20120126
الجزيرة
تحولت مظاهرات طلابية قادها الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا المقرب من الإسلاميين بنواكشوط إلى اشتباكات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب التي منعت المتظاهرين من مجاوزة محيط المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
وأدت المظاهرات إلى إصابة نحو ثمانية طلاب بجروح أغلبها طفيفة، فيما تعرض عدد آخر لحالات إغماء بسبب كثافة الغازات المدمعة التي أطلقتها الشرطة على المتظاهرين.
وجاءت هذه المظاهرات على خلفية منع السلطات الموريتانية التسجيل في السنة الأولى من المعهد تمهيدا لإغلاقه نهائيا بعد تخرج الدفعات التي التحقت به قبل صدور قرار إغلاقه وتحويله إلى جامعة إسلامية افتتحت مطلع العام الجاري في مدينة العيون بأقصى الشرق الموريتاني.
كما تأتي في سياق حراك طلابي متواصل يقوده الاتحاد الوطني للضغط على السلطات الموريتانية من أجل التراجع عن قرار إغلاق المعهد الذي تأسس في بداية ثمانينيات القرن الماضي وكان أول مؤسسة جامعية في البلاد.
وبدأت الاشتباكات بعد مهرجان طلابي نظمه الاتحاد داخل مبنى المعهد قبل أن ينطلق الجميع في مسيرة كان من المفترض أن تتوجه إلى وزارة الشؤون الإسلامية، الجهة الوصية على المعهد، ولكن قوات الشرطة كانت للمتظاهرين بالمرصاد وأمطرتهم بوابل من القنابل المدمعة.
واستمرت الاشتباكات بين الطرفين لساعات متواصلة قامت خلالها عناصر الشرطة بمطاردة الطلاب في الشوارع والأزقة الضيقة والقريبة من مبنى المعهد، فيما قام الطلاب بتعطيل حركة السير في الشوارع القريبة وإحراق بعض إطارات السيارات ومهاجمة عناصر الشرطة بالحجارة.
ولم يهدأ الموقف إلا بعد سيطرة الشرطة على محيط المعهد وإغلاق الشوارع المؤدية إليه بشكل كامل.
تنديد بالإغلاق
وقال الأمين العام للاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا محمد سالم ولد عابدين للجزيرة نت إن خمسة معاهد ومؤسسات جامعية تظاهرت تضامنا مع مطالب الاتحاد وتنديدا بإغلاق المعهد الذي يمثل أحد أبرز الصروح العلمية في البلاد.
وأضاف أن "الاتحاد مهما تعرض له من قمع وبطش وتنكيل لن يتراجع عن مطالبه" التي لخصها في السماح بفتح التسجيل في المعهد العالي والتراجع عن قرار إغلاقه الذي هو في الواقع "قرار باطل ولاغ"، حسب قوله.
وسبق للشرطة الموريتانية أن اعتقلت أربعة من نشطاء طلاب المعهد العالي في مظاهرات سابقة، واستمر اعتقالهم 12 يوما قبل أن تفرج عنهم دون إحالتهم إلى القضاء.
واتهم بعض المعتقلين الشرطة بتعذيبهم وممارسة ضغوط بدنية ونفسية قوية عليهم في فترة الاعتقال، كما صرح بذلك رئيس قسم الاتحاد في المعهد العالي عبد الله ولد محمد الأمين الذي أفرج عنه قبل أيام بعد 12 يوما من الاعتقال.
مطلب قديم
ورغم أن وزارة الشؤون الإسلامية هي الجهة الوصية على المعهد العالي فإنها رفضت التعليق على مطالب وتحركات الطلاب، فيما قال رئيس قسم الاتحاد العام للطلاب في المعهد عبد الجليل ولد صلاحي -وهو اتحاد مناوئ للاتحاد الوطني المنظم للمظاهرات- إن المعهد العالي لم يغلق وإنما حول إلى جامعة إسلامية في مدينة العيون.
وأضاف ولد صلاحي أن الأمر يمثل مطلبا قديما للاتحادات الطلابية ولعدد من علماء البلد، فضلا عن كونه يمثل استجابة لحاجة أخرى هي ضرورة وجود لا مركزية في التعليم تخفف من تركيز وجود كل مؤسسات التعليم العالي في العاصمة.
وندد حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يرأسه زعيم المعارضة أحمد ولد داداه بما وصفه تعاطي "نظام الجنرال محمد ولد عبد العزيز بقوة مع مطالب طلاب المعهد العالي"، وقال الحزب إنه يستنكر "هذا التصرف الهمجي الذي يؤكد عجز النظام عن تقديم حل لهذه القضية".
وحمل الحزب المسؤولية الكاملة عن "النتائج الوخيمة التي قد تنجم عن سياسته القمعية تجاه القضايا العادلة واتخاذه من العنف وسيلة لمواجهتها".
يذكر أن أحزابا وقوى سياسية أخرى نددت بقمع الطلاب ودعت إلى حل قضيتهم بشكل منصف وعادل.