المحاكمات العادلة."
وقال القيادي الحقوقي ناصر أمين في المؤتمر الصحفي الذي أذيع فيه بيان المنظمات الحقوقية "شرف لنا أننا حرضنا على قيام الثورة وشرف لنا لا ندعيه مساعدة الشعب المصري على الوقوف ضد السجن والظلم والحبس والاعتقال."
وقال القيادي حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان كبرى المنظمات الحقوقية المصرية "كل ما حدث (منذ ولاية المجلس العسكري) هو ارتداد على الثورة وأهدافها."
وتولى المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد بعد سقوط مبارك وقال الشهر الماضي انه سيسلم السلطة في منتصف العام المقبل لرئيس سينتخب في يونيو حزيران.
وقال بيان في موقع مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان "اقتحام مقار المنظمات في هذا التوقيت مرتبط بالحملة الشرسة التي يقودها المجلس الاعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية والتي بدأت في يونيو (حزيران) 2011 ضد المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الانسان."
وأضاف "سبق ان تم استدعاء المعهد الوطني الديمقراطي والمعهد الجمهوري الدولي ومؤسسة بيت الحرية للتحقيق من قِبل وزارة العدل تحت دعوى تلقى التمويل الخارجي.
"في حين أن المركز العربي لاستقلال القضاء والمهن القانونية لم يبدأ التحقيق معه بعد كما كان من المقرر أن يتم التحقيق مع منظمة الموازنة العامة وحقوق الانسان صباح الاحد أول يناير (كانون الثاني) 2012."
وقال المجلس الاعلى للقوات المسلحة انه سيحقق في تمويل منظمات المجتمع المدني ومنظمات مراقبة حقوق الانسان وانه لن يسمح بالتدخل الاجنبي في شؤون مصر.
وعلى المستوى المحلي عبر المجلس القومى لحقوق الانسان الذي تموله الحكومة "عن قلقه البالغ" من هذه الاجراءات حسبما ذكرته وكالة أنباء الشرق الاوسط.
وقال المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل للرئاسة محمد البرادعي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "منظمات حقوق الانسان هى أيقونة الحرية... الجميع سيراقب عن كثب أي محاولات غير شرعية لتشويهها."