ليبيا

20120221
القدس العربي
كانت القلعة الحصينة لنظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ولم يكن بوسع أي أحد رؤيتها من الداخل إلا العاملين بها أو أفراد من الدائرة المقربة للقذافي.


والآن بعد أكثر من ستة أشهر من سقوط طرابلس في أيدي مقاتلين دعمهم حلف شمال الأطلسي انتقلت عشرات الأسر إلى عدد محدود من المباني ما زالت قائمة وسط الأطلال المحترقة لمجمع باب العزيزية الذي كان يسكن به القذافي وأقامت منازل وسط الأنقاض.

وتبرز الخطوة التي تقول هذه الأسر إنها ترجع بصورة كبيرة لأسباب اقتصادية التصادم بين قطاعين بالمجتمع الليبي.

فمن ناحية توجد النخبة الموالية للقذافي التي استفادت من سخائه ومن الناحية الأخرى المواطن العادي الذي لا يعد فقيرا وفقا لمعايير المنطقة لكنه كان يحصل على النذر اليسير من ثروة الطاقة الهائلة في ليبيا.

وأجبر مقاتلو المعارضة القذافي على التخلي عن معقله في طرابلس وهو مجمع هائل من المنازل والمكاتب والمخازن والذي استهدفته الطائرات الحربية التابعة لحلف شمال الأطلسي خلال الصراع الذي دار هناك. وأحرقوا ونهبوا وشوهوا رمز الزعيم الراحل والذي ظل لسنوات محظورا عليهم دخوله.

بعد أيام من انهيار أسوار مجمع باب العزيزية في أواخر أغسطس آب نقل مدرس الكيمياء ماجد زوجته وأبناءه السبعة إلى أحد المنازل التي يعتقد أنه كان يسكن به أحد ضباط القذافي.

وقال المدرس البالغ من العمر 50 عاما بينما كان يتجول في منزله الجديد المؤلف من أربعة غرف مع وجود مكان منفصل للضيوف "قبل ذلك عندما كنت أمر بسيارتي بجوار باب العزيزية لم أكن أجرؤ حتى على النظر إليه.. كنا نخاف حتى الحديث داخل السيارة".

ومضى يقول "لم نتخيل قط أننا سندخل في يوم هذا المكان.. أنا الآن أعيش هنا".

وقال ماجد إنه وجد المنزل في حالة فوضى عندما وصل ومنذ ذلك الحين كان يعمل على تجديده. وأعاد طلاء الجدران لكن الردهة ما زالت محترقة. وبينما كان هناك قدر يغلي فوق الموقد بالمطبخ كانت أسرته تجلس في غرفة المعيشة المجاورة تشاهد التلفزيون.

وفي الخارج كان هناك مرحاض ملقى على الحشائش وبجواره قطع من الأخشاب للخزانة التي كان موجودا بداخلها.

وقال "هذا أفضل حالا بكثير من المكان الذي كنت أعيش به قبل ذلك".

لكن هناك آخرين لا يشعرون بهذا القدر من الراحة. فوراء المنزل الذي يسكن به ماجد تسكن سجى محمد (24 عاما) وزوجها هيثم وهما يسكنان في غرفة كانت قبل ذلك مكتبا.

وعلى بساط كانت هناك آنية شاي وأكواب بلاستيكية وأطباق موضوعة على صينية وحقائب ملابس. وتوجد زهور بلاستيكية ونباتات داخل أواني زهور في أنحاء الغرفة.

وقالت سجى وهي تغالب دموعها إنه ليس لهم مكان آخر يعيشون به. وأضافت أنهم لا يمكنهم دفع قيمة إيجار بشكل متنظم لذلك جاءوا هنا. "سيء الحال.. مش صحي السكن.. وسقعة وما في لا ضي ولا مية... ما في شئ هنا".

وفي حين أن السكان ربما لا يكون في حوزتهم صكوك ملكية فإن هيثم يقدم وثيقة وقعها مجلس عسكري مجاور في الحي يمنحهم تصريحا بالإقامة في ذلك المكان. وهو لا يذكر باب العزيزية بالاسم لكنه يقر بحاجة هيثم للسكن.

سكنت الأسر آخر المباني الصامدة لهذا المجمع المترامي الأطراف. وأمامها توجد أكوام من الركام والتي لم تتم إزالتها بعد. ويركب الأطفال الدراجات ويجرون حول صناديق ذخيرة خاوية.

ويمكن مشاهدة في كل مكان العلم بالألوان الأسود والأخضر والأحمر والذي يرمز للثورة الليبية.

وبعد الصراع الذي دام ثمانية أشهر والذي انتهى باعتقال القذافي وقتله في أكتوبر تشرين الأول لا تظهر في أي مكان في ليبيا مظاهر فرحة انتصار القوات المعارضة مثلما تظهر في هذا المجمع الذي كان يطلق من خلاله الزعيم الراحل سهامه على المعارضين.

وأصبحت أسماء كتائب المقاتلين التي سيطرت على المجمع مكتوبة على الجدران في كل مكان.

وتم نقل تمثال عبارة عن قبضة حديدية تسحق طائرة مقاتلة وهو نصب أقامه القذافي خارج مبنى قصفته الولايات المتحدة عام 1986 وأطلق عليه دار المقاومة إلى بلدة مصراتة الساحلية.

والأسر التي أقامت منازل ليست الوحيدة التي جاءت إلى هذا المجمع. إذ إن الباعة الجائلين يوم الجمعة ينصبون بضاعتهم المختلفة من الطعام إلى الملابس إلى الأجهزة الكهربائية.

ويسعى جاهدا المجلس الوطني الانتقالي الذي يتولى حكم البلاد حاليا لبسط سيطرته على البلاد التي تزخر بالأسلحة ولم يعلن بعد خططا ملموسة لباب العزيزية لكن ما زال هناك حديث عن تحويل المجمع إلى متنزه.

وقال زكي سالم وهو متحدث باسم الأسر إنهم أرسلوا خطابات إلى السلطات المحلية يقولون فيها إنهم انتقلوا إلى هذا المجمع وإنهم يأملون أن يعاد تسكينهم في حالة تطوير هذا الموقع.

وأضاف سالم شأنه شأن ماجد أنه كان يخشى أن يوقف حتى سيارته في أي مكان قرب باب العزيزية.

ومضى يقول "أملنا في حكومة عادلة. وما اعتقدش فيه حكومة عادلة تاخد أفراد من شعبها ترميهم في الشارع".

وتابع "ما كنت تتجرأ تزورها من الخارج.. حاليا انت عايش في وسطها.. حسيت بالفعل إني مواطن ليبي صاحب عزة وكرامة نقدر أننا نعيش.. لأن ما فيش حاجة ممنوعة علينا... ما فيش نقطة محرمة علينا... نقدر نعيش في أي مكان فيها".


الخبر السابق - الخبر التالي تحضير للطباعة أرسل هذا الخبر إنشاء ملفpdf من الخبر
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع

أخبار أخرى

  • 2021/12/20 10:46:03 وفد مساعدي أعضاء الكونجرس الأمريكي يشيد باجراءات الإصلاح الاقتصادي في مصر
  • 2021/12/12 6:43:20 وفد من جنوب السودان يصل إلى الخرطوم لبحث تنفيذ اتفاق البرهان وحمدوك
  • 2021/12/7 6:45:24 اليوم.. مصر تحتضن مؤتمرًا دوليًا لمواجهة التغيرات المناخية
  • 2021/12/1 10:56:01 بعد قليل.. فتح الطيران المباشر بين مصر والسعودية
  • 2021/11/30 10:50:04 برلمانية: معرض إيديكس 2021 رسالة ردع لكل من يحاول تهديد أمن مصر
  • 2021/11/30 10:47:31 عضو «السيادة السوداني» يبحث سبل حل قضية شرق السودان
  • 2021/7/18 5:24:27 «تطورات خطيرة».. السودان يكشف انخفاض مياه الأزرق لـ 50% بسبب سد النهضة
  • 2021/7/18 5:14:46 مصر سترصد الفضاء بثاني أكبر تلسكوب في العالم
  • 2021/2/13 11:24:06 إثيوبيا تمارس "الاستيطان الإسرائيلي" وينقصها الشجاعة لإعلان الحرب
  • 2021/2/13 11:20:57 مصر تنتظر توضيح مواقف إدارة بايدن من قضايا الإقليم
  • 2021/1/13 8:18:25 تصفية أشهر وأعرق شركة تأسست في عهد جمال عبد الناصر
  • 2020/12/29 4:53:31 الجيش المصري يستعد في شمال سيناء
  • 2020/12/28 9:06:31 على أعتاب الاكتفاء الذاتي في سلعة استراتيجية
  • 2020/12/27 7:21:04 السيسي: اتفاق سد النهضة يجب أن يكون ملزما ويحفظ حقوق مصر
  • 2020/12/13 8:50:00 يغلق معبر أرقين الحدودي مع مصر
  • 2020/12/12 11:18:08 715 مليون يورو تمويلات فرنسية إلى مصر.. وهذه تفاصيلها
  • 2020/12/6 6:31:09 البعثة الأممية في ليبيا تعلن نتائج التصويت على مقترحات آلية اختيار السلطة التنفيذية الموحدة
  • 2020/12/6 6:20:50 إقالات ودعوة لـ"يوم غضب" إثر مقتل طبيب بسقوط مصعد معطل
  • 2020/11/30 5:28:26 البرلمان الليبي يدعو لعقد جلسة خاصة
  • 2020/11/30 5:26:54 تسجيل 66 وفاة و1271 إصابة جديدة بفيروس كورونا
  • 2020/11/28 8:12:19 السودان تشيع جثمان زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في جنازة مهيبة
  • 2020/11/25 10:58:44 السيسي: لقاح فيروس كورونا سيكون متوفرا في مصر منتصف العام المقبل
  • 2020/11/23 10:05:05 ماذا يعني انسحاب السودان من مفاوضات سد النهضة؟ خبراء يجيبون
  • 2020/11/18 10:11:06 رئيس وزراء السودان يؤكد الاستعداد للتعاون مع بعثة "يونتامس"
  • 2020/11/17 11:29:29 تبادل إطلاق نيران في ظل وضع ملتبس بالصحراء الغربية وتصعيد بين الجيش المغربي والبوليساري
  • 2020/11/17 11:26:22 صراع الحرب الأهلية يشتد.. محاولات وساطة لوأد النزاع في تيغراي
  • 2020/11/17 11:03:11 بريطانيا تسعى لسحب لقب أكبر مستثمر أجنبى فى مصر من الاتحاد الأوروبى
  • 2020/11/14 10:58:35 مباحثات سودانية - أمريكية في الخرطوم
  • 2020/11/11 7:57:26 إثيوبيون بينهم عسكريون يفرون من القتال في تيغراي إلى السودان
  • 2020/11/11 7:55:21 مجلس الأعمال المصرى اليونانى: استثمارات يونانية فى مصر تخطت المليار يورو