20120126
الجزيرة
لم يجد السودان وجمهورية جنوب السودان الوليدة بدا من اللجوء إلي فتح ملفات أغلقت قبل توقيع السلام الشامل بينهما في العام 2005 عبر اتفاقية نيفاشا، ما يعني أن الطرفين ربما اقتنعا أن ما بقي من قضايا عالقة لن يتحقق إلا بفتح تلك الملفات.
ويبدو أن الخلافات حول عائدات النفط وإيجار منشآت السودان ما هي إلا بداية لمشوار يرى الطرفان أنه يسمح باستخدام كل الأساليب والحيل السياسية وغيرها.
فرغم مناشدة عدة أطراف دولية للحكومتين وقف التصعيد بينهما لأجل التوصل لصيغة يتجاوزان بها خلافهما الحالي، تبدو الاستجابة لتلك المناشدات مستبعدة على الأقل في الوقت الراهن.
وبينما اتجهت جوبا لحشد مزيد من قواتها في بعض مناطق إنتاج النفط تحسبا لأي طارئ كما يقول مسؤولوها، رأت الخرطوم أن ذلك الحشد أو ما سبقه من مساومات نفطية لن يثنيها عن المحافظة على التراب السوداني بأي شكل.
مسمار جديد
وقد عادت لغة الاتهامات لتدق مسمارا آخر في نعش العلاقات المتدهورة أصلا بين الطرفين، حيث اتهمت حكومة الرئيس سلفاكير ميارديت الخرطوم بقصف معسكرات اللاجئين داخل حدود دولة الجنوب.
بينما ذهبت الحكومة السودانية إلى اتهام جوبا بدعم متمردي جنوب كردفان والنيل الأزرق بجانب متمردي دارفور ضد السودان.
ومع توقع نجاح القمة الرباعية "التي تضم الرئيس السوداني عمر البشير والجنوبي سلفاكير ميارديت والكيني مواي كيباكي والإثيوبي ملس زيناوي - إذا ما انعقدت في وضع حد لبعض الخلافات وليس كلها، يرجح محللون ومراقبون سياسيون تصعيدا أكبر في تلك الخلافات.
وأشار هؤلاء المراقبون إلى وجود جهات دولية تعمل لجهة تعميق الأزمة بين الدولتين والوصول بها حد المواجهة العسكرية، منبهين إلى ما أسموه الاستجابة غير المدروسة من المسؤولين في الدولتين.
بدوره رأى المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان إبراهيم غندور في تعليق للصحفيين أن جوبا تحاول عبر دعم المتمردين في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ووقف ضخ النفط ممارسة ضغوط عسكرية واقتصادية من أجل تغيير سياسي في الخرطوم.
تغيير سياسي
في المقابل اتهم سلفاكير الخرطوم بسرقة نفط بلاده والاستعداد للحرب ضد دولته، مشيرا في كلمة له أمام مجلس وزرائه إلى أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي.
أما المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر فاعتبر أن التطورات الأخيرة جزء من التاريخ القديم لسودان ما قبل الانفصال، مشيرا إلى أن الخلافات أخذة بالاتساع بين الدولتين.
واستبعد المحلل السياسي في حديث للجزيرة نت أن يؤدي صراع السياسيين إلي قطع كل أوجه التواصل ببين الشعبين. لكنه لم يستبعد تطورا سلبيا في الفترة المقبلة.
من جهته وصف استشاري الدراسات الإنمائية الحاج حمد ما أسماه بالتصعيد المستمر لطرفي المعادلة "بالمطالب غير المعقولة لكليهما"، مؤكدا أنهما لم يضعا أي حساب للخيارات المستقبلية.
ورأى في حديث للجزيرة نت أن هناك جهات يقودها "اللوبي الأميركي الأسود" تقوم بإنشاء جدار للكراهية بين الشعبين "ولا يمكن إنشاء دولة في الجنوب إلا بخلق عدو مشترك لشعوبها المختلفة"، لافتا إلى أن ذلك سيساهم في التوحد القومي للدولة الجنوبية.
وختم بأن تحرك بعض الجهات يتجه نحو تصعيد أزمة الاقتصاد بين الدولتين" يساعده في ردود الفعل غير المدروسة من حكومتي البلدين"، وتوقع ارتفاع حدة التوتر ومن ثم الصراع بين الدولتين.