20120326
رويترز
قال مسؤولون يوم الاحد ان اختيار بابا جديد للكنيسة الارثوذكسية في مصر قد يستغرق شهورا فيما يزيد الجدل بين المسيحيين بشأن الدور السياسي الذين ينبغي للزعيم القادم القيام به في وقت يرتقي فيه الاسلاميون الى سدة السلطة في البلاد.
وتوفي البابا شنودة الثالث في 17 مارس اذار بعد أن ظل على رأس الكنيسة القبطية الارثوذكسية لاربعة عقود. وخلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك كان شنودة المدافع السياسي الرئيسي عن مسيحيي البلاد الذين يشكلون نحو عشرة في المئة من السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة.
ومنذ الاطاحة بمبارك في العام الماضي يشعر المسيحيون بقلق متزايد بعد تصاعد الهجمات على الكنائس التي ينحون باللائمة فيها على الاسلاميين المتشددين الا أن الخبراء يقولون ان زيادة الخلافات المحلية غالبا ما تكون أيضا سببا وراء الهجمات.
وزادت وفاة البابا شنودة عن عمر يناهز 88 عاما تلك المخاوف وجعلت المسيحيين يتساءلون كيف يوصلون أصواتهم ويعبرون عن مواقفهم في وقت هيمنت فيه جماعة الاخوان المسلمين مع اسلاميين اخرين على مقاعد البرلمان ويرجح أن تكون لهم الهيمنة في وضع الدستور الجديد.
لكن منصب البابا الذي يشغله مؤقتا الانبا باخوميوس لايمكن شغله بسرعة.
وقال الانبا مرقص المسئول الاعلامي بالمجمع المقدس وأسقف شبرا الخيمة ان "باب الترشيح (لمنصب البابا) سيفتح في 27 ابريل وسيبقى مفتوحا لمدة 20 يوما" مضيفا أنه سيتم الاعلان قريبا عن تفاصيل الاختيار والاطار الزمني.
وقال بيتر النجار وهو محام في الكنيسة ان هذه العملية قد تستغرق "عدة أشهر". وعين البابا شنودة بعد حوالي ستة أشهر من وفاة سلفه.
وفي الوقت الذي يبرز فيه خلفاء محتملون فان القضية التي تشغل العديد من المسيحيين هي ما اذا كان ينبغي لرأس الكنيسة الجديد أن يسعى لكي يظل الصوت الرئيسي المعبر عنهم أم يجب عليه تشجيعهم على الانخراط بنشاط أكبر في السياسة بعيدا عن مظلة الكنيسة لضمان الحصول على حقوق يطالبون بها منذ زمن طويل.
ويريد المسيحيون تغيير القوانين المصرية بحيث تجعل بناء الكنائس بنفس سهولة بناء المساجد ويشتكون منذ زمن طويل من التمييز في أماكن العمل.
وقالت ايفون مساعد وهي مدرسة تبلغ من العمر 52 عاما "البابا المقبل يجب أن يكون له دور سياسي لحمايتنا (الاقباط) و/حماية/ حرياتنا وضمان حقوقنا. نحن بحاجة الى زعيم قوي وحكيم لدعمنا في الفترة المقبلة مع وصول الاسلاميين الى السلطة".
وكانت ايفون تتحدث بعد حضورها جنازة البابا شنودة في الكتدرائية المرقسية بالعباسية في القاهرة الاسبوع الماضي. وردد مشيعون غيرها نفس القول.
ولم تطلب الكنيسة من المسيحيين الابتعاد عن السياسة لكن البيئة الخانقة في ظل حكم مبارك حملت الكثيرين على أن يتركوا البابا ليتحدث باسمهم. ومنذ ذلك الحين بقي معظمهم على الهامش مفضلين الابتعاد عن الاضواء في الوقت الذي برز فيه الاسلاميون كقوة سياسية قوية.
وقال يوسف سيدهم رئيس تحرير صحيفة (وطني) انه يجب على المسيحيين تغيير نهجهم واتباع نهج أسلافهم الذين كانوا شخصيات بارزة في أوائل القرن العشرين في عهد كان فيه البرلمان نشطا قبل أن يطيح ضباط الجيش بالملك في عام 1952.
وقال سيدهم ان على المسيحيين الانخراط في الاحزاب السياسية بعيدا عن الكنيسة مضيفا أن المسيحيين لا يمثلون سوى 10 في المئة من السكان وأن الطريقة الوحيدة بالنسبة لهم لكي يكون صوتهم مسموعا هي المشاركة السياسية مع المسلمين المعتدلين.
وأشاد سيدهم بتركيز شنودة على احتواء التوتر الطائفي لكنه قال ان من الافضل بالنسبة للكنيسة أن تسمو فوق الخلافات السياسية.
ولكن حتى بعض المسلمين يقولون ان من غير المرجح حدوث ذلك.
وقال نجاد البرعي وهو محام مسلم وناشط حقوقي معروف "من المستحيل ابعاد الكنيسة عن السياسة لانه ليس بامكاننا ابعاد المساجد عنها... نحن في غمار عملية دينية وليست سياسية."
وبدأ النقاش بالفعل حول المرشحين لمنصب البابا لكن لم تبدأ عملية اختيار رسمية بعد.
وأبرز المرشحين ثلاثة. أحدهم الانبا بيشوي (69 عاما) وهو مطران دمياط وكفر الشيخ وخريج الهندسة وعضو بارز في المجمع المقدس.
وعلى الرغم من شعبيته بين المسيحيين فمن الممكن أن يغذي التوترات الطائفية في حالة تعيينه بسبب تصريحات أدلى بها في عام 2010 عندما شكك في صحة بعض ايات القران الكريم. واعتذر البابا شنودة عن تلك التصريحات ووصفها بأنها "غير لائقة".
والمرشحان الاخران اللذان يتم تداول اسميهمها على نطاق واسع هما الانبا يؤانس (51 عاما) الذي يحمل شهادة في الطب وكان السكرتير الشخصي للبابا شنودة والانبا موسى (73 عاما) المعروف بعمله الشبابي وبناء علاقات بين المسلمين والمسيحيين.
وتنص قواعد الكنيسة على ضرورة أن يتجاوز أي مرشح سن الاربعين وأن ينال تزكية من قبل ما لا يقل عن ستة من رجال الدين الكبار في فترة لا تتعدى شهرين بعد وفاة البابا.
بعد ذلك يتم التصويت من قبل المجمع المقدس للكنيسة لاختيار ثلاثة مرشحين فقط. ويكون الاختيار النهائي عندما يلتقط طفل صغير أحد هذه الاسماء من صندوق. ويدعو بعض الخبراء المسيحيين لتغيير النظام حتى يتخد القرار بالانتخاب.