دارالحياة:
تقيم أجهزة الأمن الجزائرية إجراءات أمنية واسعة في مدينة بومرداس (50 كلم شرق العاصمة) بعد مقتل «انتحاري» في الـ 25 من عمره قبل أسبوع قبيل تنفيذه عملية مفترضة ضد ثكنة عسكرية. كما عزّزت قوات الأمن دورياتها في القرى والمداشر الريفية في الولاية التي ينشط فيها «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».
لم تكن مدينة بومرداس نهاية الأسبوع (الخميس والجمعة) على موعد مع اكتظاظ في حركة المارة، كما هي العادة يومياً حيث ينتشر الباعة في سوق المدينة المحاذي لموقف الحافلات الرئيسي. لكن الحركة الخفيفة وشغور شواطئ الولاية من المصطافين لم يدفع، بحسب ما بدا من جولة في المدينة وضواحيها، إلى التخفيف من التدابير الأمنية المعتمدة في الولاية المصنّفة في أعلى مستويات الخطر في الجزائر. وكانت المتاريس والأسلاك الشائكة ميزة الحواجز الأمنية المنصوبة بكثرة في كل الإتجاهات.
وشوهدت تعزيزات كثيفة عند مفترق الطرق الغربي بين بومرداس وقورصو، حيث كان التفتيش يشمل كل المركبات تقريباً. كذلك سُجّلت التعزيزات نفسها عند مفترق طرق شرق المدينة في اتجاه زموري حيث نُصبت حواجز كثيرة، منها من تشرف عليها فرق الشرطة، قبل الوصول إلى حواجز نصبتها قوات الجيش المعززة بآليات ثقيلة ومعدات تُظهر أن العناصر المسؤولة عن الحواجز في حال تأهب لمواجهة محتملة في أي لحظة. وسُجّل أيضاً طوق أمني على مقر الأمن الولائي لبومرداس وكذلك على مقر الولاية، فيما فُرضت رقابة شديدة على الشارع الذي يقع فيه مجلس القضاء من خلال دوريات متنقلة كانت تجوبه ذهاباً وإياباً.
وترى أجهزة الأمن أن بعض القرى في شرق الولاية، في اتجاه ولاية تيزي وزو، يُعتبر مصدر قلق دائم، إذ سُجّل في أكثر من مرة نزول مسلحين إليها من الجبال للقاء عائلاتهم. كما سُجّل تجنيد شبان لمصلحة «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» للقيام بمهمات لا تتعدى أحياناً مراقبة تحركات رجال الأمن. لذلك، فإن المعركة ضد المسلحين في الولاية لا تبدو محصورة فقط بالعمليات العسكرية بل بالاستخبارات أيضاً.
وفي هذا الإطار، تعمل المديرية العامة للأمن على إقحام كل مصلحة من المصالح التي دُشّنت حديثاً للشرطة القضائية في المواجهة مع المسلحين وخلاياهم. وأُفيد أن الشرطة القضائية كُلّفت التنسيق مع الأمن الولائي في تنفيذ عمليات دهم ليلية في أحياء وغابات منطقة زموري ورأس جنات، خشية حصول عمليات أمنية فيها. إذ أن بعض التحليلات يشير إلى احتمالات واسعة لفرضية أن يلجأ تنظيم «القاعدة» إلى تكرار محاولته الدفع بعنصر «انتحاري» آخر لتعويض فشل «الانتحاري» المقتول قبل أسبوع في مدينة دلس الساحلية بولاية بومرداس. وتبيّن أن القتيل «حديث التجنيد» ولم يكن يملك خبرة قتالية ويُكنّى «أبو عبدالرحمن» واسمه الحقيقي «ت. عمار».
وتُعطي صورة الحواجز الأمنية شرقاً نحو زموري ورأس جنات مشهداً يُنذر بوجود «خطر متربص» في كل لحظة. وتختفي فرق الشرطة تدريجياً كلما كان الاتجاه شرقاً نحو «المنطقة الساخنة»، كما يُطلق عليها سكان محليون، وتحل محلها فرق مدرّبة من الجيش الجزائري تنصب المتاريس لخفض سرعة السيارات القادمة، ويرتدي أفرادها دروعاً واقية من الرصاص، في حين «يختفي» قناصون خلف أسوار إسمنتية في أهبة الاستعداد لأي حدث مباغت.
ويقول «ز. حميد» المتحدر من قرية «بغلية»، جنوب بومرداس، إن «الانتشار الأمني كثيف في الولاية. وفي الحقيقة، يعتقد كثيرون من الأهالي أن المعركة المقبلة تتجه نحو الحسم لمصلحة قوات الأمن». ويضيف: «قبل ثلاث سنوات، وتحديداً في شهر رمضان، كانت هجمات «القاعدة» تحصل في شكل شبه يومي تقريباً ضد حواجز الأمن. لكن الأمر تحوّل الآن إلى مطاردات وكمائن غالباً ما تكون ناجحة من قبل أجهزة الأمن ضد مسلّحي التنظيم».
وتتنوع الجهود الأمنية في الولاية بين «عمليات اختراق» للتنظيم نفسه، وبين نصب كمائن في داخل حقول ومشاتل زراعية قريبة من مقرات سكنية. كما تُسجّل عمليات تمشيط ثقيلة تنطلق من مشارف زموري ودلس ومنطقة بوبراك وسواحل الولاية، وهي المناطق التي تتوجس منها الجهات الأمنية في الولاية، إضافة إلى كل من منطقتي يسر وقدارة حيث تتعدد محاولات زرع القنابل أو محاولات استهداف قوات الأمن والدرك والجيش.